وللمحافظة على الكتاب ينبغي تلافي الأوضاع الخاطئة التي تعرض الكتاب للتلف أو: التمزق، ومنها:
1 - وضع الكتاب مقلوباً، أو: تركه مفتوحاً لفترة طويلة.
2 - فتح الكتاب بقوة، أو: فرك الصفحات باليد، أو: بلَّ الأصبع باللعاب الكثير لتقليبها.
3 - وضع الكتب بعضها فوق بعض، وإنما ينبغي أن تكون جنباً إلى جنب.
4 - وضع الكتب ذات القطع الكبير فوق الكتب ذات القطع الصغير مما يتسبَّبُ في سقوطها وانخلاع أغلفتها.
5 - وضع الكتب بشكل مائل في المكتبة، والصحيح أن توضع بشكل قائم.
6 - تقليب الصفحات بشدة أو: بسرعة وعصبية، وينبغي عدم اللجوء إلى العنف والعشوائية في فتح الصفحات الملتصقة نتيجة لخطأ القصَّ في المطبعة وإنما تستخدم السكين أو: الفتَّاحة المخصصة لهذا العرض، وليكن فتح جميع الصفحات الملتصقة متوالياً حتى لا يحتاج القارئ إلى التوقف المتكرر عن القراءة.
7 - احتكاك الكتب أثناء تحريكها بجسم صلب كزوائد الخشب وأطراف الحديد.
8 - استخدام الكتب كمخدة أو: مروحة أو: مكبس، أو: مسند، أو: متكأ، أو: مقتلة للبق، أو: مائدة لوضع طعام أو: شراب، رأى بعض الحكماء رجلاً قد جلس على كتاب، فقال: (سبحان الله! يصون ثيابه ولا يصون كتابه، لصون الكتاب أولى من صون الثياب) [18].
وينبغي حماية الكتب مما يتساقط عليه من الأطعمة والأشربة وخصوصاً أثناء السفر والرحلات والقراءة على مائدة الطعام.
9 - طي حاشية الورق أو: زاويتها ليعلّم المكان الذي وقف عنده مثلاً.
وينبغي بدلاً من ذلك وضع إشارة خفيفة قابلة للإزالة، وكان العلماء يكتبون كلمة (بلغ) للدلالة على المكان الذي وصل إليه.
–ولكن بشرط أن تكتب كلمة (بلغ) بقلم الرصاص ليتم إزالتها بسهولة- ويمكن وضع علامة رقيقة كورقة أو: خيط في المكان الذي وصل إليه ويجتنب استخدام عود أو: شيء جاف.
10 - الكتابة بأقلام غليظة أو: الكتابة بقسوة أو: بقلم ريشته حادة وخصوصاً أثناء التصحيح مما يؤدي إلى تخريق صفحات الكتاب، وكذلك من المؤسف ما يقوم به البعض من تشويه شكل الكتاب ومنظره من الداخل والخارج بالإشارات الغليظة والرسوم المختلفة على الكتاب أثناء القراءة.
11 - الإهمال في استخدام الأقلام ذات الحبر السائل عند الكتابة على الكتاب وينبغي تحاشي المواد التي تترك أوساخاً أو: آثاراً على اليد كالأحبار، لأنها تنتقل عند المسك والإرتكاز والحمل من يد الكاتب إلى الكتاب.
12 - إهمال الصفحات التي تعرَّضت للشق أو: الخرق، وعدم الإسراع في رتقها وإصلاحها بالشريط اللاصق، وإذ صارت غير قابلة للإصلاح فيمكن تصويرها وإلصاق الصورة.
13 - لف الكتاب على شكل بوق أثناء حمله، أو: تحويل الكتاب إلى صندوق توضع فيه الأقلام والمسَّاحات وغيرها.
14 - رمي الكتاب أو: إلقاؤه من أعلى، بل: ينبغي تسليمه باليد حتى لا يتعرض للتمزيق، وهذا الخطأ يقع فيه عدد من الطلاب والمعلمين وخصوصاً عند توريع كتب وكراريس التلاميذ.
15 - صف الكتب أو: تكديسها على الأرض مباشرة مما يعرضها للأرضة والرطوبة والعفونة وغيرها من عوامل التلف، ويستحسن وضعها على لوح خشبي أو: سطح عازل، أو: أن تُجْعل في رفوف أو: خزانات نظيفة والمبادرة عند اكتشاف كتاب بدأت الأرضة بأكله إلى المسارعة بعزله واستخدام الأدوية المعالجة لذلك.
وقد جمع أحد الشعراء الأخطار التي تحصل الكتاب في هذين البيتين:
عليك بالحفظ دون الجمع في الكتب * فإن للكتب آفاتٍ تفرقها
الماء يغرقها والنار تحرقها * والفأر يخرقها واللص يسرقها
من طرائف ما يروى في المحافظة على الكتب وأوراق العلم ما يرويه المبرد: أن رجلاً أتى الأصمعي فسأله أن يكتب له شيئاً من العلم فكتبه له، فلما كان بعد أيام عاد إليه فقال: يا أبا سعيد إن ذلك القرطاس [19] الذي كتبته لي سقط مني فأكلته الشاة، فأحب أن تكتب لي غيره ثانياً، فكتب له، وكتب أيضاً:
قل لبغاة الآداب ما وصلت * منها إليكم فلا تضيعوها
ضمنوا علمها الدفاتر والحبر * بحسن الكتاب أوعدوها
إن اشتريت يوماً لأهلكم * شاة لبوناً فلا تجيعوها
فإن عجزتم ولم يكن علف * يُشبعها عندكم فبيعوها [20]
وعلماؤنا ثروة عظيمة لا تقدر بثمن: (ولذا تعظم المصيبة بفقدهم، وتَعُم الرزية بموتهم).
تعلّم ما الرزية فَقْدُ مَالٍ * ولا شاة تموت ولا بعير
ولكن الرزية فَقْدُ حُرٍّ * يموت بموته بشر كثير
¥