باندلاع الحرب العالمية الأولى كان طبيعيًا أن يهب بديع الزمان في طليعة المجاهدين، فشكل فرقًا فدائية من طلابه، واستمات معهم في الدفاع عن حمى الوطن في جبهة القفقاس، وجرح في المعارك مع الروس وأسر (1334 هـ) واقتيد شبه ميت إلى " قوصتورما" من مناطق سيبيريا في روسيا حيث قضى سنتين وأربعة أشهر، هيأ له الله أثناء "الثورة البلشفية" الانفلات، فعاد إلى بلاده في (19 رمضان 1336هـ، الموافق 8 يوليو 1918م) وأستقبل أستقبالاً رائعًا من قبل الخليفة وشيخ الإسلام والقائد العام وطلبة العلوم الشرعية، ومنح وسام الحرب. وكلَّفته الدولة بتسلّم بعض الوظائف، رفضها جميعًا إلاّ ما عينته له القيادة العسكرية من عضوية في "دار الحكمة الإسلامية"، التي كانت لا توجه إلاّ لكبار العلماء، فنشر في هذه الفترة أغلب مؤلفاته باللغة العربية منها: تفسيره القيّم "إشارات الإعجاز في مظان الإيجاز"، الذي ألفّه في خِضَمّ المعارك، و"المثنوي العربي النوري".
بعد دخول الغزاة إلى استانبول (13/ 11/1919) أحس سعيد النورسي أن طعنة كبيرة وجهت إلى العالم الإسلامي، فكان حتما أن يقف في طليعة من يتصدى للقهر والهزيمة، فسارع إلى تحرير كتيب" الخطوات الست" حرك به همة مواطنيه، ووضع تصوره لرفع المهانة وإزالة عوامل القنوط التي ألحقتها الهزيمة بالدولة العثمانية والمسلمين عامة.
وفي هذه الفترة (أي منذ 1922م) وُضعت قوانين واُتخذت القرارات لقلع الإسلام من جذوره في تركيا، وإخماد جذوة الإيمان في قلب الأمة التي رفعت راية الإسلام طيلة ستة قرون من الزمن. فأُلغيت السلطنة العثمانية في (1/ 11/1922م)، وأعقبه إلغاء الخلافة الإسلامية في (3/ 3/1924م).
وقام الشيخ سعيد بيران (البالوي) النقشبندي (13/ 2/1925) بالثورة ضد السلطة آنذاك، وطلب قائد الثورة من بديع الزمان أستغلال نفوذه لإمداد الثورة إلا أنه رفض المشاركة وكتب رسالة إليه جاء فيها:
"إن ما تقومون به من ثورة تدفع الأخ لقتل أخيه ولا تحقق أية نتيجة، فالأمة التركية قد رفعت راية الإسلام، وضحّت في سبيل دينها مئات الألوف بل الملايين من الشهداء، فضلاً عن تربيتها ملايين الأولياء، لذا لا يُستل السيف على أحفاد الأمة البطلة المضحية للإسلام، الأمة التركية، وأنا أيضًا لا أستلُّه عليهم".
ورغم ذلك لم ينجُ بديع الزمان من شرارة الفتن والاضطرابات؛ فنفي مع الكثيرين إلى "بوردو"، ووصل إليها في شتاء سنة 1926م. ثم نفي وحده إلى ناحية نائية وهي "بارلا" جنوب غربي الأناضول. ويقول عن نفسه في هذه الفترة: "… صرفت كل همي ووقتي إلى تدبّر معاني القرآن الكريم. وبدأت أعيش حياة " سعيد الجديد"، أخذتني الأقدار نفيًا من مدينة إلى أخرى، وفي هذه الأثناء تولَّدت من صميم قلبي معاني جليلة نابعة من فيوضات القرآن الكريم، أمليتها على مَن حولي من الأشخاص، تلك الرسائل التي أطلقت عليها "رسائل النور"، وهكذا أستمر الأستاذ النورسي على تأليف رسائل النور حتى سنة 1950م، وهو يُنقل من سجن إلى آخر ومن محكمة إلى أخرى، وهكذا طوال ربع قرن من الزمن لم يتوقف خلاله من التأليف والتبليغ حتى أصبحت أكثر من (130) رسالة، جمعت تحت عنوان "كليات رسائل النور" ولم يتيسر لها الطبع في المطابع إلا بعد سنة 1954م. وكان الأستاذ النورسي يشرف بنفسه على الطبع حتى أكمل طبع الرسائل جميعها. وكانت تدور مواضيعها حول تفسير آيات القرآن بأسلوب علمي عصري وكان من أقواله: (ان الدين هو ضياء القلوب، اما العلوم الحديثة فهي نور العقول). وهو من رواد التفسير العلمي للقرآن.
وفاته
وتوفي سعيد النورسي في الخامس والعشرين من رمضان المبارك سنة 1379 هـ الموافق 23 آذار 1960م، فدفن في مدينة "أورفة". ولكن السلطات العسكرية الحاكمة لتركيا لم تدعه يرتاح حتى في قبره؛ إذ قاموا بعد أربعة أشهر من وفاته بهدم القبر، ونقل رفاته بالطائرة إلى جهة مجهولة، وبعد أن أعلنوا منع التجول في مدينة "أورفة". فأصبح قبره مجهولا حتى الآن لا يعرفه الناس.
هذه شذرة من حياة هذا العملاق الكبير
هذا الرجل الذي لا يمكن أن نوفيه حقه بمقالة ولا مقالتين ولا الف مقالة
وشكرا للأخ خلوصي على هذه البادرة
وعلى هذه اللمعة
ـ[فيوض]ــــــــ[22 Dec 2009, 01:58 م]ـ
بارك الله فيك ..
ـ[خلوصي]ــــــــ[23 Dec 2009, 07:00 م]ـ
النورسي عملاق رائع في التذوق
.....
ترك وراءه تراثا عجيبا من الرجال اذلين صاغهم على عينه خلقا حسنا
وتربية وسلوكا وشفافية
لقد دعيت عدة مرات لزيارة مراكز تتبع لتلاميذ النورسي في استامبول
فرأيت العجب من تلك الروحانية
ورأيت العجب من ذلك التنظيم والترتيب
ورأيت العجب من الحرص على قيام دولة الإسلام
نعم قيام دولة الاسلام
لكن اين؟؟؟؟؟
في أعماق أعماق القلوب
فإذا أقيمت دولة الإسلام في أعماق القلوب عند ذلك فالأمة بخير
هذه شذرة من حياة هذا العملاق الكبير
هذا الرجل الذي لا يمكن أن نوفيه حقه بمقالة ولا مقالتين ولا الف مقالة
وشكرا للأخ خلوصي على هذه البادرة
وعلى هذه اللمعة
ما لي علاقة!؟!
هادا كلام الشيخ ..
لحتى لا يعاتبوني الكرام المشفقون علي بسمااااات!؟!
شكر الله لشيخنا الغوثاني ما ـحفنا به من روعة انطباعاته
جعلنا الله جميعا و إياه ممن ..
طال عمره و حسن عمله آمين.
¥