***مَوضُوعٌ شّيِق و ظريف: " غرائب الكُتب "! ...
ـ[بن خميس]ــــــــ[29 - 09 - 04, 02:27 ص]ـ
مَوضوعٌ ظريف
غرائب الكتب
تأتي غرابة الكتب من خروجها عن المألوف في التأليف، سواء كان لذلك صلة بموضوعاتها ومناهج التأليف، أو كانت الغرابة مرتبطة بشكل الكتاب وصناعته. أما الموضوعات الغريبة التي تناولتها الكتب قديماً وحديثاً فباب واسع يفضي إلى فنون كثيرة مثل السحر والحيل والخرافات وخوارق العادات؛ إلى جانب موضوعات الطرافة والهزل والسخف والمجون، وكذلك كتب المسامرات والتسلية والأحاجي والألغاز وكتب الذم والهجاء والمثالب والردود .. ونحوها من موضوعات جدية أو هزلية مرتبطة بمناهج الكتابة أو الحذلقة في معالجة الموضوعات أو طرق فنون غير مسبوقة.
وقد تناول بعض هذه الموضوعات محمد خير يوسف في كتابه (جولة بين كتب غريبة) (1).
ومن غرائب الموضوعات كتاب (الدر المكنوز والسر المغروز في الدلائل والخبايا والدفائن والكنوز) طبع بمطبعة مجلس المعارف الفرنساوي ونشرته مصلحة الآثار المصرية في القاهرة عام 1907م (184ص، 28سم) طبع بحروف غير جذابة على ورق متين، وهو كتاب في السحر والشعوذة منقول من كتب السلف المتقدمين للكشف عن الآثار والكنوز المصرية.
وتأتي غرابة الكتب أحياناً من صياغة العناوين الملفتة والمسجوعة، سواء كانت الموضوعات التي تناولتها الكتب من الموضوعات العلمية الجادة أو من الموضوعات الطريفة والعجيبة كما في بعض كتب الجاحظ، أو في عناوين رسائله التي حققها عبدالسلام محمد هارون وصدرت في القاهرة عام 1948م.
كما برع جلال الدين عبدالرحمن السيوطي (849 - 911هـ) في معالجة الموضوعات الطريفة وصياغة العناوين المسجوعة ما في كثير من كتبه مثل (طرز العمامة في التفرقة بين المقامة والقمامة، آكام العقيان في أحكام الخصيان، بلوغ المآرب في أخبار العقارب، الأرج في الفرج، الطرثوث في فوائد البرغوث، الزنجبيل القاطع في وطء ذات البراقع، منهل اللطائف في الكنافة والقطائف، الوديك في فضل الديك) إلى جانب عناوين أخرى يصعب ذكرها وقد حصرها هلال ناجي في نهاية كتاب (الفارق بين المصنف والسارق للسيوطي).
ومن العناوين المسجوعة والغامضة كتاب (الساق على الساق في ما هو الفارياق تأليف فارس بن يوسف الشدياق 1804 - 1888م) طبع على نفقة رافائيل كحلا الدمشقي في باريس سنة 1855م/1270هـ في (712+26ص). وعنوان الكتاب لا علاقة له بالسيقان؛ بل هو كتاب منوع في الأدب وغرائب اللغة وفيه وصف رحلته وحكم ومقامات بقلم المؤلف. أما تفسير كلمة «الفارياق» في العنوان، فهي كلمة منحوتة من اسمه الثنائي فارس الشدياق فصارت «الفارياق» والمؤلف هو صاحب جريدة الجوائب ومطبعتها في استنبول منذ عام 1877م.
وتتعدد العوامل التي يمكن ان تسهم في ندرة الكتاب في طبعته الأولى عما يلحقها من طبعات متغيرة في نصوصها، سواء بالتعديل أو الزيادة أو النقص مما له صلة بأفكار المؤلف أو بالكتاب ذاته.
وجامعو الكتب والمفهرسون يهتمون كثيراً بالمفارقات والأخطاء العجيبة أو الشواذ الببليوجرافية التي تتصف بها بعض نسخ الكتاب الذي يتم تصحيحه في طبعة جديدة، لاسيما إذا تم سحب الكتاب لتعديله وبقيت منه نسخ قليلة قد تصبح من النوادر فيما بعد.
كما ان تغير الاهتمامات الفكرية أو العقدية لبعض المؤلفين تجعل مؤلفاتهم المبكرة أو قليلاً منها في حكم النوادر، وبالذات إذا تبرأ منها المؤلف أو حاول سحبها من الأسواق لأي سبب كان كما يدخل في ذلك التعديلات التي يدخلها المبدعون على بعض نصوص أعمالهم عندما تطبع مرة أو مرات عديدة، فتكون النسخ القليلة للطبعة الأولى في نصوصها الأصلية من النوادر أحياناً.
ومن الشواذ الببليوجرافية ان يطبع الكتاب طبعة واحدة في مدينتين أو دولتين، ويمتد تاريخ نشر المجلد الواحد عدة سنوات، ويكون ذلك موثقاً في الكتاب ذاته، ويحدث ذلك لأسباب كثيرة، منها منع الكتاب أو بسبب الحروب والكوارث التي تؤثر على ظروف طباعة الكتاب، ومن ذلك كتاب (التلطف في الوصول إلى التعرف للإمام محمد بن علي ابن علان، وهو شرح كتاب التعرف في الأصلين والتصوف لابن حجر الهيتمي) طبع بمكة المكرمة بمطبعة الترقي الماجدية سنة 1330هـ.
¥