2 ـ قولك: " نسأل الآن الدّكتور ونتحاكم إلى مقاله المثالي الجميل فنقول له: سبحان الله ألم تكن كفيت بعد الشّقّة، والمعرفة الجيّدة بأخباري!؟ ألم تكن علمت بأنّني أشتغل على تحقيقه منذ سنين عدّة، ولم يكن مجرّد أمنية (في حجز الكتاب) ".
جوابه من وجهين:
أ ـ بلى ـ يا رجل ـ هاتفتني وأخبرتني بما نويتَ، وأعلمتك بما تهيأ لأخيك من أسباب نشره للكتاب قبلك بمراحل لو كنت تعقل، وصارحتك أنّني أسعد لو نشرتَه، كما ينبغي لك أن تسعد إذ نشرتُه، والسّنون التي تلمح إليها هي سنون عجاف، وشنشنة منك عرفناها وغرفناها، وعهدناها وحفظناها، وعلمنا أنّك مكثار للكلام، مدّع لتحقيق عدد من مخطوطات الأعلام، واسع الأماني في الاهتمام، حاجز لكمّ من كتب ذوي الأفهام، أمّا أخبارك فلست بالحريص عليها، ولا بالسّاعي إليها، حاشا أن أجوّد معرفتي بتفاهاتك، وأملأ دفاتري بترّهاتك، من أنت يا مسكين، ومتى درست يا سِكِّين، وماذا حقّقت يا سَكين، " تلك أمانيّكم قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين ".
ب ـ وقولك: " كفيتَ بعد الشّقّة " نعم كفيتُ بعد الشّقّة، وأنا في الشّقّة، محتس للمَرْقة، كاتب في الوَرْقَة، أنّك موفّق موقّى، فخرجتَ للزّنقة، واتّهمتنا بالسَّرْقَة، في كلام كالغَرْقَة.
3 ـ قولك ـ هداك الله ـ: " وهذا سماعا منّي ومن لفظي، وكان لك به إسناد عال كالسّكّرة، صحيح لذاته متّصل بشرط المعاصرة واللّقي، خال من العلل والشّذوذ والنّكارة والاضطراب، والدّليل على ذلك أنّك شددتَّ عضدي بالنّسخة التي أرسلتَها إليّ لأقابل بها!؟ ".
جوابه من وجوه:
1 ـ نعم سمعتُ ذاك منك ومن لفظك، كما سمعتَه أنت تماما مني ومن لفظي، وأخبرتك أنّ الأسباب اجتمعت لي قبلك بمراحل في تحقيق هذا الكتاب، وتوفّر نسخة شيخ السّنّة لي من دهر، ولو نشرنا الكتاب عليها لأغنت، ووفّت وسدّت، ولكن بفرعك استأنسنا، ولجهدك شكرنا، ومع ذاك نبّهتك أنّني سعيد بنشرتك، فانتظرنا ومللنا، وشُغلتَ وعملنا، وبتحقيق الكتاب وفّينا، فتأخّرت كعوائدك، ونطقت بغوائلك.
2 ـ وقولك: " وكان لك به إسناد عال كالسّكّرة "، كما كان لك به إسنادٌ عال باللّسان والحنجُرة.
3 ـ وقولك: " صحيح لذاته متّصل بشرط المعاصرة واللّقي " كصحّة سندك إليّ موصولا بالمعاصرة واللّقيّ، لا بالمغاضرة واللَّقِيّ.
4 ـ وقولك: " خال من العلل والشّذوذ والنّكارة والاضطراب " كخلوّ سندك إليّ من تلك العلل، أعاذك الله من كلّ العلل.
لكن أذكّرك بشرط هامّ أغفلت ذكره وهو عدالة الرّاوي، والعدالة كما تعلم: مجموعة من الصّفات تحمل صاحبها على ملازمة التّقوى واجتنباب ما يخلّ بالمروءة!
5 ـ وقولك: " والدّليل على ذلك أنّك شددتَّ عضدي بالنّسخة التي أرسلتَها إليّ لأقابل بها!؟ " جوابه ـ يا محبّ ـ أنّ أخاك شدّ عضدك بنسخة شيخ السّنّة لأمور:
أ ـ أنّ العلم رحم بين أهله، تفيد غيرك ويفيدك غيرُك.
ب ـ ما تعلّمناه من شيوخ العلم من الجود بنسخ التّراث وعدم الإمساك والجزع من وقوف طلبة العلم على نسخ المخطوطات.
ج ـ علمتُ باشتغالك بتحقيق الكتاب فأرسلتُ النّسخة إليك، وعلمتَ باشتغالي بتحقيقه قديما على نسخة شيخ السّنّة واعتضدنا بفرعك الجازع له فكان ماذا يا أخا الإسلام.
23 ـ قولك ـ بصّرك الله ونضّرك وعلى نفسك نصرك ـ: " ألم يكن هذا من قبيل تحقيق مكرّر لكتاب واحد ".
جوابه من وجوه:
1 ـ اهتمامي بتحقيق خطبة المؤمّل يعود إلى فترة قديمة، حيث وقفت على نسخة شيخ السّنّة المحفوظ صورتها في الجامعة الإسلاميّة، وازداد عزمي على التّحقيق لمّا رأيتُ في البرواقيّة نسخة أخرى، وأعلنتُ عنها وأشدتّ بها، وحقّقتُ الكتاب وطبع، وقضي الأمر، وأنت مدّع ـ بعد هذا كلّه ـ أنّك طابعه قريبا، فمن السّاعي إلى تحقيق مكرّر لكتاب واحد إن كنت من العاقلين، ونأيت عن شيم الغافلين.
2 ـ الفقرة التي نقلتَ من مقالي آنف الذِّكْر جزء من ورقة عمل شاركتُ بها في إحدى النّدوات العلميّة بعنوان: ظاهرة تعدّد طبعات الكتاب الواحد، ونبّهت فيها إلى أنّ ثمّة كتبا يحسن أن تكثر بها النّشرات لأنّها تخدم جانبا مهمّا من العقيدة وهو اتّباع الرّسول صلّى الله عليه وسلّم وجعل سنّته هي المنبع مع الكتاب في استنباط الأحكام الشّرعيّة. فتعدّدها بتعدّد محقّقيها المعتبرين مستثنى من قضيّة إعادة طبع الكتاب الواحد.
¥