تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ولما فرض الله تعالى صيام شهر رمضان المبارك نسخت فرضية صوم عاشوراء وبقيت على الاستحباب كما جاء في صحيح البخاري وغيره عن عائشة رضي اللَّه عنها قالت:" كَانَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ يَوْمًا تَصُومُهُ قُرَيْشٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُهُ فَلَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ صَامَهُ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ فَلَمَّا نَزَلَ رَمَضَانُ كَانَ مَنْ شَاءَ صَامَهُ وَمَنْ شَاءَ لَا يَصُومُهُ"، وزاد في بعض الروايات عن عاشوراء: "وَكَانَ يَوْمًا تُسْتَرُ فِيهِ الْكَعْبَةُ ".

وإن في فعل الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين صيام يوم عاشوراء على الاستحباب، ففي موطأ الإمام مالك عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَنَّهُ سَمِعَ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ عَامَ حَجَّ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُولُ: يَا أَهْلَ الْمَدِينَةِ أَيْنَ عُلَمَاؤُكُمْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لِهَذَا الْيَوْمِ هَذَا يَوْمُ عَاشُورَاءَ وَلَمْ يُكْتَبْ عَلَيْكُمْ صِيَامُهُ وَأَنَا صَائِمٌ فَمَنْ شَاءَ فَلْيَصُمْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيُفْطِرْ"

وفي الباب"عَنْ مَالِك أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَرْسَلَ إِلَى الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ أَنَّ غَدًا يَوْمُ عَاشُورَاءَ فَصُمْ وَأْمُرْ أَهْلَكَ أَنْ يَصُومُوا"

وهذا الأمر على الاستحباب، وبعض الصحابة كان يفطر يوم عاشوراء لتأكيد نسخ فرضية صيامه كما جاء في صحيح البخاري عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود رضي الله عنه قَالَ:" دَخَلَ عَلَيْهِ الْأَشْعَثُ وَهْوَ يَطْعَمُ فَقَالَ: الْيَوْمُ عَاشُورَاءُ فَقَالَ كَانَ يُصَامُ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ رَمَضَانُ فَلَمَّا نَزَلَ رَمَضَانُ تُرِكَ فَادْنُ فَكُلْ".

وقد علق الحافظ ابن حجر في فتح الباري على الروايات المتعلقة بصيام عاشوراء فقال:" ويؤخذ من مجموع الأحاديث أنه كان واجبا لثبوت الأمر بصومه ثم تأكد الأمر بذلك ثم زيادة التأكيد بالنداء العام ثم زيادته بأمر من أكل بالإمساك ثم زيادته بأمر الأمهات أن لا يرضعن فيه الأطفال وبقول ابن مسعود الثابت في مسلم: "لما فرض رمضان ترك عاشوراء" مع العلم بأنه ما ترك استحبابه بل هو باق، فدل على أن المتروك وجوبه وقد نص الفقهاء على بقاء الاستحباب كما جاء في رسالة أبي زيد القيرواني المالكي: "والتنفل بالصوم مرغب فيه، وكذلك صوم يوم عاشوراء".

خامساً: مراتب صوم عاشوراء:

ذهب السادة المالكية إلى أن صيام عاشوراء على أربع مراتب:

الأولى: صيام الشهر كله.

الثانية: صيام العشر الأُوَل منه.

الثالثة: صيام التاسع والعاشر.

الرابعة: صيام العاشر فقط.

جاء في صحيح مسلم وغيره عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما قال: قال رسول اللَّه:" لَئِنْ بَقِيتُ إِلَى قَابِلٍ لَأَصُومَنَّ التَّاسِعَ وفي رواية قال:" حِينَ صَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ يَوْمٌ تُعَظِّمُهُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا كَانَ الْعَامُ الْمُقْبِلُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ صُمْنَا الْيَوْمَ التَّاسِعَ قَالَ فَلَمْ يَأْتِ الْعَامُ الْمُقْبِلُ حَتَّى تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ".

وذهب السادة الشافعية والحنفية إلى أن صومه على ثلاث مراتب وفق الترتيب التالي:

الأولى: صومه مع يوم قبله ويوم بعده.

الثانية: صومه مع يوم قبله أو بعده.

الثالثة: صومه وحده، قال العلامة ابن حجر الهيتمي في الفتاوي الفقهية الكبرى: فمراتب صومه ثلاثة أدناها صومه وحده ثم مع التاسع ثم معه ومع الحادي عشر فهذا أكملها).

وذكر الحافظ ابن حجر في فتح الباري: "وعلى هذا فصيام عاشوراء على ثلاث مراتب: أدناها أن يصام وحده، وفوقه أن يصام التاسع معه، وفوقه أن يصام التاسع والحادي عشر".

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير