تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[محب البويحياوي]ــــــــ[28 - 02 - 07, 09:30 ص]ـ

سادساً: على التسليم بأن كتاب ابن تيمية رحمه الله (الرد على من قال بفناء الجنة والنار) فيه تأييد ونصرة للقول بفناء النار، فإن الذي يغلب على ظني وتقديري أن هذا الكتاب ليس من آخر ما كتب ابن تيمية رحمه الله -، فإن الكتب المتأخرة هي التي ذكر فيها ابن تيمية رحمه الله أبدية النار، فدرء تعارض العقل والنقل، تم تأليفه في السنوات من عام 713هـ إلى عام 717هـ (180)، وكتاب (منهاج السنة النبوية) كان تأليفه عام 710هـ تقريباً (181)، وفي تأريخ قريب منه كتاب (بيان تلبيس الجهمية) فقد أُلف هذان الكتابان مع غيرهما في مصر من عام (705 - 712هـ) (182)، وهذه الكتب قد ذكر فيها ابن تيمية رحمه الله القول بأبدية النار، وصرح بوضوح برأيه في هذه المسألة، وتعد هذه الكتب من مؤلفات ابن تيمية رحمه الله المتأخرة؛ فقد بدأ التأليف في مرحلة مبكرة، أي - تقريباً - قبل تأليف (درء تعارض العقل والنقل) بثلاثين سنة فأكثر، كما يقول ابن تيمية رحمه الله في درء تعارض العقل والنقل: (وقد كنا صنفنا في فساد هذا الكلام مصنفاً قديماً من نحو ثلاثين سنة) (183)؛ ولذا فالغالب على الظن أن تكون الكتب التي يصرح فيها بأبدية النار هي المتأخرة زمناً، إذ هي من أواخر مؤلفات شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله -، وأما الكتاب الذي يحوي في طياته ألفاظاً مجملة عن الموضوع فالذي يغلب على الظن أنه قد تم تأليفه في مرحلة مبكرة من وقت ابن تيمية رحمه الله الطويل الذي قضاه في التأليف (184)، وهذا قول بعض المحققين (185).

وفي الجملة فالذي يترجح لدي - والله أعلم - أن ابن تيمية رحمه الله يقول بما قال به سلف الأمة، وأئمتها، وسائر أهل السنة والجماعة من أن النار لا تفنى ولا تبيد كالجنة، وهذا هو الذي يصرح به في عامة كتبه والله أعلم وأحكم.

الظاهر أن الأمر على خلاف ما ظنه الشيخ اذ أن هذه الورقات من آخر ما الف شيخ الاسلام في القلعة كما ذكره الصفدي في ترجمته و يؤيد هذا أن عبارة أخص تلاميذه ابن القيم توحي بان الرسالة تأخرت في الوصول اليه و يؤيده كذلك - وهو أوضح- أن معاصريه كالامام السبكي ردوا عليه في هذه المسألة مثلما ردوا عليه في غيرها (بخلاف ما شنع على شيخ الاسلام لاحقا مما لم يقله فلن تجد ذكرا له عند معاصريه المحب منهم و الخصم) فلو أنها قديمة و تراجع عنها لما تكلفوا عناء الرد عليه و لكن من تأمل كلام شيخ الاسلام فهم أنه لم يرد القطع في المسألة و انما تكلم على سبيل التلميح و الاشارة فمع تأكيده في كافة كتبه و في الرسالة ايضا على المعنى العام و الظاهر و المطلق للخلود و التأبيد -لأنه أنفع و أتبث في دار الفناء التي يجب فيها تغليب الخوف على الرجاء-الا أنه لم يغلق باب المقيد و لم يبطل معناه وهذا هو الله أعلم من حسن سياسة العلم عند هذا العالم الرباني فكما أن للعمل سياسة فللعلم سياسته و ما كل قول يقطع به و لا كل ما علم يقال في كل وقت و حال كقول النبي صلى الله عليه و سلم لمعاذ "يا معاذ بن جبل قال: لبيك يا رسول الله وسعديك قال: يا معاذ. قال: لبيك يا رسول الله وسعديك (ثلاثاً) قال: ما من أحد يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله من قلبه إلا حرمه الله على النار. قال: يا رسول الله: أفلا أخبر به الناس فيستبشرون؟ قال: إذن يتكلوا". وأخبر بها معاذ عند موته تأثماً. و هذا و الله أعلم ما يرمي اليه وصف ابن القيم للمسألة بالمتشابه

و الله أعلم بالحال و المآل

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير