تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

لم يكن أحسن من حظ أبي حيان، ولكنه لم ير شاكياً، ولا برماً ساخطاً، كان ذا نفس كريمة وروح راضية، إذا غضب لا يغضب لنفسه ولكنه يغضب لواقع يريد إصلاحه وأمور يراها معوجة فيسعى إلى تقويمها (8)، ومن هنا يختلف طريقه عن طريق أبي حيان ذاك الذي أحس بمرارة الواقع، ونظر إلى مفاسد عصره فلم يأخذها ككل ولكنه صب سياط غضبه على أفراد استثاروا غضبه، وحركوا نيران نقمته.

هذا أديبنا المعافى بن زكريا الجريري الذي ناصر مذهب ابن جرير الطبري ونسج على منواله فنسب إليه، وقد ذكرت المصادر أنه ألف كثيراً من الكتب، وذكر له كل من ابن النديم والذهبي تفسيراً في ستة مجلدات (9)، ولم يصل إلينا من كتبه سوى الجليس والأنيس.

امتدت حياة المعافى على القسم الأكبر من القرن الرابع فقد ولد سنة 305 على أصح الروايات التي نقلت عنه وتوفي بإجماع المراجع في النهروان سنة 390هـ.

وأحب أن أعرف القارئ الكريم بالأصول التي وصلت إلينا من هذا الكتاب وأن أستعرض معه بعض الأخبار فأطلعه على أسلوب المعافى وطريقته في عرض الأخبار وتفسيرها عليّ أن أضع بين يديه الدليل الكافي على أهمية الكتاب وضرورة الإسراع في نشره.

أصول الكتاب:

يوجد في خزانة مخطوطات الظاهرية قطعتان من الكتاب:

أ-مجلدة تضم خمسة وعشرين مجلساً من المجالس المائة التي يتألف منها الكتاب جاءت بعنوان: "الجزء الثالث من كتاب الجليس والأنيس من أمالي القاضي أبي الفرج المعافى بن زكريا النهرواني رحمة الله عليه".

http://awu-dam.org/trath/01/07/1.gif

تبدأ هذه المجلدة بالمجلس الثامن والأربعين وتنتهي بالمجلس الثاني والسبعين وتتألف من 199 ورقة ذات وجهين، وهي جيدة الخط خالية من السماعات والتعليقات معجمة ومشكولة ولكنها كثيرة التصحيف والتحريف.

رقم هذه المخطوطة في خزانة الظاهرية 3201 عام/ وهي واضحة البداية والنهاية فيها كثير من الخروم ولا يشْعِر بهذه الخروم توالي ترقيم المخطوطة. أما طريقها فقد جاء في بداية المجلس السادس والستين كما يلي: "أخبرنا الشيخ الإمام تاج الدين بهاء الإسلام أبو سعيد –ويكنى أبا عبد الله (10) –محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن أبي الحسن مسعود المسعودي قال: أنبأ الشيخ الإمام أبو العز أحمد بن عبيد الله بن كادش العكبري فيما أجازه قال: أنبأ أبو علي الحسين بن محمد الجازري قال ... ".

http://awu-dam.org/trath/01/07/2.gif

وأما أبو العز بن كادش الذي أجاز المسعودي في النسخة: فهو: شيخ ابن عساكر الذي تلقى عنه كتاب "الجليس والأنيس" إذناً ومناولة وقرأ عليه إسناده وقال له: أروه عني. فالطريق إذاً هو طريق نسخة ابن عساكر التي استقى منها تاريخه الكبير ولكنها ليست نسخة ابن عساكر فقد رواها عن أبي العز رجل آخر.

ولا تبدأ المجالس في هذه المجلدة بداية واحدة فقد نجد في بعض المجالس الرواية المباشرة عن المعافى من غير ذكر اسم الراوي (11)، وقد يبدأ المجلس بـ "أخبرنا أبو علي محمد بن الحسين بن محمد الجازري قال: أخبرنا القاضي أبو الفرج (12) ... ". وربما بدأت طرق بعض المجالس بشيخ المعافى مباشرة (13).

والذي يبدو لي أن هذه القطعة من الكتاب نقلت من أصل موثق روى عن أبي العز بن كادش، وليس من المعقول أن تكون قطعة من الكتاب ذاته الذي أذن بروايته أبو العز لمعاصر ابن عساكر أبي سعيد محمد بن عبد الرحمن المسعودي.

ب-في الظاهرية أيضاً مجلس مفرد من مجالس الجليس والأنيس هو المجلس الخمسون جاء برقم 4554. وهو مستل من نسخة جيدة قديمة كتبت سنة 542.

حـ-وهناك ثلاثة أصول لكتاب الجليس والأنيس حدثنا الأستاذ أكرم العمري حديثاً وافياً عنها (14)، وهي: صورة بالفوتستات موجودة بالمكتبة المركزية التابعة لجامعة بغداد، وأصل مخطوط محفوظ في خزانة أحمد الثالث بتركيا وآخر في مكتبة الحرم المكي الشريف.

وماذا عن طبع الكتاب:

أصول هذا الكتاب متوفرة بشكل جيد فلماذا لم يطبع إلى الآن؟ سؤال طرحته على نفسي عشرات المرات وأنا أسمع الأنباء المتضاربة عن تحقيقه: كان الأستاذ أحمد صقر يعمل في تحقيقه منذ فترة طويلة، وحقق حوالي ثلثه في العراق (15)، وهناك أنباء تقول أنه يحقق في الهند ...

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير