تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[حول طبعة عمر غرامة العمروي لتاريخ ابن عساكر ونبذة عن التاريخ]

ـ[عبدالله بن خميس]ــــــــ[11 - 09 - 04, 01:27 ص]ـ

من تاريخ التّاريخ الكبير - مطاع الطرابيشي

لا يتم الحديث عن ابن عساكر من غير الحديث عن تاريخه الكبير، بل نكاد نقول: لا يكاد يُذكر ابن عساكر إلا من خلال تاريخه الكبير، وليس في هذا القول أي مجازفة، فالعلماء في تاريخ هذه الأمة كثيرون والحمد لله، فما الذي ميّز أبا القاسم في غِمارهم، وقدَّم مكانه في صفوفهم؟ أليس التاريخ الكبير؟ بل لقد أفاد هذا التاريخ طيب الذكر كل من تعلق منه بسبب قريب.

وإذا كانت قصة هذا التاريخ العظيم قصة تطول، ولا يمكن لروايتها أن تأخذ حظها من الراحلة إلا بين دفتي كتاب، لذلك نستأذن في هذه العُجالة، أن نقبس من البحث ما لعله يمتع ويفيد، فنصرف القول إلى الحديث عن: "أوهام حول التاريخ".

الوهم الأول والأكبر: في هذه القاعدة التي مازالت متبعة في تحقيق التاريخ الكبير، وهي: أن يُصرف النظر عن تخريج الأحاديث1.

إن تاريخ دمشق الكبير ديوان حديثي من ألفه إلى يائه، جمعه محدِّث، وأخرجه للناس محدّث، ورواه على مر الأزمان المحدثون. حتى الذين نسخوا التاريخ، أو انتخبوا منه، إنما كانوا من جلّة المحدثين وأئمتهم: كالبرزالي والمقدسي وأبي شامة والذهبي والعيني وابن حجر والسيوطي. فكيف يُصرف النظر عن تخريج أحاديثه؟!

قد يكون هنالك بعض عذر لأولئك الذين وضعوا نهج التحقيق أنهم رأوا –وهذه عبارتهم-: "إن الغاية من تحقيق الكتاب تقديم نص صحيح"، فوجب لذلك في رأيهم "أن يوجز في التعليق كيلا يُثقل النص بتعليقات طوال".

قلت: ولكن الحواشي في بعض المطبوع من مجلدات التاريخ قد أثقلت فعلاً بتلك التعليقات الطوال، في تراجم الرجال وتصحيفات بعض الأصول. أفيكون ذلك أجلَّ من تخريج الأحاديث؟!

وقد يقول قائلٌ عن التاريخ: أنه معدن الأحاديث الضعيفة، يحط بذلك، في زعمه، من قدر ذخيرته الحديثية، ويزهد بالتالي في الاشتغال بتخريج تلك الأحاديث.

وقد يحتاج بيان خطل هذا القول إلى شيء من البسط والاتساع ليس هذا أوانه، ولكن حسبنا أن نقول: إن هذا الكتاب العظيم قد ضم بين دفتيه مكتبة حديثية ضخمة، جمعت نفائس من هذا العلم قلَّ لها نظير، وبذلك فإن تخريج أحاديثه يفتح –بإذن الله- آفاقاً رحبة في ميدان علم الحديث، ويُلقي أضواء مبصرة على كثير من كتب الملخصات التي جمعها المتأخرون، تلك الملخصات التي أوردت المتون وسكتت عن الأسانيد، فغم على الباحثين أمر كثير من تلك المتون، وما مثال "الدر المنثور" للسيوطي عنا ببعيد.

ثانياً: وهم التجزئة والمراحل الثلاث:

كان للقدماء في هذا المجال بعض أوهام، سحبت ظلالها على الباحثين المحدثين، فأثمرت فروضاً غير صحيحة، ينفيها واقع الحال في هذا الكتاب. وهذه القصة من أولها:

-قال العماد الأصبهاني في خريدة القصر2: "فلما وصلت إلى الشام، وأقمت بدمشق، ترددت إليه (يعني: إلى الحافظ بن عساكر) ورأيته قد صنَّف تاريخ دمشق، وذكر أنه في سبعمائة كراسة، كل كراسة عشرون ورقة".

قلت: وهذا هو الوهم الأول. ولعله سهو قلب "السبعين وخمسمائة" إلى "سبعمائة" في ذاكرة العماد.

-ثم جاء الذهبي فقال في "سير أعلام النبلاء"3 –وهو يعدد مصنفات الحافظ بن عساكر: "فمن ذلك تاريخه في ثمانمائة جزء- الجزء عشرون ورقة، فيكون ستة عشر ألف ورقة".

فأضاف وهماً ثانياً، حين ظن أن جزء التجزئة الثمانينية يبلغ عشرين ورقة.

-أما الوهم الثالث فجاء من أحمد بن مصطفى، المعروف بطاشكبري زاده، قال في مفتاح السعادة، أثناء حديثه عن الحافظ أبي القاسم4:

"صنَّف التاريخ الكبير لدمشق في ثمانين مجلدة بخطه" فزعم أن أبا القاسم كتب الثمانين بخطه، وهذا هو الوهم الثالث.

هذا ما كان من أمر القدماء، ولكنه لم يقتصر عليهم، فكان من ثمره بين المحدثين فكرة المراحل الثلاث التي افترضها الأستاذ الدكتور صلاح الدين المنجد في مقدمته للمجلدة الأولى من "تاريخ مدينة دمشق"5 قال:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير