تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الناحية الثانية: النص الذي يمس نشر الكتاب التراثي الذي استكملت فيه مناهج التحقيق العلمي ووسائله. فالعاملون في هذا الحقل في زماننا جنود مجهولون وهم قلة فالعمل في التحقيق يستلزم الكثير من الجهد والعناء والوقت والصبر، يتجاوز هؤلاء هذا حتى إذا ما أنجزوا عملاً ينتظرون الجزاء بدفعه إلى دور النشر لتتولى طباعته وإخراجه إلى الناس، فلا يجدون إلا حماساً فاتراً، وذلك لأن نشر النص المحقق يحتاج إلى نوع خاص من الإخراج المطبعي يتميز عن غيره من أنواع الطباعات المعتادة، وهذا يكلف دار النشر أضعاف ما تكلفه طباعة كتاب غير تراثي، أو كتاب يصورونه تصويراً، تتلكأ دار النشر في قبول العمل واعتماده، وتعتبر أنها إذا ما تبنته ونهضت به قد أقدمت على مجازفة، إذ لا بد أن يكلفها ذلك المبالغ المضاعفة أضعافاً، فهناك دفع نصيب المحقق وهنالك تكاليف الطباعة على الوجه المناسب والمطلوب في طباعة الكتب التراثية وإخراجها إلى الناس، إذن فالانصراف إلى الاجترار وإعادة الطبع بالتصوير أيسر وأسلم وأكثر ربحاً ولا شأن لدور النشر في الجهد والعناء والبذل والمجازفة.

ما الحل إذن لهذه المشكلة: يبدو لنا بعد العرض الوجيز لبعض جوانب هذه المشكلة الإيجابية منها والسلبية في عملية إعادة طبع الكتب التراثية بالتصوير، أننا أمام تيار زاحف شديد لا نملك له دفعاً، ولكننا قد نستطيع أن نحول مسار هذا التيار من الفوضى إلى شيء من التنظيم قد نتلافى به ما تتركه هذه البدعة من الآفات.

هناك نوعان من دور النشر، الدور الخاصة وهي كثيرة جداً، وتقوم إلى جانبها مؤسسات علمية رسمية تضطلع بنشر التراث العربي. أما الدور الخاصة فلا سبيل إلى الحد من حمى نشاطها في هذا الميدان من الاتجار الرابح، اللهم إلا أن يتبصر القائمون على هذه الدور طرق اختيار الكتاب المراد تصويره والتمييز بين الغث والسمين منه، فلا يقدمون إلى الناس إلا ما ينفعهم ويصون التراث، وهذا أمر يحتاج إلى دراية وإلى جانب من التخلق بأخلاق العلماء، وأظن أن هذه سبل صعبة التحقيق إلا في ندرة، فلا بد –والحالة هذه- من أن يتطوع أو لو فضل ممن يغارون على التراث والمحافظة على أصالته فيقوموا بتتبع الآفات والعيوب ويرصدوها ويقوموها ويجعلوها استدراكات يدفعونها إلى دور النشر المعنية بهذا النشاط وتذيل بها الكتب المراد تصويرها، أو أن يجعلوها في مقالات تقوم بنشرها دوريات معنية بشؤون التراث والكتب وهي كثيرة متوفرة.

أما المؤسسات العلمية الرسمية فالأمر فيها أيسر في استدراك هذه المشكلة، فهي قادرة على أن تحسن الاختيار لأنها لا تبغي من وراء ذلك الاتجار والربح، وهي قادرة أيضاً على أن تدفع الكتاب الذي تبغي تصويره إلى من يستطيع تقويمه وتصحيحه، ثم يضاف ذلك التقويم وتلك التصحيحات استدراكات في آخر الكتاب. وخير من هذا كله أن تقوم المؤسسة –وهي لا شك قادرة- بنشر الكتاب في طبعة جديدة محققة تتوفر فيها أصالة النص ووضوحه.

لا ريب أخيراً أن تراثنا المشرق ينبغي له أن يقدم إلى قراء اليوم بوجهه المشرق الصافي الخالي من الكلف، فليتق الله فيه أولئك العاملون على دور النشر الخاصة، فقليل من الجهد يجنب التراث والقراء الكثير من الضرر والأذى.

د. عدنان درويش

ـ[عبدالله بن خميس]ــــــــ[11 - 09 - 04, 01:45 ص]ـ

المخطوطات العربيّة بين يدي التحقيق - د. محمد ألتونجي

كثيراً ما يتساءل الأدباء: هل التحقيق في مستوى التأليف؟

وهل يُنظر إليه من الناحية العلمية بمنظار التقدير والأهمية

الحق أن التحقيق جهد علمي مشكور، إذا قصد صاحبه خدمة العلم والإخلاص له. وقد يتطلب التحقيق وقتاً أطول من التأليف. كما أن خدمة الكتاب القديم، وإلباسه اللبوس العلمي الجديد أمر لا يقل بحال عن التأليف. وما زالت أنظار العلماء تتلفت نحو المحققين، وتوليهم الاحترام والتقدير الزائدين، ولا سيما ممن أخلص في عمله، وأصاب في نتاجه. أما من حيث المردود، فالتأليف الجيد يعادل التحقيق الجيد.

ولعل أثمن المخطوطات التي نحن بحاجة ماسة إلى إراءتها النور، ونحض على كشفها، تلك التي ألفها أصحابها عن تراجم الأعلام، والتعريف بالكتب، ودواوين الشعراء الذين فقدت مجموعاتهم، أو منتخبات شعرية لأعصر قل فيها التراث المبذول بين الأيدي.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير