[فوائد وعظات من كتب التواريخ والسير والتراجم والطبقات]
ـ[فهد الجريوي]ــــــــ[25 Feb 2010, 05:52 م]ـ
الحمد لله الذي لاخير إلا منه، ولا فضل إلا من لدنه، أحمده حمداً لا انقطاع لراتبه، ولا إقلاع لسحائبه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، قريب ممن يناجيه، سميع لمن يناديه، وأشهد أن نبينا وسيدنا محمداً عبده ورسوله، أتم البرية خيراً وفضلا، وأوسطهم فرعاً وأصلا، وأكرمهم عوداً ونجرا، وأعلاهم منزلة وأجرا، صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم على ذلك السبيل، وسائر المنتمين إلى ذلك القبيل.
فإن الهمم لتخمد، وإن الرياح لتسكن، وإن النفوس ليعتريها الملل، وينتابها الفتور، وإن سير العظماء لمن أعظم ما يذكي الأوار، ويبعث الهمم، ويرتقي بالعقول، ويوحي بالاقتداء. وكم من الناس من أقبل على الجد، وتداعى إلى العمل، وانبعث إلى معالي الأمور، وترقى في مدارج الكمالات بسبب حكاية قرأها، أو حادثة رويت له.
وسير الأولين جميلة وأخبارهم جليلة وأعمالهم عظيمة، في ظلال تلك السير عبر ودروس وفي تأملها شحذ للهمم والنفوس، إنهم قوم عرفوا الله حق المعرفة فأطاعوه، وعرفوا الشيطان فعصوه وخالفوه.
قال ابن خلكان في وفيات الأعيان: (لكن ذكرتُ جماعة من الأفاضل الذين شاهدتهم ونقلت عنهم أو كانوا في زمني ولم أرهم ليطلع على حالهم من يأتي بعدي).
وهذا ياقوت الحموي في مطلع كتابه إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب المعروف بمعجم الأدباء يقول: (فهذه أخبار قوم عنهم أُخذ القرآن المجيد والحديث المفيد وبصناعتهم تنال الإمارة وببضاعتهم يستقيم أمر السلطان والوزارة وبعلمهم يتم الإسلام وباستنباطهم يُعرف الحلال من الحرام).
وقال أبو القاسم محمد بن يوسف المدني في تاريخ بلخ (فيه إحياء ذكر الأولين والآخرين من علمائها، والطارئين عليها، فإن ذكرها حياة جديدة، ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا. وتصورهم في القلوب، ومعرفة أفعالهم، وزهدهم، وورعهم، وديانتهم، وانصرافهم عن الدنيا، واحتقارهم لها، وصبرهم على شدائد الطاعات والمصائب في الله، فيتخلق الناظر بأخلاقهم، ويتعطر السامع بأحوالهم؟ فالطبع منقاد، والإنسان معتاد، والأذن تعشق قبل العين أحياناً. ولما كان سبب النجاة الاستقامة في الأحوال والأفعال ولا يتم ذلك إلا بسائق وقائد، كصحبة الصالحين أو سماع أحوالهم والنظر في آثارهم، عند تعذر الصحبة حيث تتصور النفس أعيانهم وتتخيل مذاهبهم، لأنك لو أبصرت لم يبق عندك إلا التذكر والتخيل، وكان السمع كالبصر، والعينان كالخبر، وإن كان بينهما بون، ولكن إن لم يكن وابل فطل، سيما وعند ذكر الصالحين تتنزل الرحمة).
وعليه: فإن معرفة أحوالهم العظيمة، وقراءة سيرهم الشريفة، وتقصي أخبارهم الزكية، والاطلاع على تراجمهم النيرة العطرة، لمن أعظم ما يثبت الله به قلوب العباد على الحق، ومن أفضل ما يبعث الهمة؛ ويذكي جذوة الإيمان والاتباع، ويوصل إلى أجل المقاصد الجليلة، وأعلى الغايات النبيلة.
لهذا كله معاشر الكرام، أحببت أن أعرض لكم شيئاً مما استحسنته من سيرهم وأخبارهم، وأسأل الله جل وعلا أن لا يجعل عملنا علينا وبالا، وأن يجعله فيما يرضه سبحانه وتعالى.
ولقد قسمت العمل إلى مجموعات:
المجموعة الأولى وتحتوي على الكتب التالية:
حلية الأولياء لأبي نعيم. (مجلد واحد)
سير أعلام النبلاء للذهبي. (28 مجلد)
البداية والنهاية لابن كثير. (20 مجلد)
تاريخ بغداد للخطيب البغدادي. (17)
طبقات الحنابلة للقاضي أبي الحسين محمد بن أبي يعلى الفراء. (3 مجلدات)
الذيل على طبقات الحنابلة لابن رجب. (5 مجلدات).
وسأورد فوائدها بإذن الله كاملة فيما تبقى من هذا العام (وهي جاهزة بتمامها)، وفي العام المقبل سأورد بقية المجموعات. وفقنا الله وإياكم لكل ما يحب ويرضى والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ـ[فهد الجريوي]ــــــــ[01 Mar 2010, 12:03 ص]ـ
ملاحظة:
قد لا تصح النسبة لهذا الكتاب والعزو إليه في الأمور البحثية لعدم الالتزام بالترتيب، لكن الأمر في هذا الموضوع أيسر لأن المعول عليه الفائدة، وإن كنت قد التزمت في بقية الكتب بالنقل من الأصول.
¥