[غانية .. ولكن.]
ـ[إبراهيم الحسني]ــــــــ[04 Feb 2010, 08:43 م]ـ
كنت أختلس إليها لنظر، وأخجل من نفسي حين أتمادى في الحملقة فيها، والجميع يرقبني ..
ولكن أتشجع وأتمثل بيت الشاعر:
من راقب الناس مات غما ... وفاز باللذة الجسور.
؛ ثم قررت في مرة من المرات أن أصارحها بما يختلج في نفسي؛ ويقض مضجعي، فلبست أحسن ملابسي، وامتطيت صهوة جوادي، واخترت رفاقا من خيرة الرفاق: واو المعية، والأفعال الصحيحة، ونون النسوة ..
ولكن مهلا: ما دخل نون النسوة؟
لا أعلم، لكنها كانت في المقدمة ..
وقفنا عند بوابة البيت وكلنا خجل، وحيرة؛ فصرخت بصوت عال، كسر السكون الذي كان مخيما: أنا الذي جئت أخطبك ..
ثم تصببت عرقا، وكأنه انزاح عن صدري ثقل عظيم كاد يفتت أضلاعي.
بحلقت في حتى خفت من ظلي، وبدأت أرتجف، وأرتعش، مع سخونة الجو الشديدة، ثم أدرت ناظري يمينا فوجدت كل رفاقي قد تطايروا قطعا صغيرة جدا؛ فتكون من ذلك الشتات أفعال معتلة، وحروف جر، ومادة رمادية، وأخرى بيضاء، وسكتة دماغية ..
وابتدرتني المحبوبة قائلة بعد صمتها الرهيب؛ كيف تخطبني وأنت تخاف من صوت امرأة تنهرك، وترتعش من فقدان رفاقك، وتتسلح بنون نسوة ..
لا، وملأت بها الأفق فانزاح الهواء كأنما هو إعصار رهيب: إن من يخطبني لا أقبل منه سوى أهم شيء في حياته مهرا ..
إن كنت جادا؛ فانظر من خطبني قبلك: من كان منهم عالما، أخذت منه علمه، وتركه مشوها في جيله، منعوتا بأوصاف الجهل، والحماقة، وما ابن حزم منك ببعيد ..
ومن كان منهم حرا أبيا شجاعا في خطبتي اقتنصت منه حريته، وأخلدته في السجن وما الإمام، وابن تيمية وغيرهما منك ببعيد.
ومن كان منهم مجاهدا يمارس أعلى مراتب الجهاد؛ خلطت له الأمرين؛ وما سيد قطب منك ببعيد ..
واستدارت وتمادت في محاضرتها المخيفة: هل تريد الزيادة ..
وكانت فرصتي الوحيدة؛ وعلي اقتناصها: لا لا الزيادة ربا، وأنت تعلمين أنها تفسد معاني رفاقي؛ بل لا أبالغ حين أقول لك إني أكره حروفها "سألتمونيها"
فاعذريني ثم اعذريني؛ فما أنا إلا واحد من قومي.
ورجعنا بخفي حنين.