جاوزت ساحله، وأسأل الله المزيد من فضله، وإنما نفعني الله تعالى بما كنتُ سمعته قديماً من العلامة الشيخِ ابنِ عُثَيمِينَ رحمه الله بإدمان النظر في كتاب تقريب التهذيبِ للحافظ رحمه الله، ثُمَّ مِنْ شَيْخِنا العلامة أبِي محمد السنديِّ عليه رحمة الله، الذي كان أوصاني بالْمُقابَلَةِ بين كلام الحافظ في التهذيب أولاً ثُمَّ في تقريب التهذيب لأَتَعَلَّمَ من ذلك طريقةَ الحُكْمِ على الرُّواةِ، ثم انتفعت كذلك باستخلاص الفوائد الحديثية والإسنادية وتقييدِها وجمعِها في كناشاتٍ أو بطاقات أو تقييدِها على هوامِشِ الكُتُبِ فاجتمَعَ لي منها آلافٌ من الفوائد ولله الحمد؛ خاصةً مِنْ فَتحِ الباري وشرْح الصحيح لمسلِم والمحلَّى لابن حزم وتاريخ دمشقَ لابن عساكر وتاريخ حلب لابن العديم وشروح السنن كبذلِ المجهود وعونِ المعبود، والأولُ أحسَنُ من الثاني في هذا الباب، وكتبِ مُصْطلَحِ الحديث والطبقات والتراجم، ومِنْ كتب المتأخرين ككتبِ العلامة الشوكاني و عبدِ الحيِّ اللكْنَوِيِّ وأبِي الطيِّبِ البُخارِيِّ والعلامَةِ الألبانِي رحمهم الله وغير ذلك من الكتب، فَتَحَصَّلَ لِي بذلك كثيرٌ مِن الفوائد مِن غيرِ مظانِّها ولله الحمد، ولو فَسَحَ الله لِي في الأَجَلِ ويسرَ لِي جَمْعَ هذه الفوائدِ وترتيبَها وتبويبَها جاءَتْ فِي نَحْوِ مُجَلَّدَيْنِ؛ وبالله وحده نستعين.
وقدمتُ قراءةَ كتب الأحاديث ومطالعةَ شروحها، المسندةِ منها كالصحيحين، والمسند، والسنن الأربعة، وشرحِ السنن للبغوي، والمنتقى لابن الجارود وغيرها، والجامِعَةِ لمتونِ الأحاديث كالمنتقى، والمشكاةِ، ورياضِ الصالحين، وصحيحِ الجامع للألباني، وجامعِ المسانيد والسنن في أربعين مجلداً للحافظ ابن كثير رحمه الله، قرأتُ منه نَحْوَ الربع ثم حالَ بيني وبينَهُ الحلُّ والتَّرْحالُ، وكُتبِ الأحاديث المشتهرةِ ككَشْفِ الخَفَاءِ للعَجْلُونِي، والمقاصد الحسنَةِ للسخاوي، وكتُبِ الضعيف والموضوع كالموضوعات الكُبْرَى للقاري، وغيرِها، وعشراتٍ مِنَ الأجزاء الحديثية مع تقييدِ ما عنَّ من الفوائد، وسنحَ من الفرائد في ذلك كله ولله الحمد.
وحفظتُ كثيراً من أخبار الرواة ووفياتِهم، وأَعانَنِي على ذلك أَنَّنِي كنتُ ألتقطُ الفائدةُ وأصوغُها نظماً وأحفظُها، فاجتمعَ عندي عشراتٌ من القِطَعِ المنظومة تحوي كثيراً من الفوائدِ فِي مُخْتلِفِ الأبواب.
فمِنْ ذلك نظمٌ فِي اخْتِلافِ العُلَماءِ فِي اسم أِبِي بَكْرِ بنِ عَيّاش، وهذا هو:
اختلفوا في إسم أبي بكر ** أعني ابنَ عَيّاش إمامَ البِرّ
فشعبةٌ يُرْوَى عن الزُّبَيرِي ** وهو اختيارٌ لابن عبْد البَرِّ
رَجَّحَهُ كذاكَ أبُو زُرعَه ** لما رَوى الأشَجُّ ومَا رَفَعَه
محمدٌ وسالمٌ ومسلمُ ** حمادُ وخِدَاشُ لا يُسَلَّمُ
حبيبُ عبدُالله ومُطَرِّفُ ** ورُؤْبةٌ ذا كُلُّهُ يُضَعَّفُ
وقال بعضٌ اسمهُ كنيتُهُ ** والحافِظُ ابْنُ حَجر يُثْبِتُهُ
وكنظم تواريخ وفاةِ بَعْضِ الروَاةِ والعُلَماءِ مَرْمُوزاً لها بِحُرُوفِ (أَبِي جادٍ) فِي رأْسِ الكَلِمِ، ومثالُهُ
1 - هنّاد بن السَرِيّ الدارمي:
فتى السَرِيِّ الدارميْ هنّادُ ** مُحدِّثٌ رَوَوْا له جوادُ
ر= 200 + م=40+ج = 3 = (ت:243).
2 - محمد بن جرير الطبري:
محمدٌ فتى جريرِ الطبري ** يَرُوقُ شَأْنُ عِلْمِهِ المُعْتَبَرِ
ي = 10 + ش = 300 = (ت: 310).
3 - شيخ الإسلام ابنُ تَيْمِيَةَ:
ثم فتى تيميةَ الحرّانِي =
ثم فتى تيميةَ الحرّانِي ** حَبْرٌ كَرِيمٌ ذلَّلَ المعانِي
ح = 8 + ك =20 + ذ = 700 = (ت: 728).
4 - الإمام النووي:
ثم الإمامُ الشَّرَفُ النَّواوِي ** عَدْلٌ وَفِي خيِّرَهُم يُسَاوِي
ع = 70 + و = 6 + خ = 600 = (ت: 676).
5 - الإمام الذهبي:
مُحَمَّدٌ فَتَى عُثْمَانَ الذَّهَبِي ** ذا حَبْرٌ مِمِِيزَ بِميزَانِ الذَّهَبِ
ذ= 700 + ح = 8 + م = 40 = (ت: 748).
¥