وإن قيل إن حفظ المتن أسرع لضبط المسائل = فيقال: سيستوفي حافظ المتن حظه من الوقت والمجهود في استشراح المتن وضبط الشرح وتصور المسائل، ويرى بعضهم أن هذا أشق وأطول ..
ـ[عصام البشير]ــــــــ[26 - 10 - 10, 10:41 م]ـ
بارك الله فيكم.
استحضار المسائل المقروءة (على طريق المطالعة والدرس) بعد شهر أو شهرين، أو حتى بعد سنة وسنتين ممكن جدا.
ولكنني أحدثك - يا أبا فهر - عن استحضار المسألة في المادة التي لست متخصصا فيها، بعد عشرين أو ثلاثين سنة أو أكثر.
وهذا في مشايخ المتون موجود مشاهد. ولوالدي وبعض مشايخي من ذلك أمور عجيبة.
أما في أهل المطالعة فلا أظن.
أما أصحاب الجامعة، فأنا بهم خبير.
يستحضرون مادة اختصاصهم جيدا، وهذا لا إشكال فيه. ونحن أخذنا نظام الجامعة من الغرب، وهو مبني على التخصص.
ولكن لا أعرف جامعيا متفننا، إلا أن يكون صاحب دراسة خارج الجامعة.
وقد سألت في بعض الأحيان بعض طلبة مرحلة الماجستير في تخصص الفقه عن تفصيل زكاة الأنعام، فلم يأت بطائل، ولو كان يحفظ في ذلك بضعة أبيات من أي متن فقهي لمر في الجواب كالسهم.
وقس على هذا كثيرا غيره.
وأنا أحدثك عن شيء خارج العلوم الشرعية.
هذه العلوم الكونية (الرياضيات والفيزياء .. ) التي درسناها وأتقناها، فهما وحفظا، كلها ذهبت إلا المهارات والفهم العام. أما المسائل والمبرهنات والخواص، فطارت مع الريح.
وأنا الآن أستحضر بعض الأبيات التي حفظتها منذ بضع وعشرين سنة، ولم أراجعها فيما بعد. وذلك لأن الأبيات الشعرية لها خاصية الرسوخ في الذهن، وسهولة الاستحضار.
ثم إن المقارنة التي عقدتها بقولك (وأنا فيه أتقن من كثير ممن رأيتهم يحفظون فيه متوناً بل وألفيات) محل نظر، فالمقارنة تكون كما يقول الفلاسفة والاقتصاديون ceteris Paribus أي مع التساوي في كل شيء آخر.
فتفوقك ليس بالضرورة لمنهجك في القراءة، ونقصهم ليس بالضرورة لحفظهم المتون.
وهذه الوسائل كلها اجتهادات بشرية كما لا يخفى، ولكن على الطالب أن ينهج من الطرق ما كان مسلوكا، ويبتعد عن المهجور، إذ لا يضمن فيه الوصول إلى مبتغاه.
واختلاف الرأي في مثل هذا لا يفسد للود قضية.
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[26 - 10 - 10, 11:18 م]ـ
بلاشك لا يفسد للود قضية بل هذا ما أؤكد عليه دائماً من أن هذه المسائل صناعية ..
وإنما نحاول تحرير ما يمكن أن نتفق عليه في هذه الأبواب ..
فدعواي (للتذكير): أن المنهجية الأفضل في الدراسة ليست هي المتون أبداً ولا الكتاب المدرسي أبداً، وأن أحدهما لا يُذم أبداً، وأنه لا يوجد حكم عام في هذه المسائل ..
وظني يا أبا محمد أن ما ذكرتَه من الفروق في الضبط بين صاحب المتن وغيره = راجع للمراجعة وليس لخواص لازمة في المتون ..
وأن صاحب المتن المنظوم أو المنثور لو تركه عشرين سنة = سينسى أكثره،كما أن دارس الكتاب المدرسي لو تعهده بالمراجعة كما يراجع أصحاب المتون متونهم = لما نسي ..
ولولا ذلك = لما نص الشناقطة على وجوب المراجعة ورتبوا للمتون برنامجاً لمراجعتها بحسب أحجامها ..
ورسوخ الشعر وغيره هو رسوخ جزئي سيذكر بيتاً وبيتين ويفوته غيره، كما أن دارس الكتاب المدرسي يذكر أشياء أخرى ..
وكل هذا داخل تحت النظام العام لعمليات الدرس والاستظهار والتذكر لا يمكن فصل المتون عن غيرها فيه إلا بفروق غير مؤثرة ..
وكما رفضتَ مقارنتي للفروق الخاصة -وأوافقك على هذا - فدعنا أيضاً لا نعول على من يتذكر متنه كاملاً أو حتى نصفه بعد عشرين سنة ..
ـ[أبو همام السعدي]ــــــــ[26 - 10 - 10, 11:27 م]ـ
باركَ الله في مشايخنا جميعاً ...
وصدق الشيخ أبو فهر في تنويهه على التفريق بين (الحفظ) و بين (حفظ المتون) ....... فبابُ الحفظ لا يحتاج المطلع إلى أن يطلع إلى النماذج الكبيرة (من كثرتها) ولله الحمد.
والتدليل عليه لا ينتهي في سفر كبير!!
لكن حينما يجد المطلع بعض انشغال الطلبة في بعض المتونِ العلمية هو: إشغال الوقت عن أمور تفوق الحفظ بالشيء الكثير الكثير.
فقد يكونُ (التوسع الزائد) أو يكون (الانتقال إلى مستوى عالٍ جداً) أو (الاهتمام بعلمٍ لا يَحتاجُ إليه في واقعه الحالي) وتراه إن سألته عن المبادئ لا يعرف في ذلك صرفاً ...
وفي المقابل الآخر: تجدُ أن بعض المهتمين بالمتون العلمية -بل الكثير- (لولا حفظه المتن) لما استطاع استحضاره المسألة أبداً.
فتراه يحفظ " الشاطبية " حتى يعرف قراءة فلان من فلان.
وتراه يحفظ " ألفية الحديث " ليرتب مسائل المصطلح وتعريفاته عن غيره.
وعلى كلّ حال فإن - الحكمَ الصحيحَ - يرجعُ إلى حالِ الشخصِ ومستواه ... فإن هذا هو الحكم المصيب , وأما التدليل بأناسٍ فعلوا كذا -وما فلِحوا- وأناس تركوا كذا -وفلحوا- فليسَ له إلا زاوية لا تتقدم إلا إذا توسعت الدار -ولن تجدَ هذا-.
وفي نهايةِ الأمرِ: للمسألةِ نظائر تتقارب فيها الأفكار بالتوافق.
¥