[ارتباط المسلمين بالمسجد الأقصى]
ـ[عبدالرحمن الفضلي]ــــــــ[27 Apr 2010, 10:54 م]ـ
رتباط المسلمين بالمسجد الأقصى
أولا سبب تسميته بهذا الاسم:
وُصِفَ بالأقصى أي الأبعد بالنسبة إلى الحجاز، وقيل: إنه سمي به لأنه أبعدالمساجد التي تزار من المسجد الحرام وبينهما نحو من أربعين ليلة.
وقيل: لأنه ليس وراءه موضع عبادة فهو أبعد مواضعها.
وقيل المراد بُعْدُهُ عن الأقذار والخبائث.
* إن صلاة الرسول صلى الله عليه وسلم بالأنبياء والمرسلين عليهم الصلاة والسلام إماماً في المسجد الأقصى فيه دلالة على انتقال الزعامة الدينية من بني إسحاق وهم بني إسرائيل إلى أبناء إسماعيل وهو العرب.
* أما ارتباط المسلمين بالمسجد الأقصى المبارك وهو موضوع هذه المشاركة، فهو ارتباطٌ عَقَدي وتعبُّدي وسياسي وتاريخي وحضاري، وليس ارتباطاً انفعاليا عابراً، ولا موسمياً مؤقتاً.
- فالارتباط العقائدي يَتَبَيَّن بعِدَّةِ أُمُورٍ؛ منها على سبيل المثال لا الحصر:
الأول: حادثة الإسراء والمعراج: {سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير}
فالمسجد الأقصى هو محور ومرتكز لمعجزة الإسراء والمعراج التي تعتبر جزءاً من الإيمان والعقيدة لدى المسلمين، فالإسراء بدأ من المسجد الحرام بمكة المكرمة وانتهى إلى المسجد الأقصى بالقدس، وإن المعراج بدأ من المسجد الأقصى وانتهى إلى السموات العلى. حيث إن الإسراء معجزة من المعجزات، والمعجزات جزء منالعقيدة الإسلامية.
الثاني: هو أن بيت المقدس سيكون أرض المحشر والمنشر إن شاء الله، أخرج الإمام أحمد وابن ماجة عن ميمونة رضي الله عنها قالت: يا رسول الله أفتنا في بيت المقدس قال أرض المحشر والمنشر.
ثالثاً: قال سبحانه وتعالى: {واستمع يوم ينادِي المنادي من مكان قريب}. ذكر بعض أهل التفسير: بأن أحد الملائكة قيل إنه (إسرافيل) ينادي ليوم البعث من مكان قريب من الأرض.
والمكان القريب هو: صخرة بيت المقدس والتي هي جزء من المسجد الأقصى. فهي، أي صخرة بيت المقدس. فيقول أيتها العظام البالية والأوصال المتقطعة واللحوم المتمزقة والشعور المتفرقة إن الله يأمركن أن تجتمعن لفصل القضاء. وكما هو معلوم فإن يوم القيامة جزء من الإيمان والعقيدة.
* وأما الارتباط الثاني فهو الارتباط التعبدي، ويتجلى ذلك في أمور منها:
أولاً: الله سبحانه وتعالى قد ربط بين المسجد الحرام والمسجد الأقصى في كتابه الكريم؛ حتى لا يفصل المسلمبين هذين المسجدين، ولا يفرط في واحد منهما، وهذا لأهمية المسجد الأقصى المبارك، لأن المسجد الأقصى المبارك كان قبلة للمسلمين استقبلوه في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ستة عشر شهراً، أو سبعة عشر شهراً على اختلاف الروايتين، واستقبال القبلة شرط من شروط صحة الصلاة.
ثانيا: إن المسجد الأقصى المبارك هو أحد المساجد الثلاث التي تشد إليها الرحال كما أخرج الإمام البخاري في صحيحه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " لا تشد الرحال إلاَّ إلى ثلاث مساجد المسجد الحرام والمسجد الأقصى ومسجدي هذا ".
ثالثاً: إن المقيم في مدينة القدس له ثواب المرابط في سبيل اللّه، فهو في عبادة مستمرة، فعن النبي صلى الله عليه و سلم قال: إذا فسد أهل الشام فلا خير فيكم ولن تزال طائفة من أمتي منصورين لا يضرهم من خذلهم حتى تقوم الساعة. مسند أحمد. قال شعيب الأرنؤوط: إسناده صحيح.
* وأما الارتباط السياسي: فقد كان الفتح السياسي العسكري العظيم في العام الخامس عشر للهجرة على يد أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه حيناستلم مفاتيحها من بطريك الروم فعم الأمن والأمان والسلامة والإسلام هذهالبلاد المباركة الطيبة.
* وأما الارتباط التاريخي: حيث إن العرب سكنوا هذه البلاد منذقرون طويلة. الكنعانيين، وهم عرب كما هو معلوم في كتب التاريخ.
والارتباط الحضاري: فكل عمارة ومسجد تدل دلالة واضحة على صنع المسلمين من أقواس ومن محاريب للصلاة وغير ذلك في هذه البلاد المباركة.
* أما فضائل بيت المقدس:
- قال تعالى في سورة الأنبياء: (وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمْ الأخْسَرِينَ (70) وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الأرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ). عن الحسن: أن الأرض التي باركنا فيها: الشام. وعن قتادة: كانا بأرض العراق، فأُنْجِيا إلى أرض الشام.
قال الشيخ السعدي رحمه الله: ومن بركة الشام، أن كثيراً من الأنبياء كانوا فيها، وأن الله أختارها، مهاجراً لخليله إبراهيم عليه السلام، وفيها أحد بيوته الثلاثة المقدسة.
- قوله تعالى في سورة سبأ: (وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِي وَأَيَّامًا آمِنِينَ).
قال ابن جرير الطبري رحمه الله: يقول تعالى ذكره مخبراً عن نعمته التي كان أنعمها على هؤلاء القوم الذين ظلموا أنفسهم، وجعلنا بين بلدهم وبين القرى التي باركنا فيها وهي الشام، قرى ظاهرة أي مُتَّصلة.
- قوله تعالى في سورة الإسراء: (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ).
قال ابن تيمية رحمه الله: والبركة تتناول البركة في الدين، والبركة في الدنيا، وكلاهما معلوم لا ريب فيه.
- ومن فضائلها أن النبي صلى الله عليه وسلم أشار على الهجرة لها فعن معاوية بن حيدة رضي الله عنه قلت: يا رسول الله أين تأمرني خِرْ لي. فقال بيده نحو الشام وقال إنكم محشورون رجالا وركبانا وتجرون على وجوهكم. أخرجه الإمام أحمد. قال شعيب الأرنؤوط: إسناده حسن.
[/ justify]