تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

«الأول: وهو الذي ينادي بذلك على الوجه الذي تقدم في هذه الدراسة، وهؤلاء قلة، وصوتهم يكاد أن لا يُسمع من الصخب والجلبة التي يثيرها الفريق الآخر، وهؤلاء غالبيتهم من أهل الاختصاص في العلوم الشرعية: كبعض المفتين، ووزراء الأوقاف، وأساتذة العلوم الشرعية في الجامعات، وبعض الدعاة وطلبة العلم، وإن كان بعض هؤلاء لم يخلُ خطابهم وحديثهم من بعض الشوائب التي كدَّرت صَفْوَ كلامهم؛ وذلك بفعل الصياح الذي يكاد يصم الآذان من الفريق الآخر.

الثاني: وهو الذي ينادي بالتجديد، لكنه يفهم التجديد على أنه التغيير أو التطوير؛ أي تغيير الخطاب الديني: المحتوى والمضمون، وليس الطريقة أو الأسلوب؛ ليجاري التغيرات السريعة في واقع المجتمعات داخلياً، وفي العلاقات بين الدول خارجياً؛ بحيث تصير قضية الخطاب الديني: هي إقرار هذا الواقع وتسويغه وتسويقه، والتجاوب معه كلما تغير».

ويبين خطورة التجديد بمعنى التغيير أو التطوير، فيقول:

«1 - إخضاع الدين الذي هو وضع إلهي إلى عقل الإنسان وتفكيره؛ مما يجعل الدين عرضة للتغيير والتبديل المستمر، وهذا بدوره يؤدي مع مرور الزمن إلى ضياع الدين كليةً، كما حدث مع الذين من قبلنا اليهود والنصارى، حينما عمد الأحبار والرهبان إلى تغيير بعض الأحكام التي أنزلها الله في كتبهم بزعم المصلحة، وقد بين الله ذلك في كتابه؛ فقال مبيناً سوء صنيعهم وعاقبة فسادهم: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّهِ} [التوبة: 31]، قال ابو البختري: «انطلقوا إلى حلال الله فجعلوه حراماً، وانطلقوا إلى حرام الله فجعلوه حلالاً» وعند ذلك يُدْرَس الإسلام، وتعود البشرية إلى الجاهلية مرة أخرى؛ فهذه دعوة تحريفية تسعى إلى خراب العالم وإفساده؛ بإبعاد البشرية عن هداية الله لهم فيما أوحاه إلى عبده ورسوله الأمين محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم.

2 - إفقاد الأمة الإسلامية أهم مصدر من مصادر عزها وقوتها، حتى تصير بعد ذلك أمة بلا هوية، بلا تاريخ، بلا ثقافة، وأخيراً بلا دين، وتصير بعد ذلك نهباً لكل طامع في خيرات بلادها.

3 - إفساح المجال بقوة أمام الحركات أو جمعيات التنصير التي تنشط في المجتمعات والأماكن التي تجهل حقيقة الإسلام.

4 - تحويل الأمة من أمة قائدة هادية للحق إلى أمة تابعة ذليلة ضالة.

5 - إماتة روح الجهاد في نفوس الأمة؛ مما يسهل اختراقها واحتلال بلاد المسلمين من قِبَل الصليبيين المتربصين، كما يساهم في تثبيت احتلال اليهود لفلسطين وسيطرتهم على بيت المقدس.

6 - العبث بحاضر الأمة ومستقبلها؛ مما يحوِّلها في النهاية إلى مجرد قطيع يسوقه راعي الصليب إلى حيث يشاء؛ فتنساق خاضعة مستسلمة حتى لو كان في ذلك هلاكها.

7 - إيجاد قطيعة مع سلف هذه الأمة، حتى إنك لو نظرت في أقوال المجددين العصريين وقارنتها بسلف هذه الأمة خُيِّل إليك أنهم يتحدثون عن شريعة غير الشريعة التي يتمسك بها السلف الصالح، ويتحدثون عنها».

ثم يتابع الحديث عن التجديد من الناحية التحريفية، فيبين أن المجددين العصريين مقلدون، ويذكر ضوابط التجديد عندهم، ثم يرسم ملامح منهج التجديد العصري.

أما مراحل تحريف الدين فيقسمها إلى خمسة أطوار:

1 - الطور الأول: طور البداية.

2 - الطور الثاني: طور التغريب.

3 - الطور الثالث: طور العصرانية.

4 - الطور الرابع: طور العولمة.

5 - الطور الخامس: طور فرض التحريف بالقوة.

وقد أشار إلى المشروع الأمريكي لتطوير الخطاب الديني فقال:

«نشرت بعض الصحف العربية في ذي القعدة 1423هـ تقريراً يتحدث عن مشروع أمريكي يستهدف تطوير الخطاب الديني، والمشروع يعمل على: تقريب دور الدين الإسلامي في حياة العرب والمسلمين من دور الدين النصراني في حياة الغرب العلماني؛ أي: تحويل الإسلام عن وجهته في توجيهه للمسلمين وقيادتهم وفق تشريعاته إلى أن يكون قريباً من الدين النصراني ... ويقترح المشروع أيضاًً تشكيل لجنة دينية عُليا من المسلمين والمسيحيين واليهود: تهدف إلى تبصير كل شعوب العالم بالتقاء وجهات النظر، والتقارب بين الديانات التوحيدية الثلاثة، ويقترح المشروع أيضاً أن تعقد هذه اللجنة أربعة اجتماعات سنوياً في القدس، ومكة، والمدينة، ومقر الفاتيكان».

ومما قاله في الخاتمة: «دور المسلمين في مواجهة التجديد التحريفي»:

«على كل مسلم واجب في ذلك مكافئ لوضعه أو مكانته التي جعله الله فيها؛ فصاحب السلطان له دور، والعالم والداعية له دور، وأصحاب الأموال لهم دور، وهذه الأدوار متنوعة بحسب تخصصات المذكورين وصلاحياتهم، ولكنها تتكامل فيما بينها لتؤدي المطلوب منها، وبقية الناس لهم دور أيضاً؛ فإن هذا من الدفاع عن الدين، وهذا لا يُعفى منه أحد، وقد حمي الآن الوطيس، والمعركة على أشَدِّها بين جند الرحمن وعبيد الشيطان، والغلبة لجند الرحمن، والخذلان والهزيمة لعبيد الشيطان».

وبعد: فإن هذه العجالة لا تفي ببيان ما احتواه الكتاب من قضايا نحياها، وما اشتمل عليه من مسائل تهم القارئ الحصيف الباحث عن الحقيقة. "

الطبعة: الأولى: 1425 هـ/ 2004م.

عدد الصفحات: 152 صفحة. قياس: 17 * 24 سم. غلاف.

الناشر: مجلة البيان - لندن - سلسلة كتاب البيان.

مكتب السعودية: الرياض - هاتف 4641222.

المصدر:

http://www.saaid.net/Doat/alsharef/20.htm

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير