تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ج ـ أمّا ضربك لأخيك المثل بالحمّى ففيه نوع سبّ لها والرّسول الكريم صلّى الله عليه وسلّم يقول: لا تسبّوا الحمّى فإنّها تذهب خطايا بني آدم. والعجيب أنّ أوّل اسمك الكريم حمّى، فكيف ترمي أخاك بشيء هو علامة عليك به تعرف عند النّاس يا أبا الطّيّب.

د ـ وأمّا ذكرك للطّاعون في سياق التّباحث مع أخ لك في الإسلام، ساع مثلك في تحقيق ما تيسّر من كتب التّراث، فلا أدري له وجها، وما كان أغناك عنه، ومع ذلك أذكّرك بقول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " من مات في الطّاعون فهو شهيد "، جعلنا الله وإيّاك من الذين طَعَنُوا في السنّ طائعين لله، وظعنوا طلبا للعلم ابتغاء مرضات ربّهم، ولم يأبهوا إذا طُعنوا في ظهورهم من إخوانهم. وآمل منك تجديد النّظر في كتاب الحافظ ابن حجر: " بذل الماعون في أخبار الطّاعون " لتدرك جليّا متى يحسن استعمال مثل هذا اللّفظ في محلّه المعتبر شرعا.

هـ ـ وترميني ـ يا رعاك الله ـ بطاعون النّشر وأنت الذي تعمل في تلك الدّار البيروتيّة المشهورة كغيرها بقرصنة كتب التّراث، واستكثارها من سرقة جهود الغير، وإصابتها بشكل واضح لا يخفى بطاعون النّشر كما تقول!

5 ـ قولك ـ حفظني الله وإيّاك ـ: " وهذا الزّغل آسف لوقوع مثله، وقد كنتُ أظنّ فيه النّجابة في العلم والأدب والأخلاق ".

وجوابه من وجوه أهمّها:

أ ـ الزّغل في عرف أهل اللّغة هو الغشّ وهو من سفاسف الأخلاق، وأعيذ نفسي وإيّاك أن نقع في الغشّ فإنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم يقول: " من غشّنا فليس منّا ". وغاية ما صنع أخوك الذي رميته بما رميت تحقيق كتاب فيه نصح تامّ باتّباع الكتاب والسّنّة وإحياء المنهج الأصيل في استنباط الأحكام الشّرعيّة الذي أصّله أئمّة سادوا، إن تأمّلتَ يا أخيَّ حمادو. واعْتَمَدَ في تحقيق ذاك الكتاب على نسختين إحداهما بخطّ إمام في السّنّة وثانيهما بخطّك نقلا عن أصل فُقد، وأشدتُّ باسمك الكريم، ذاكرا في المقدّمة توفيق الله إيّاك لنسخه، أفتعدّ هذا ـ يا أيّها العاقل ـ زغلا ترمي به غيرَك. ويبدو لي أنّك " زَعِلْتَ " ـ أي غضبت على لغة أهل مصر ـ و" تَغَزَّلْتَ " ـ على لغة أهل الجزائر ـ لمّا رأيتَ الكتاب محقّقا مجوّدا مخرّجا مفهرسا مشكّلا مقابلا مترجما، فـ: " فزَعِلْتَ " ـ يعنى نشطت ـ لتوجيه اتّهام بـ: " الزّغل "، واقلب هذا المصدر لترى أنّ وراء هذا الاتّهام " لغزا " أنت أدرى النّاس بخوافيه، وافصل أداة التّعريف من كلمة " الزّغل " مقدّما للام التّعريف وسينتج عندك ـ يا أيّها الفاضل ـ: " لا زغل ".

ب ـ وما ذكرت من ظنّك في أخيك النّجابة في العلم والأدب والأخلاق، فأنا شاكر لك حسن ظنّك به، راج من المولى أن يجعلنا جميعا ممّن عَرف قدره فلم يتجاوزه، وأدرك حجمه فلم يتعدّاه، واعلم أنّ غاية أمرنا أن نكون من طلبة العلم الذين يسعون إلى صلاح أنفسهم، والتّدرّج في مراتب العلم الذي يطلبون، وأقول كما قال الصّديق الأكبر: " اللّهمّ لا تؤاخذني بما يقولون، واغفر لي ما لا يعلمون، واجعلني خيرا ممّا يظنّون ".

ولستُ أشكّ أنّ أخانا أبا الطّيّب قد ساء فهمُه فساء على أخيه ظنُّه، وغاية ما صنعتُ تحقيق قد علمته، ونشر قد عرفته، وهبك أنّ العبد الفقير قد أخطأ عندما جعل منتسختك ثاني النّسختين وهو السّابق للكتاب، والمشيد بك، أفتنقلب عليه هكذا، وتصله بالظّلم والأذى، وترميه بالفحش والقذى، إذاً كيف يبقى لك خليل، أو يدوم لك زميل، وأنت مستعدّ أن تتّهم من ظنتت فيه النّجابة في العلم والأدب والأخلاق، وتَسِمُه ـ لقصور في العلم وسوء في الفهم ـ بالزّغل وحمّى طاعون نشر الأوراق، والاستكثار والقرصنة لجهود الرّفاق، فهل يصحّ لي أن أقول عنك: " وهذا الزّغل آسف لوقوع مثله فيه، وقد كنتُ أظنّ فيه النّجابة في العلم والأدب والأخلاق ".

ج ـ ثمّ هوّن عليك ـ يا أبا الطّيّب ـ وأُرشدك ـ ملتمسا لا آمرا ـ أن تطالع كتاب: " بيان زغل العلم " للحافظ الذّهبي، و" نقد الطّالب لزغل المناصب " للعلاّمة ابن طولون، لتدرك ضوابط " زغل العلم " عند أهل العلم، والكتاب الثّاني من منشورات دار الفكر المعاصر وليست عنك ببعيد، أيّها الخِلُّ السّعيد.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير