نجْوى على بوَّابةِ الثلاثينَ.!
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[01 Mar 2010, 05:59 م]ـ
أمَّاهُ ها غيمُ المشاعرِ أمطَراَ = وأنا أهِيمُ بأفقِ عُمريَ إذْ سَرى
أمَّاهُ هل حقاً ثلاثونَ انقضَتْ = عَجْلى سِراعاً.؟ أم بُنَيُّكِ ما دَرى
قالت: بُنَيَّ نعمْ ثلاثونَ احتمَتْ = بِحِمى الفَناءِ , ولفَّ خُطوتَها السُّرى
فأجبتُ أُمِّي , والسُّنونَ , ومُهجتي = والأرضَ , والألمَ الذي حلَّ العُرى
أسَفي على عهدٍ رسمتُ بصدرهِ = كُنهَ البراءةِ , مُورداً أو مُصدِرا
ملِكاً بلا مُلكٍ قضيتُ نهارهُ = ويبيتُ فيهِ الأنسُ عندي معشَرا
فالهمُّ ما غارت عليَّ فلولُهُ = أنَّى , وقلبي كانَ أزهرَ أنورا
أوَّاهُ يا زمنَ الطُّفولةِ كيفَ لي = بسويعةٍ فيها أزورُكَ مُسفِرا
أحيي بهاِ جدثَ السعادةِ بعدما = أضحى رميماً كي يعادَ ويُنشَرا
وأخُطُّ للأيَّامِ أجملَ قصَّةٍ = كانت لها صفحاتُ وجهِكَ دفتَرا
كم قد تَلتكَ من السُّنونِ نظائرٌ = في كُلها كَلُّ الحياةِ تَسمَّرا
سنةٌ إلى أخرى تَقاذَفُني , ولي = فيهِنَّ أن يغفُو الهناءُ وأسهَرا
لي في مفاوزها سِباعُ خطيئتي = ولها عليَّ الروحُ أجعَلُها قِرى
سنةٌ إلى أُخرى , وفي أغوارِها = سوقٌ يُباعُ بها العَناءُ ويُشتَرى
سنةٌ إلى أخرى وفي أرجائها = طُرقٌ بها الخِرِّيتُ يبقى أحْيراَ
ليحُطَّ في بابِ الثلاثينَ التي = تَمحو ندى الأعمارِ منهُ فمَا يُرى
هذي ثلاثونَ ابتنيتُ بنبْضِها = بيتاً من الأملِ الهَنِيِّ مُعمَّراَ
بيتٌ فرشتُ بهِ بقِيَّةَ مُهجَةٍ = يقتاتُ منها الحُبُّ سِراً مُضمَرا
حبٌّ كضوءِ الفجرِ يلتهِمُ الدُّجى = ما كانَ دعْوى أو حديثاً يُفتَرى
شهِدت بهِ شفَتانَ جازَ ببابها = لحنٌ عليهِ تمايلتْ سُقُفُ الذُّرى
شهدت بهِ عينانِ ليتَ لجفنِها = قلمٌ يُنَمِّقُ من غَراميَ أسطُرا
شهِدت بهِ زفراتُ نفسٍ حرُّها = رقَّ البِعادُ لهُ فضاقَ بما جَرى
شهِدَ الفؤادُ وكانَ أصدقَ شاهدٍ = أنِّي مُسَامريَ النسيمُ إذا سَرى
فلهُ أبُثُّ من الغرامِ شؤونهُ = وشُجونهُ , وفنونهُ , مُستَأزِراَ
فإليكِ , أو فعليكِ , أو فلديكِ , أو = بسناكِ , أو بهواكِ , شِعريَ أزْهَراَ
يا من تمَلَّكَني هواهاَ حُلوُهُ = فوجدتُّ حُبَّيها لبَوحي مَصدَرا
ماذا عسايَ اليومَ أفصحُ, إنَّني = أرسلتُ بُدَّنَ أحْرُفي والمُضمَرا
فعجَزتُ عن لفظٍ يُكوِّنُ جُملةً = تُنبي وتُعرِبُ عن هوايَ وما اعتَرى
لكِنَّني سأبُوحُ يا أمِّي فما = ضَرَّ الثُّرَيا أنْ يُناجيها الثَّرى
هذي ثلاثونَ انقضَتْ وجمالُهاَ = وجلالُها , وصباحُها , بكِ أسفَرا
بكِ أنتِ وحدكِ كنتُ أغتالُ الأسى = وأقيمُ في وجهِ الشقاءِ مُعَسكَرا
فكَستكِ أيامُ الهناءِ لَبُوسَها = وسقَتكِ عافيةُ المُهَيمِنِ كوثرا
وأذاقكِ العفوَ الإلهُ , وكنتِ في = وجهِ الرياحِ الهُوجِ أثبتَ من حِرا
صلى عليكِ اللهُ خَيْرَ صَلاتهِ = تغدو , تروحُ عليكِ مِسكا أذفَراَ
وتكونُ دافعةَ البلاءِ بمَنِّهِ = وتصيرُ تيسرَ الذي قد أعسَرا
ـ[فهد الجريوي]ــــــــ[02 Mar 2010, 12:43 ص]ـ
أدام الله ظلكم وأدر وبلكم وطلكم يا شيخ محمود، وهذه النجوى كما قال الأول:
درر هذه بدت أم دراري= أم رياض زهت بقطر السحابه
أم بدور سطت ببازي سناها =فأطارت من الظلام غرابه
أم شموس تلألأت في المعالي= فأزالت عن العيون ضبابه
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[02 Mar 2010, 01:29 م]ـ
جزاك اللهُ خيراً أخي فهد على هذه الكلماتِ الزَّاكيات.
ـ[أبو سعد الغامدي]ــــــــ[02 Mar 2010, 04:33 م]ـ
كلمات رائعة ومعبرة وصادقة
حركت في نفسي الكثير والكثير حتى أسبلت عيناي
وفقك الله ورزقك بر أمك وأقر عينيها بسعادتك في الدنيا والآخرة
ـ[محمود الشنقيطي]ــــــــ[03 Mar 2010, 01:21 م]ـ
ولك بمثل ما دعوت أبا سعد.
ـ[أبو إياد]ــــــــ[04 Mar 2010, 12:24 ص]ـ
لقد أثرتَ الكوامن أبا كابر، سقى الله أيام الطفولة!.