قراءةٌ نقدية في طبعة كتاب «تاريخ ابن أبي خيثمة» بتحقيق صلاح هلل
ـ[النقّاد]ــــــــ[24 - 09 - 04, 12:45 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم , وبه نتأيد
الحمد لله , وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم ..
أما بعد؛ فقد رغب إليَّ من أستحي من رد رجائه أن أعاود الكتابة في الملتقى , فلم أر بدًّا من إجابته , وردُّ الكرام ليس من خلائقي ..
وبما أن نقدي المجمل لطبعات كتاب «تاريخ ابن أبي خيثمة» , وإشاراتي - ببعض الأمثلة - إلى بعض الملاحظات عليها , أثار بعض من لم يألف الرجوع إلى الحق , ولا ارتاضت نفسه على الانقياد للصواب , فسلك مسالك يأنف منها الحر الكريم , ورماني بأوصافٍ لا تخرج من نفسٍ تعرف للفضل موضعًا , فأبان بذلك عن معدنه , وقد قيل: كلٌّ ينفق مما عنده , وكان صنيعه هذا سببا لتركي الكتابة = لذلك رأيت أن أكتب هذا النقد المفصَّل ..
وأحب أن أشير قبل البدء إلى أمور:
الأول: أن نقدي سيكون لطبعة دار الفاروق التي بتحقيق صلاح بن فتحي هلل .. وليس معنى هذا أنني أبرئ الطبعة الأخرى التي بتحقيق عادل بن سعد وأيمن بن شعبان ونشرتها دار غراس , فإنها متقاربتان , وإنما أفردت الأولى بالنقد لأن الثانية ليست بين يدي الآن , وإنما كنت قد طالعت فيها وقابلت بينها وبين مواضع من الطبعة الأولى عند أحد إخواني .. فليعلم ذلك .. ومن كانت عنده الطبعة الثانية فليقارنها بما سأكتبه ولينتفع به في تصحيحها إن كانت التحريفات فيها كذلك.
الثاني: أنني إنما سأذكر هنا من التحريفات ما تبين لي وجه الصواب فيه , وأما ما لم يتبين لي - وهو غير قليل - فسأتجاوزه , ولو كانت مصورة الأصل الخطي بين يدي لربما قدرت على إقامة بعض ما عزب عني دركه.
الثالث: أنني قد أعرض أحيانًا إلى بيان سبل الوقاية من التحريف عند بياني للتحريفات , وذلك ليكون الموضوع نافعًا للمحقق - فلا يقع في مثل هذا التحريف مرةً أخرى - وللقراء عامة إن شاء الله.
الرابع: أن نقد طبعات الكتب , والتنبيه على مواضع الخلل فيها , سنة ماضية , بدءًا بكتب التنبيه وبيان الأوهام - وهي كثيرة في المكتبة الإسلامية - , وانتهاء بصنيع المحققين الكبار في هذه العصور حين كانوا يَدْعُون في فواتح تقدماتهم القراء إلى أن ينشروا ما قد يقفوا عليه من أخطاء , بل كان بعضهم يرغب إلى بعض أقرانه , بل ومن هو في طبقة تلاميذه , أن ينقد تحقيقاته في مقالات ينشرها في المجلات العلمية , كما صنع الشيخ أحمد شاكر مع السيد صقر , وكما صنع غيره مع غيره في أخبارٍ مشهورة , يوم كان حقُّ العلم أغلى عندهم من الجاه والصيت , ولم يطلبوا أن يقع ذلك سرًّا كما يطلبه الآن بعض المحققين!
الخامس: أننا لولم نكشف زغل المطبوعات التي تقذفها لنا المطابع , ونبيِّن زيفها , ديانةً وطاعة , للزمنا أن نفعل ذلك غيرةً وحميةً وصيانةً للعلم الذي أحببناه وآثرناه على ملاذِّ الدنيا.
السادس: أنني سأبتدئ النقد من بداية المجلد الثاني , فإن فرغت منه ومن الثالث عدتُ إلى الأول إن شاء الله .. فلينتبه لهذا.
السابع: أنني أتمنى أن لا يخرج الموضوع عن نهجه الذي رسمت له , وإن كنت أشك في أن بعض الأقلام ستجتهد في ضد ذلك ..
وأسأل الله أن يمنحني التوفيق والهدى.
(###حرّر بناء على طلب صاحبه في 1/أكتوبر/2004 [المشرف] ###)
ـ[النقّاد]ــــــــ[24 - 09 - 04, 03:27 م]ـ
1 - (2/ 8): «قال ابن إسحاق: ... ثم خرج في شعبان إلى بدر لميعاد أبي سفيان حين نزله , فأقام عليه ثمان ليال ... ».
والصواب: « ... ثم خرج في شعبان إلى بدر لميعاد أبي سفيان حتى نزله فأقام عليه ثمان ليال ... ».
وهو على الصواب في «تاريخ الطبري» (2/ 87) , و «سيرة ابن هشام» (4/ 165) عن ابن إسحاق.
2 - (2/ 13): « ... فأيتهن خرج سهما خرج بها معه».
والصواب: « ... فأيتهن خرج سهمها خرج بها معه». ولعله خطأ مطبعي.
3 - (2/ 19): « ... ... أن حميد الحميري حدثهم , قال: لقيت رجلا من أصحاب النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صحبني أربع سنين كما صحبته: أبو هريرة».
هذا تصحيفٌ أفسد المعنى. والصواب: « ... أن حميد الحميري حدثهم , قال: لقيت رجلا من أصحاب النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صحبه أربع سنين كما صحبه أبو هريرة».
وورد على الصواب عند ابن شاهين في «ناسخ الحديث ومنسوخه» (52) بالإسناد نفسه. وانظر: «مسند أحمد» (4/ 110) و «سنن أبي داود» (81).
4 - (2/ 20): «عن ابن إسحاق , قال: ... وبعث في جمادى الأولى بعثة الشام الذين أصيبوا بمؤتة».
والصواب: «عن ابن إسحاق , قال: ... وبعث في جمادى الأولى بَعْثَه إلى الشام الذين أصيبوا بمؤتة».
وهو على الصواب عند الطبري (2/ 149) وابن هشام (5/ 22) عن ابن إسحاق.
والبعث: القوم المبعوثون. أما استخدام «البعثة» بهذا المعنى فهي عامية معاصرة! .. وتكرر الخطأ نفسه في النص التالي لهذا النص.
5 - (2/ 24): «عن رافع بن خديج أن النبي ص أعطى المؤلفة قلوبهم من سبي خَيْبَر لكل رجل منهم مائة من الإبل , أعطى أبا سفيان مائة , وأعطى صفوان مائة ... ».
هكذا وردت الكلمة مضبوطة عند المحقق: «خَيْبَر» وهو تحريفٌ .. والصواب: «حنين». وفتح خيبر كان في السنة السابعة , ولم يسلم أبو سفيان وصفوان إلا عام الفتح, وفتح خيبر لم يكن في غنائمه هذه الأعداد الهائلة من الإبل والخبر مشهور وهو في «صحيح مسلم» (1060) وابن حبان (4827) وغيرهما على الصواب.
يتبع إن شاء الله ..
الأخ الفاضل أبو غازي .. ووفقك الله , ويسر لك الخير حيثما كنت ..
¥