تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أمّا أخوك بلا فخر أو ملق، فقد اعترف له بجودة ما نشر وحقّق، جمع من أهل العلم والفضل، والصّلاح والنّبل، مع توجيهات سَعِدَ ـ والله ـ بها، وتصحيحات فَرِحَ ـ تالله ـ جدّا لها، فماذا نقول نحو جمع اعترفوا وأبيت، وشكروا وآنيت، وسعدوا وآذيت، أنت إذا ضعيف خالف ثقاتا، وصار خبرك منكرا بتاتا، أم تقول: بل أنا ثقة خالفهم، وباعدهم وما حالفهم، نقول إذا: شذّ في الورى خبرُك، وعاد إليك حجرُك.

إنّ المسلم ـ يا أخا الإسلام ـ لا يرجو بأعماله اعتراف الخلق، بل يبتغي بها ثواب الحقّ، وما عليه إلاّ أن يخلص الأعمال، ويتقن الإعمال، ويحذر الإغمال، ويبعد الإهمال، وأمّا بنو آدم فمهما بذلت الجهود، وبنيت السّدود، ووفّيت العهود، فما أنت بنائل إجماعا، ولا واجد من ذاك باعا، فلا تحزن وتراعى، أو تجزع كشأن الباعة، ولا تفكّر في ذا ساعة، وأحسن للجماعة، ترقّبا للسّاعة، واحذر الشّاعة، فهي لمصدّقها شناعة، وذلّ وبشاعة، وابتغ في جميع ما تعمل وجه الله، وأرضه يُرضي عنك عبادَ الله.

41 ـ وقلتَ: " إذ سأنشر بإذن الله تعالى فصلا ألحقه بنشرتي لهذا الكتاب، وكذا لحديث المبعث ".

أقول: مرحبا بنشرتك، وحَيْهَلاً ببِشْرَتِك، وبفصلك نسرّ بك، وفضلك نعزو لك، وهذا الذي أدعو إليه دائما، وأراه بعد النّشر لازما، ولا يمكن الارتقاء بنصوص الأعلام إلى المستوى المطلوب، إلاّ بقراءة فاحصة للنّصّ المحقّق المكتوب، وإبداء نظرات أخرى في القراءة يحتملها الرّسم، قد تكون غابت عن عين المحقّق وإن كان من ذوي الفهم.

42 ـ وقلتَ: " أتتبّع فيه أخطاءك وأوهامك التي أبانت عنها عين النّظر والتّدقيق ".

أقول: الجواب من وجهين:

1 ـ الخطأ والوهم أمران لا يسلم منهما بشر، والانفكاك عنهما أمر عسر، ومن ادّعى ذلك فقد جاء بشيء نُكُر، وقد رأينا من شاخ في التّحقيق كلّ العُمُر، زاغ قلمه وخانه البَصَر، ونشر أصحابه في الصّحف والزُّبُر، قراءات أخرى كالدّرر، وسعد الجميع بالتّصويب وانتشر، بين الأصحاب حُبٌّ وحَبَر، فكان نقصٌ بالتّوجيه والنّقد انجبر.

فيا حُمَيْمِدْ هذه نظرة أخيك نحو ما يقع فيه أهل التّحقيق، من أخطاء في القراءة وأوهام في التّعليق، ويسعد ـ كما هو شأن الفضلاء الأخيار، لا الجازعين الأغمار ـ بكلّ توجيه صادق، وتصويب مدعّم بالحجّة رائق، ويعتبر هذا من نعمة الله على العباد، إذ يسخّر من يسدي لهم مثل هذه الملاحظات الجياد، وبذلك تتكامل جهود الأسرة التّراثيّة، ويبارك الله في الأعمال والتّحقيقات العلميّة.

2 ـ النّاس أمام ما يقع فيه المحقّقون صنفان:

أ ـ صنف يقرأ النّصّ المحقّق فيبدي وجهة نظره فيما ظهر له أنّه تحريف أو تصحيف أو سقط أو خطأ في التّعليق، وقصده من هذا تقويم النّصّ المنشور، وشدّ عضد المحقّق لمحاولة الاقتراب إلى نصّ صحيح تامّ خال من شوائب التّصحيف والتّحريف. وعلى هذا درج أئمّة التّحقيق، وشيوخ التّعليق.

ب ـ وصنف لا يهمّه النّصّ المحقَّق ـ بالفتح ـ بقدر ما يهمّه المحقِّق ـ بالكسر ـ، فيبذل قصارى جهده لينتشل كلّ ساقطة ولاقطة، ويحشر كلّ شيء قبلا، وتشعر من صنيعه أنّه يتتبّع عورة، ولا يقصد تصويب نشرة، بل ينفّس عن قلبه تجاه المحقّق حسرة، ويحاول إطفاء جمرة، ويكتب للتّشهير والنّقرة، ومن هذا الصّنف ضرب غير قليل همّهم التّشهير لا التّحرير، والتّعيير لا التّنظير، ومن أبرز علامات هذا الصّنف كثرة كلامهم، وقلّة ـ بل انعدام ـ أفعالهم، وشدّة حسدهم، وتضاعف حسرتهم، وذمّهم من سبقهم، ومدحهم أنفسهم، ومنهم صاحبنا العليل القائل مادحا عيونه، ومطريا جفونه: " التي أبانت عنها عين النّظر والتّدقيق "، أمّا تتبّعك للأخطاء والأوهام فهو تتّبعُ ماكر، وصنيعُ ناكر، مندرج تحت الصّنف الآخِر، لا الأوّل السّاتر، والمحبّ العاذر، ومع ذا فأرنا يا شاطر، فإنّا ـ والله ـ لا نضيق بالنّقد ذرعا، ولا نمسي ـ كما تتوهّم ـ بعده صرعى، ولنا فيما نسخت ملاحظات، كشفت تصحيفات لك وتحريفات، سترناها في الأيّام الخاليات، لأنّا لسنا من أهل كشف العورات، وتتّبع الزّلاّت، وإنّا لها ـ إن شاء الله ـ لمبرزون، وحاضرون وجاهزون.

43 ـ وقلتَ: " فلم تكن حزت بسبقك تفضيلا ".

أقول: مثل هذا يؤكّد لنا أمرين:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير