تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الإحاطة بهذه المعطيات الكتابية فيها توثيق للعلاقة بين الباحث وبين النص، كما أنها -أيضًا- تزيل الحواجز بينهما، وهذا يساعد الباحث على اقتحام النص، قراءة ووعيًا لأفكاره من ناحية، كما تساعد إلمام بمعطيات الكتابة، تساعد المحقق على التثبت أيضًا من نسبة النص إلى صاحبه من ناحية أخرى، بالإضافة إلى التعرف على خصائص الكاتب واصطلاحاته، مما يعين على قراءة المصادر الأخرى للمؤلف.

الشرط الثالث الذي يجب توافره في المحقق: الوقوف على ثقافة المؤلف -موارد هذه الثقافة- يجب على المحقق أن يعرف من أين اكتسب صاحب المخطوط ثقافته العلمية؟ ويجب على أن يتعرف على أنماط هذه الثقافة، وعلى المؤثرات التي أثرت في ثقافة هذا المؤلف، لماذا هذا كله؟ الوقوف على ثقافة المؤلف وأنماطها وأنواعها ومؤثراتها تساعد المحقق للتعرف على خصائص الفكر لدى المؤلف، ومدى سمات التصنيف لدى المؤلف، إذَا تعرف على ذلك استطاع المحقق أن يصل إلى التفسير العلمي الصحيح، والتحليل الدقيق لكثير من متعلقات النص.

لماذا هذا كله؟

لأن النص المحَقق هو مرآة لصاحبه، ومرآة لثقافة صاحبه، ومن ثم فالتعرف على ثقافة المؤلف وتعدد مناحي هذه الثقافة، وأهم سماتها أيضًا، كل ذلك من الأمور اللازمة للمحقق أن يعرفها معرفة جيدة وصحيحة، وكذلك أيضًا -كما ذكرنا- بأن معرفة المحقق بأنواع الكتابة يزيل الحواجز بين المحقق والنص، فالتعرف على ثقافة المؤلف بالنسبة للمحقق توثق العلاقة بين الباحث والمؤلف فكرًا؛ لأن المؤلف في هذه الحالة أصبح كتابًا مقروءًا، لأن المؤلف ليس -مثلا- معاصرًا؛ كتاب قديم مخطوط أريد أن أخرجه للناس محققًا، ففِكْر المؤلف القديم الذي مضى عليه القرون أصبح فكره الآن ليس فكرًا منطوقًا، وإنما أصبح فكرًا مقروءًا للمحقق، ولمن يأتي بعد المحقق يقرأه.

وأن يستنتج المحقق من خلال سطور النص ومن ورائها ما يضيء له الطريق في حل المشكلات اللغوية التي تقابله في النص الذي هو موضع التحقيق.

الشرط الرابع من شروط المحقق: على المحقق أن يطَّلع على المؤلفات الأخرى للمصنف، مثلًا: إذا أراد باحث أن يحقق كتابًا لأحد العلماء السابقين، فعليه ألا يقف على قراءة هذا الكتاب فقط الذي يقوم بتحقيقه، وإنما عليه أن يقرأ أيضًا المؤلفات الأخرى لصاحب هذا المخطوط، ربما أن هذه المؤلفات التي ألفها صاحب المخطوط لم تكن في صميم التخصص، وإنما عليه أن يتعرف أيضًا على فكره في هذه المؤلفات، أو ما هو قريب من مجال كتابه الذي يقوم بتحقيقه.

الاطلاع على هذه المؤلفات الأخرى للمصنف من خلال الاطلاع عليها يتعرف المحقق على الخصائص الفكرية والأسلوبية للمصنف، وكذلك أيضً يتعرف المحقق على مذهب المصنف العلمي، وطريقة معالجته للقضايا في الكتب الأخرى، وخاصة -كما قلت- المؤلفات التي ألفها، ولها اتصال وثيق بموضوع هذا الكتاب وميدانه العام؛ لأن هذه الأعمال الفكرية للمؤلف هي تعتبر كلها نتاج عقل واحد، هذا النتاج يقوي بعضه بعضًا ويكمله، وأيضًا يعين على فهم النص فهمًا صحيحًا.

ومما لا يخفى على المحقق: أن قراءة مصدر أو كتاب آخر من كتب المصنف في موضوع النص الذي يقوم بتحقيقه له يُذلل له الكثير من العقبات؛ والمشاكل التي تقابله في تحقيق النص، يعني: ربما أنه يجد نصًّا منسوبًا في هذا الكتاب إلى مؤلف، ويجده في الكتاب الآخر الذي يقرؤه له منسوبًا إلى مؤلف آخر، وهكذا، وهذا كثير وموجود في كثير من هذه الكتب.

الشرط الخامس من شروط المحقق: على المحقق أيضًا أن يطلع على ما كتب في مجال النص ودائرته العلمية الدقيقة، وخاصة الأصول التي أخذ منها المؤلف أفكاره ومادته العلمية؛ عندما أريد أن أقوم بتحقيق كتاب لا بد أن أرجع إلى المصادر الأساسية التي أخذ منها المؤلف ونقل منها، ما هو الحكم إذا لم تكن هذه المراجع التي أخذ منها المؤلف موجودة بالنسبة للمحقق، ربما أنها مفقودة؟ يحاول المحقق قدر الإمكان البحث عنها إذا لم يجد، فيحاول الرجوع إلى الكتب التي أخذت منها أيضًا غير كتاب المؤلف.

على المحقق أن يرجع إلى مؤلفات شيوخ صاحب المخطوط وأساتذته، وأن يرجع أيضًا إلى المؤلفات التي ألفت لمعاصريه في هذا المجال.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير