تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[خزانة الأدب: تأملات خاصة في ظلال أدب العربية]

ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[16 Feb 2010, 07:36 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

منذ التحقتُ بالدراسة في كلية الشريعة تعلقتُ بالأدب من قراءات متفرقة في كتبه القديمة وبعض المعاصرة، وكنت أذهل أحياناً عن المحاضرات لاستغراقي في قراءة بعض دواوين الشعر في المكتبة المركزيَّة للكلية. وأذكر يوماً أنني ضحكت دون شعور لبعض نقائض جرير والفرزدق في وسط سكونٍ مخيم على المكتبة والقراء، فنهرني المشرف على المكتبة وكاد يطردني، وكان أستاذاً مصرياً جليلاً صاحب علم وفضل لا أنساه، وكان مشرفاً متميزاً على المكتبة المركزية لم أجد بعده مثله في حزمه ومعرفته بكتب المكتبة المركزية، ثم خلف من بعده شباب صغار لا يفرقون بين ديوان أبي تمام، وديوان المراقبة العامة.

ولا أنسى ذلك الوقت الممتع الذي تعرفتُ فيه على قصيدة تأبط شراً في وصف الغول، وسعادتي الغامرة بمعرفة تلك القصيدة، وكان وقت المحاضرة قد حضر، فترددت بين البقاء لحفظ القصيدة أو كتابتها باليد من الكتاب، وبين حضور المحاضرة، وأصبح حالي القائل (اللهم أمي وصلاتي .. )، فغلبني حب الأدب فبقيت حتى حفظت القصيدة ونقلتها ونقلت شرحها بيدي، ولا أزال حتى الآن أعدُّها من أثمن محفوظاتي، وهذا سر من أسرار الأدب الخالد، وعلوقه بالنَّفس.

وأذكر أحد الطلاب النابهين الذي درستهم في كلية الشريعة في أول عهدي بالتدريس عام 1415هـ، وكنتُ أدرسهم مقرر (علوم القرآن)، وكان من عادتي أن أستوفي شرح المطلوب في أول الوقت، ثم أدع آخر المحاضرة للأسئلة والأدب. وذات يوم أنشدت الطلاب قصيدة بديع الزمان الهمذاني في وصف الأسد التي قالها على لسان بشر بن عوانة العبدي ضمن المقامة البشريَّة. ومرت الأيام بعد ذلك، حتى لقيني هذا الطالب الصديق العزيز هذا العام بعد مرور ستة عشر عاماً على ذلك الدرس، فقال: لقد مررتُ على الكليَّة، فلم أتذكر من أيامها الجميلة إلا تلك المحاضرة وتلك القصيدة البديعة!

ولذلك فإنني سوف أجتهد في هذه السلسلة في ملتقى أهل التفسير أن أروح عن نفسي أولاً، وأترك العنان ليدي وفكري أن يختار ويعلق على بعض الأبيات والقصائد المختارة من الشعر العربي بكافة عصوره، والوقوف مع بعض الكتب والدواوين والمختارات مع تعليقات شخصية حول هذه المختارات والفوائد.

ولعل في مثل هذه التأملات الأدبية تخفيفاً على أنفسنا من جفاف مسائل الكتب والعلم وجديتها، إلى أفياء الأدب وظلاله الوارفة، التي تجد فيها النفس الذواقة متعتها وأنسها وراحتها، وقديماً قيل: نحن إلى قليل من الأدب أحوج منا إلى كثير من العلم، ومع أن المقصود بالأدب أدب النفس والأخلاق، إلا أن الأدب العربي حسب تجربتي من أقوى ما يعين على تهذيب الأخلاق والتخلق بمكارمها.

وأرجو أن تجد هذه المختارات قبولاً لدى القراء الكرام.

الثلاثاء 2/ 3/1431هـ

ـ[عبدالله الحجي]ــــــــ[16 Feb 2010, 10:12 م]ـ

وأقترح أن تكون الباكورة من أشعارك

ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[16 Feb 2010, 10:20 م]ـ

دعونا نبدأ مع الشاعر محمد محمود الزبيري رحمه الله (1328 - 1385هـ)، شاعر اليمن الأول في العصر الحديث، من يقرأ ديوانه يشعر بروح الشاعرية تتوثب توثباً من خلال الأبيات.

ولد ونشأ الزبيري في في حارة بستان السلطان بمدينة صنعاء باليمن، العاصمة اليمنية العريقة، وبها بدأ تعلمه، ومال إلى الأدب عامة والشعر خاصة، فدرسه حتى تمكن من نفسه، فهام به أي هيام. (1)

وأسرة الزبيري من الأسر الصنعانية العريقة التي نبغ فيها قضاة وعلماء وشعراء، فقد كان جده القاضي لطف الباري الزبيري شاعراً وكان من أسرته أيضاً القاضي لطف الله بن محمد الزبيري من علماء حفظة كتاب الله ومن شعراء اليمن المعروفين، كما اشتغل والده محمود الزبيري بالقضاء، فأسرة الزبيري أسرة قضاة، وكثيراً ما رأينا لقب القاضي مقترناً باسم شاعرنا ولقد حفظ الزبيري القرآن الكريم صغيراً وكان ندي الصوت بالقرآن، يحب الناس أن يستمعوا إليه وإذا استمعوا إليه أنصتوا وخشعوا وقد أم الناس في صلاتهم وهو لم يزل دون العشرين من عمره.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير