وإخْوانٍ حسبتُهم دُرُوعًا فكانوها ولكنْ للأعادي
وخِلتهم سهامًا صائباتٍ فكانوهَا ولكن في فؤادي
وقالوا قد صفَتْ منّا قلوبٌ لقد صدقوا ولكن عن ودادي
فكان ماذا؟! إجهاضٌ علمي وبَسْ لا غير.
هلاّ تأدب هؤلاء ومن على شاكلتهم بما يقرؤون عن سلفنا كالإمام الشافعي رحمه الله تعالى حين قال: وددتُ أن الناس تعلموا هذه الكتب ولم ينسبوها إليّ.
وفي رواية: وددتُ أن كل علم أعلَمُه تعلّمه الناس أؤجر عليه ولا يحمدوني.
وفي أخرى: وددتُ أن الناس نظروا في هذه الكتب ثم نحلوها غيري.
إذ لم يكن قصدُه رحمه الله ورضي عنه -كما قال أبو شامة- مِنْ وَضْع الكتب وتسييرها في الناس إلا أن يفهموها، تبرئا إلى الله تعالى من حوله وقوته، وقد كان غير ملتمس بها ذكرا ولا في الدنيا شرفا.
وعلى هذا أهل العلم قرنا بعد قرن.
أما بعد:
فيا أيها الدكتور الناشر (جمال عزون) اتق الله فيما تنشر، إن كان لك وازع من التقى، لقد نشرتَ نسختي عدوانا منك بغير إذني، ولم أحللها لك لتنشرها؛ فلا اعترفتُ لك بعملك؛ إذْ سأنشر بإذن الله تعالى فصلا ألحقه بنشرتَي لهذا الكتاب، وكذا لحديث المبعث، أتتبَّعُ فيه أخطائك وأوهامك التي أبانت عنها عينُ النظر والتدقيق، فلم تكن حُزْتَ بسبقك تفضيلا ..
أما أنت أيها الصاحب (تقمونين) فلقد تلوَّث الهواء بيني وبينك، إذ خنتَ بيننا عهدًا كان، فلا أقرُّ لك أبدًا بصنيعك ولا كرامة.
وأقول فيكما بقول أبي شامة (2):
قلتُ لمن قال أما تشتكي ما قد جرى فهو عظيمٌ جليل
يقيِّضُ الله تعالى لنا من يأخذ الحق ويشفي الغليل
إذا توكلنا عليه كفى فحسبُنا الله ونعم الوكيل
ويا أيها القارئ، إنّ في طلعة الشمس ما يغنيك عن زحل. فسأنشر عملي على النمط الذي ارتضيتُه إذ لم أنقُض غَزْلي هذه المرّة من بعد قوّة أنكاثا. فانظرْ فيه واستفد، فكم ترك الأوّل للآخر، وقسْ وفاضلْ واعل في السند، فإنّ ذلك سنةٌ ماضية.
كما قيل:
وطَلَبُ العُلُوِّ سُنّةٌ ومَنْ يُفضِّلِ النّزولَ عنه ما فَطَنْ (3)
وكتبه محتسبا محوقلا: أبو الطيّب عبد الرحمن حمّادو الكتبي الجزائري
(1) هو علي ابن فضّال القيرواني ت 479 هـ (بغية الوعاة 2/رقم:1746).
(2) نقلها عنه الأسنوي (2/رقم: 716).
(3) من ألفية الحافظ السيوطي في علم الحديث (ص191).
ـ[أبو الطيب الجزائري]ــــــــ[13 - 03 - 05, 09:45 م]ـ
وإليكم أنموذج على هذا الرابط:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=27349
ـ[جمال عزون]ــــــــ[30 - 03 - 05, 08:41 م]ـ
بقلم
جمال عزُّون
بسم الله الرّحمن الرّحيم
الحمد لله ربّ العالمين، والصّلاة والسّلام على رسوله الأمين، وعلى آله وأصحابه أجمعين.
أمّا بعد:
فقد تيسّر لي ـ بحمد الله تعالى ـ قبل بضع سنوات زيارة بعض المدن الجزائريّة بحثا عن نوادر تراث أعلامنا الميامين، وفهرسة ما أمكن الوصول إليه من آثارهم النّفيسة، وأعلاقهم القيّمة، ونشرت مقالا مطوّلا في ملحق التّراث بجريدة المدينة عنوانه: أضواء على التّراث المخطوط بالجزائر، وآخر بعنوان: جولة على التّراث في بعض مدن الجزائر، ومن جملة المكتبات التي رأيتها على عجل مكتبة الشّيخ العربي طوبال بمدينة البرواقيّة والتي آلت إليه من مكتبة الشّيخ المفتي المجّاوي الجزائري، وظفرتُ فيها بكنز تراثي نادر وهو مجموعة رسائل للعلاّمة الفقيه المؤرّخ أبي شامة المقدسي رحمه الله تعالى مضمومة في مجلّد واحد، وأهمّ ما في ذلك المجموع كتابان نادران له:
الأوّل: شرح الحديث المقتفى في مبعث النّبيّ المصطفى صلّى الله عليه وسلّم: شرح به حديث مبدأ الوحي الذي حفظته لنا أمّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها.
الثّاني: خطبة الكتاب المؤمّل للرّدّ إلى الأمر الأوّل: جعله أبو شامة مقدّمة بين يدي كتاب كبير جعله أبو شامة مقدّمةً بين يدي كتاب كبير أمّل كثيرا أن يقدّر له الظّهور سمّاه: " العلم الجامع بين الفقه والأثر ورَدُّ ما اخْتُلِفَ فيه إلى القرآن والخَبَر بصحيح النَّظَر "، فاخترمته المنيّة دون خروج هذا الكتاب، وبقيت لنا مقدّمته النّادرة التي نشرت قديما باسم: " مختصر المؤمّل " ونشرتُه باسمه الصّحيح: " خطبة الكتاب المؤمّل للرّدّ إلى الأمر الأوّل ".
وسعدتّ كثيرا بهاذين الكتابين لمّا عاينتهما في نسختهما الأصليّة، وسبب سعادتي يعود لأمرين:
¥