تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ومن ذلك تقديم العناية بعلُومِ الآلَةِ وحِفْظُ ما تَيَسَّرَ مِنْ مُتُونٍ فِي النحْوِ ومصطلح الحديث ووفِيَّاتِ العلماء والفرائض، وأَوْليْتُ علومَ اللغة وعلمَ أصول الفقه عنايةً خاصةً ولله الحمد، وطالعت في كل منهما مِنْ مُخْتَصرَاتِ الفنِّ ومُطَوَّلاتِهِ عَشَرَاتٍ مِنَ الكُتُبِ؛ واقْتَنَصْتُ مِئاتٍ مِنْ نَفَائِسِ دُرَرِها ونَواصِعِ غُرَرِها ولله الحمد، وقدْ نَصَحَنَا بعضُ مشايِخِنا رحمهمُ الله أنْ نَجْعلَ لكل فنٍّ من هذه الفنون كتاباً أو كتابين يكونان عمدةً في الفن؛ يَعْكِفُ الطالِبُ على تَفَهُّمِ مسائله ويكررُ مُطالَعَتَهُ، ثُمَّ يُضِيفُ إِلَيْهِ ما يُحَصِّلُهُ مِنَ الفوائدِ من غيره من الكتب، فانْتَخَبْتُ للنحو: الآجرُّومِيَّةَ، وقَطرَ الندى، وألفيةَ ابنِ مالك بشرْحِ ابنِ عَقِيلٍ، وفي علوم اللغة: فِقْهَ اللغَةِ للثعالِبِي، وأدبَ الكاتبِ لابن قتيبة، وفَي أُصُولِ الفِقْهِ الورقاتِ للجُوَيْنِيِّ، ورَوْضَةَ الناظر، وأكادُ أَسْتَظْهِرُهُمَا حفظاً ولله الحمد. وقدْ جعَلْتُ لهذا الفن كناشاً خاصاً التقطْتُ فيه فوائِدَهُ مِن عشراتٍ من الكتب وجعلتُه كالشرح لورقات الجويني فالحمدلله الذي تتم بنعمته الصالحات.

ومن ذلك تقديمُ العِنايَةِ بِفِقْهِ الحديث علَى فِقْهِ المذاهب، فَطالَعْتُ شروحَ المتونِ الحديثية المختصرة: كعمدَةِ الأحكام، وبلوغِ المرام والمنْتَقَى، ثم شروحَ الكتب الستة مقدماً في ذلك صحيح البخاري وسنن أبي داود رحمه الله، واعلمْ أنَّ شَيْخَنا أَبا مُحَمَّدٍ السندِيَّ عليه رَحْمَةُ الله تعالى كان قَدْ دلَّنِي على فائدةٍ مُهِمَّةٍ فِي الطلب، وهي أنَّ الصوابَ فِي قراءةِ الكتُبِ الستة جعلُ صحيحِ البخارِيِّ آخرَها، قال رحمه الله: لأن البخاريَّ إِنَّما صَنَّفَ صحيحَهُ للأئمة الْمُجْتَهِدِينَ لا للطلَبَةِ الْمُبْتَدِئينَ، ولذا أَكْثَرَ فيه مِنَ النكُاتِ الفِقْهِيةِ حتى قيل: فقه البخاري في تراجمِه رحمه الله، والصوابُ أنْ يبدأَ الطالبُ بسنن أبي داود أولاً، لأنه اقْتَصَرَ علَى أحاديثِ الأحكام ولم يُكْثِر فيه مِن ذِكْرِ الخلافَات المذْهَبِيَّةِ كما صَنعَ الترمذي رحم الله الجميع.

ثم رأيتُ النهج المتبعَ عند علماء هذه البلادِ البَدْءَ بسنن أبي داود ثم الترمذي ثم النسائي ثم ابن ماجة إن أَمْكَنَ وإلا فَمُسْلِمٌ ثُمَّ البُخَارِيُّ، ومِنْ شُيوخِنا مَنْ يُقَدِّمُ النسائيَّ علَى الترمذي لِتَقَدُّمِ النسائِيِّ في الصنعةِ الحدِيثِيَّةِ وَتَساهُلِ الترْمِذِيِّ وإِكْثارِهِ مِنْ ذِكْرِ الْخِلافِ، ومِنهُمْ من يَضُمَّ إلَى النسائِيِّ أَوْ بَعْدَهُ مُوَطأَ مالكٍ؛ ولِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيها.

وَثَنَّيْتُ بِفِقْهِ المذَاهِبِ الأَرْبَعَةِ مُقَدِّماً العِنايَةَ بِمَذْهَبِ أَحْمَدَ رحمه الله لتَأَثُّرِي بِهِ مُنْذُ النشْأَةِ الأُولَى، ثم بِفِقْهِ المالِكِيَّةِ والْحَنَفِيَّةِ لأَسْبابٍ أَذْكُرُها إِنْ شاء الله فِي غَيْرِ هذا الموْضِعِ؛ وبالله التوفيق.

ومَنّ الله تعالى علي بصنعةِ التدريس فدرّسْتُ جميعَ ما قرأتهُ على المشايخِ أيامَ الطلب مِراراً وغيرَه مِنَ الكتب، ودرّسْتُ أصولَ التفسير بتلخِيصِ مَباحِثِ البرهان للزركشي والإتقان للسيوطي والتحبيرِ له أيضا، وكنتُ أطالِعُ وَقْتَ تدريسِهِ نحوَ أربعين تفسيراً ولله الحمد مُضافاً إلَى ما أَفدناهُ مِنْ مشايخنا رحمهم الله، ثم شرعت في تفسير الفاتحة إلى نِهايةِ قوله تعالى {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}، ولو جُمِعَ ذلك كانَ فِي نَحْوِ مجلَّدٍ إن شاء الله.

ثم لما منّ الله تعالى علي بالهجرةِ الْمَيْمُونَةِ من نَحْوِ سَبْعَةِ أعوامٍ عَقَدْتُ فِي ثَغْرِ كابُلَ ردَّها الله إِلَى المسلمينَ مَجالِسَ حديثيّةً في سُنَنِ أبي داود؛ معَ إملاء كثير من الفوائد على الطلاب، فتمَّ تمامُه بحمدِ الله تعالى في نَحْو خَمسين مجلساً، معَ إثباتِ السماعَاتِ لكُلِّ مَجْلسٍ ولِمَنْ حَضَرَ من الطلاب، ثم في سننِ الترمذي؛ فتمّ بحمد الله في نحو خمسة وخمسين مجلساً، سوى أحاديث يسيرةٍ تستغرق مجلساً واحداً حال دونَ تَمامِه هذه الحربُ الصليبية فَلَعْنَةُ الله علَى الظالمين، وقدْ حَضَرَ جميعَ مجاِلسِ الكتابينِ ولَدي نفعَ الله بهِ، وأَضَفْتُ إلِى هذا كلِّه

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير