[خواطر حول التحقيق]
ـ[د. م. موراني]ــــــــ[16 - 07 - 04, 08:33 م]ـ
جاء في احدى الاجابات للشيخ علي العمران في هذا الملتقى نصا:
ج- يحلو للبعض أن يستكثر من النسخ عند التحقيق، سواء كان لها قيمة أو لم يكن، ثم يملأ هوامش الكتاب باختلافات النساخ، كما هو دأب المستشرقين، فيتضاعف حجم الكتاب، بلا فائدة تذكر، والأمثلة كثيرة، كما في تحقيق السعوي (للتدمرية)، وكتاب (اليواقيت والدرر والدرر- للمناوي- طبعة الرشد الثانية) وغيرها.
لا أقصد مجادلة الشيخ من قريب أو بعيد , غير أنه ينبغي أن نبيّن ما جاء في قوله هذا:
ثم يملأ هوامش الكتاب باختلافات النساخ، كما هو دأب المستشرقين.
ليس هذا من (دأب المستشرقين) على الاطلاق , كما قال , ولا خير في أن ينسب الى المستشرقين ما ليست لهم علاقة به , حتى ولو كان من منهجية تحقيق التراث أن يوضع جميع النسخ الخطية ذات قيمة في اعتبارات المحققين مستشرقين كانوا أو غيرهم.
هذا الكلام (دأب المستشرقين) بمثابة نقدهم والطعن فيهم (مرة أخرى) غير أنه لا ينبغي أن يكون فيه نقد أو طعن.
فأنظر (على سبيل المثال) اخراج صحيح البخاري , الطبعة السلطانية المشهورة , فلا حاجة لنا الى التعليق عليها.
ليس دفاعا عن المستشرقين الذين اعتمدوا في كثير من الأحيان على عدة نسخ في تحقيق الكتب باحالتهم على اختلافات النسخ , بل من أجل توضيح أهمية هذه المنهجية أود أن أذكر بعضا من المصادر القديمة في التراث قد لا يعرفها الا القليل النادر والتي سيتبين من خلالها أنّ ما نحن في صدده ليس من (دأب المستشرقين).
جاء في آخر كتاب الرجم من المدونة لسحون بن سعيد (مخطوط بالقيروان نصا:
قوبل بكتاب الشيخ أبي بكر الفقيه أحمد بن عبد الرحمن وقد ذكر في كتابه
أنه قوبل بكتاب أبي الحسن علي بن محمد بن خلف (_وهو القابسي_) على ما وافق من لفظ أو معنى وذكر في آخر كتابه:
قوبل كتاب الرجم بكتاب أبي الحسن علي بن محمد بن مسرور الدباغ
وبكتاب أبي عبد الله محمد بن مسرور العسال
وبكتاب أبي القاسم زياد بن يونس السدري ,
وصحح على ما وافقه من لفظ أو معنى وما كان من خلاف بيّن ذكر وجعل عليه علامة من اسم صاحبه:
العين المنقوطة للدباغ
والسين للعسال
والزاء السدري
وقال في آخر كتاب الدباغ:
سمعته من أحمد بن أبي سليمان الا مسألة ايلاء لم أسمعها من ابن أبي سليمان.
قال أبو الحسن: سمعته أنا من أبي الحسن الدباغ يقرأ عليه في كتابه.
وقوبل هذا الكتاب بكتابه مرة أخرى على الشريطة المتقدمة , وسمعت كتاب الرجم من أبي محمد عبد الله بن مسرور يقرأ عليه في كتابه.
وقوبل هذه الكتاب بكتاب أبي عبد الله (كذا) المعلم الصدفي قال في أوله:
أخبرنا عن عيسى وأحمد وفرات , وعلامته في هذا الكتاب: دال.
وهذا مبلغ جهدي فيما استطعت والله ولي التوفيق.
قوبل بكتاب عيسى بن مسكين رضي الله عنه وصلى الله على محمد وعلى آله الطيبين وسلم تسليما كثيرا.
لعن الله بني عبيد وشيعتهم ومن يقول بقولهم.
نجد هذا الكلام في نسخ أخرى أيضا وهو ليس بمثابة المقابلات العادية فقط بل يعتبر في آن واحد رواية للكتاب بدء من عصر تلاميذ سحنون الى عصر القابسي.
هذا , وعند قراءة النص في هذه المخطوطات العتيقة نجد عدة اشارات الى اختلافات في اللفظ في النسخ المذكورة بل نجد عدة فقرات تضاف الى نسخة (كتاب) هؤلاء العلماء لا نجدها في النص المطبوع غير أنها من المدونة.
يمكن القول بأنّ الاحالات على نسخ مختلفة لكتاب واحد (هنا كتاب الرجم من المدونة) من المنهج الثابت والمطبق لدى علماء أهل القيروان
ان لم أقل (من دأبهم).
ومن المؤكد اذا أنّ مقابلة النسخ بعضها ببعض من اجل ابراز الاختلافات بين ألفاظها وفقراتها الواردة في النسخ التداولة ليس من (دأب المستشرقين) بل من منهج القدماء الذين عنوا عناية كبيرة عند (تحقيق) نسخهم.
موراني
ـ[العدوي]ــــــــ[17 - 07 - 04, 01:22 ص]ـ
إن موضوع الإكثار من النسخ المخطوطة عند إخراج الكتاب يكون في كثير من الأحيان حقًّا ترفا علميا لا داعي له، ولا شك ولا جدال أن السبب في ابتداع هذا النهج صنفان:
1 - المستشرقون.
2 - المتعالمون الذين ظنوا أن كثرة الاعتماد على النسخ المخطوطة تعني السبق العلمي - وهم في هذا متأثرون بالمستشرقين.
¥