تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

سعيتُ فأكديتُ ورجعتُ إلى بيتي فأتاني رزقي.

ـ[أم الأشبال]ــــــــ[22 Apr 2010, 04:30 ص]ـ

بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله

أما بعد:

يقول محمد إسماعيل المقدم في محاضرته (آثار من الكتاب والسنة وسير الصالحين في الإيمان بالرزق)

" يقول تبارك وتعالى: وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا [هود:6] ...

وقال القرطبي رحمه الله: قيل لبعضهم: من أين تأكل؟ فقال: الذي خلق الرحى يأتي بالطحين، والذي شدق الأشداق - يعني جوانب الفم- هو خالق الأرزاق.

وقيل لأبي أسيد: من أين تأكل؟ فقال: سبحان الله والله أكبر، إن الله يرزق الكلب، أفلا يرزق أبا أسيد؟

وقيل لحاتم الأصم: من أين تأكل؟ فقال: من عند الله، فقيل له: الله ينزل لك دنانير ودراهم من السماء؟ فقال: كأنما له إلا السماء؟ يا هذا الأرض له، والسماء له، فإن لم يؤتني رزقي من السماء ساقه لي من الأرض، وأنشد:

وكيف أخاف الفقر والله رازقي ورازق هذا الخلق في العسر واليسرِ

تكفّلَ بالأرزاق للخلق كلهمْ وللضّبّ في البيداء والحوت في البحرِ

يقول: ولا يمنع من التوكل مباشرة الأسباب، مع العلم أنه سبحانه المسبب لها، ففي الخبر: (أعقلها وتوكل).

ولا ينبغي أن يعتقد أنه لا يحصل الرزق بدون مباشرة السبب، فإنه سبحانه يرزق الكثير من دون مباشرة لسبب أصلاً، يقول ابن أذينة:

لقد علمت وما الإسراف من خُلُقي أن الذي هو رزقي سوف يأتيني

أسعى إليه فيعييني تطّلبه ولو أقمت أتاني لا يعنّيني " أهـ

وقدم مجموعه من الشعراء على هشام بن عبد الملك وكان بينهم الشاعر عروه بن أذينة قائل الشعر السابق فلما دخلوا عليه عرف عروه فقال: ألست القائل:

لقد علمت وما الإسراف من خُلقي* * * أنَّ الذي هو رزقي سوف يأتيني

أسعى إليه فيعييني تطلُّبُه * * * ولو قعدتُ أتاني لا يُعنّيني

وأراك قد جئت من الحجاز إلى الشام في طلب الرزق فقال له:

يا أمير المؤمنين زادك الله بسطة في العلم والجسم ولا ردَّ وافدَك خائباً والله لقد بالغتَ في الوعظ وأذكرتني ما أنسانيه الدهر.

وخرج من فوره إلى راحلته فركبها وتوجه راجعاً إلى الحجاز.

فلما كان في الليل ذكره هشام وهو في فراشه فقال:

رجل من قريش قال حكمه ووفد إلي فجبهته ورددته عن حاجته وهو مع ذلك شاعر لا آمن ما يقول، فلما أصبح سأل عنه فأُخبر بانصرافه فقال:

لا جرَم ليعلم أن الرزق سيأتيه ثم دعا مولى له وأعطاه ألفي دينار وقال:

الحق بهذه ابن أذينة وأعطه إياها قال الرجل:

فلم أدركه إلا وقد دخل بيته فقرعتُ الباب عليه فخرج إلي فأعطيته المال فقال:

أبلغ أمير المؤمنين قولي: سعيتُ فأكديتُ ورجعتُ إلى بيتي فأتاني رزقي.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير