تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[أيها العلماء احذروا فأنتم على خطر عظيم]

ـ[تيسير الغول]ــــــــ[03 May 2010, 08:32 م]ـ

كتب الاخ فيوض بارك الله به كلمات رائعات ما أن ظهرت على شريط آخر المشاركات حتى تلاشت وكأنها لا تعني أحداً. وكأن خطرها بعيد عن شغاف القلوب ومضغات الافئدة. ذلك الشيطان الصغير المسمى شرك خفي يتناوب على قلوبنا فيعتليها ويمتطيها متى شاء ولا يسلم منه إلا خلّص الناس وصفاءات الارواح. الاخ فيوض كتب لكم كتاباً لم تمروا عليه ولم تعلقوا عليه لأن ليس فيه مسألة فقهيّة يطرب القلب في الإجابة عليها. وليس في كتابته إطراء ولا استحسان لبعض ما تكتبون أو تعلقون. مررتم على مقالته مرّ الكرام رغم أنها تشكل مصائد ومحارق ومزالق لكل ما تعملون. بل أن المارين عليها مرور الكرام لا يتعدون أصابع اليد رغم خطرها وبطرها على مهجات القلوب وصممات الافئدة. عودوا أيها العلماء واقرأوا واتهموا أنفسكم عند الخلوة وفي عتمات الليل وفاتشوا على حقيقة ما تفعلون وقد فعل هذا من هو أفضل من شعوبكم وقبائلكم فعنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، عَنْ حَنْظَلَةَ الأُسَيِّدِيِّ , قَالَ: وَكَانَ مِنْ كُتَّابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: لَقِيَنِي أَبُو بَكْر، فَقَالَ: كَيْفَ أَنْتَ يَا حَنْظَلَةُ؟ قَالَ: قُلْتُ: نَافَقَ حَنْظَلَةُ، قَالَ: سُبْحَانَ اللهِ، مَا تَقُولُ؟ قَالَ: قُلْتُ: نَكُونُ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، يُذَكِّرُنَا بِالنَّارِ وَالْجَنَّةِ، حَتَّى كَأَنَّا رَأْيَ عَيْنٍ، فَإِذَا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، عَافَسْنَا الأَزْوَاجَ وَالأَوْلاَدَ وَالضَّيْعَاتِ، فَنَسِينَا كَثِيرًا، قَالَ أَبُو بَكْر: فَوَاللهِ، إِنَّا لَنَلْقَى مِثْلَ هَذَا، فَانْطَلَقْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْر، حَتَّى دَخَلْنَا عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قُلْتُ: نَافَقَ حَنْظَلَةُ، يَا رَسُولَ اللهِ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: وَمَا ذَاكَ؟ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، نَكُونُ عِنْدَكَ، تُذَكِّرُنَا بِالنَّارِ وَالْجَنَّةِ، حَتَّى كَأَنَّا رَأْيَ عَيْنٍ، فَإِذَا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِكَ، عَافَسْنَا الأَزْوَاجَ وَالأَوْلاَدَ وَالضَّيْعَاتِ، نَسِينَا كَثِيرًا. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنْ لَوْ تَدُومُونَ عَلَى مَا تَكُونُونَ عِنْدِي، وَفِي الذِّكْرِ، لَصَافَحَتْكُمُ الْمَلاَئِكَةُ عَلَى فُرُشِكُمْ، وَفِي طُرُقِكُمْ، وَلَكِنْ يَا حَنْظَلَةُ، سَاعَةً، وَسَاعَةً، ثَلاَثَ مَرَّاتٍ.

اسمعوا ماذا يقول أخونا الكريم فيوض أفاض الله عليه من نعيم الجنّة وأورثه حسن العمل:

ها هنا نكتة دقيقة: وهي أن الإنسان قد يذم نفسه بين الناس، يريد بذلك أن يرى الناس أنه متواضع عند نفسه، فيرتفع بذلك، ويمدحونه به، وهذا من دقائق أبواب الرياء، وقد نبه عليه السلف الصالح. قال مطرف بن عبد الله بن الشخير: كفى بالنفس إطراءً أن تذمها على الملأ، كأنك تريد بذمها زينتها، وذلك عند الله سفه). وهذا الذي ذكر، رحمه الله، يقع من كثير من الوعاظ، من حيث يشعر، أولا يشعر. فلينتبه!

وضرب أبو حامد الغزالي، رحمه الله، أمثلةً تطبيقية، لتسلل الرياء إلى نفوس الصالحين، فقال: (وأخفى من ذلك أن يختفي، أي العامل بالطاعة، بحيث لا يريد الاطلاع، ولا يسر بظهور طاعته، ولكنه، مع ذلك، إذا رأى الناس، أحب أن يبدؤوه بالسلام، وأن يقابلوه بالبشاشة، والتوقير، وأن يثنوا عليه، وأن ينشطوا في قضاء حوائجه، وأن يسامحوه في البيع والشراء، وأن يوسعوا له في المكان. فإن قصر فيه مقصر، ثقل ذلك على قلبه، ووجد استبعاداً في نفسه، كأنه يتقاضى الاحترام مع الطاعة التي أخفاها، مع أنه لم يطلع عليه. ولو لم يكن سبق منه تلك الطاعة لما كان يستبعد تقصير الناس في حقه، ومهما لم يكن وجود العبادة كعدمها في كل ما يتعلق بالخلق، لم يكن قد قنع بحلم الله، ولم يكن خالياً عن شوبٍ خفي من الرياء، أخفى من دبيب النمل، وكل ذلك يوشك أن يحبط الأجر، ولا يسلم منه إلا الصديقون.) فالله المستعان.

ألا ما أحوج طلبة العلم، وحملة الشريعة، وممتشقي الأقلام، ومفترعي المنابر، وفرسان الفضائيات، بارك الله في جهودهم جميعاً، أن يتعاهدوا هذه المضغة، بين الفينة، والفينة، ويستلينوها بالإخلاص، فإذا آنس أحدهم استرواحاً، ومبدأ عجب، تمثل بقول سليمان، عليه السلام، الذي آتاه الله ملكاً لا ينبغي لأحد من بعده، وأقرَّ بين يديه عرش ملكة سبأ، في لمحة طرف، ويقول: (هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ) [النمل: 40]

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير