تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

فالداعية العظيم هو الذي يجني العسل بهدوء ورفق .. دون أن يزعج النحل أو يقتله أو يشرده .. ودون أن يكسر الخلية ويسكب العسل على الأرض.

وأن نكون ممن يجمع ولا يفرق .. ويبشر ولا ينفر .. وييسر ولا يعسر .. ويحبب ولا يبغض .. ويجذب ولا يطرد .. يعين الناس على شيطانهم ولا يعين الشيطان عليهم.

في يوم مولدك يا رسول الله نعاهدك ألا يكون جل اهتمامنا بهدديك الظاهر مثل اللحية ونحوها فقط .. ولكننا نعاهدك على إصلاح بواطننا وقلوبنا وضمائرنا .. وأن نهتم بغسل وتنظيف هذه القلوب أكثر من خمس مرات يومياً .. كما نتوضأ كل يوم خمس مرات ونغسل فيها جوارحنا بعناية .. فالقلوب أولى بالنظافة من الجوارح .. والنفوس أولى بالطهارة من الملابس.

نعاهدك يا سيدي يا رسول الله في يوم مولدك أن نعيش دوماً مع قولك الكريم

"إن الله لا ينظر إلى صوركم وأشكالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم"

نعاهدك أن نسعى لإصلاح قلوبنا قبل جوارحنا .. وإصلاح باطننا قبل ظاهرنا.

نعاهدك ألا نهمش دعوتك العظيمة في المظهر دون الجوهر .. وفي الشكل دون المضمون

نعاهدك أن ننشغل بالبناء عن الهدم .. وبالعمل عن الجدل .. وبالجمع عن التفريق

نعاهدك أن نحرص على الواجب الشرعي فلا نضيعه .. وأن نهتم بالواقع العملي فلا نهمله .. فمن أهمل الواجب الشرعي فقد ضيع دينه وقصر في حق ربه .. وأهمل أمر ربه وأمر رسوله (صلى الله عليه وسلم)

أما من يهمل الواقع ولا يدركه ولا يعرفه فقد غفل عن الواقع الذي تعمل فيه النصوص الشرعية .. فهذه النصوص لا تعمل في فراغ .. ولا تطبق في الهواء .. ولكن كل نص شرعي من كتاب أو سنة يتناسب مع واقع معين .. ومن أخطأ قراءة النص الشرعي أو أخطأ في قراءة واقعة فإنه سيخطأ بالتأكيد في العمل للإسلام وبالإسلام .. وسيقع في سلسلة متواصلة من السلبيات والأخطاء في دعوته قد تضيع دعوته ليخرج منها خالي الوفاض.

نعاهدك يا رسول الله في يوم مولدك أن ندور مع الإسلام حيث دار .. ومع الشريعة حيث كانت .. ولا ندور حول ذواتنا أو هيئاتنا أو جماعاتنا .. فمن دار حول الإسلام والشريعة ربح ونجح في الدارين .. ومن دار حول ذاته فشل وهزم .. وفسد وأفسد

نعاهدك يا رسول الله أن نفرق بين الغايات والوسائل .. فلا نحول الوسائل إلي غايات .. ولا تنزلها مكانتها .. فإن بعض الخلل الذي أصاب مسيرة الحركة الإسلامية المعاصرة هو تحويل الوسائل إلي غايات .. أو عدم التفرقة بينهما على الأقل.

فالجماعة المسلمة وسيلة إلي تحقيق الإسلام في واقع الحياة .. فلا نحولها إلي غاية .. ليفجر بعضنا في الخصومة من أجلها .. أو نتعصب لها بغير حق .. أو ندور حولها دون وعي .. فنضيع مع هذا الدوران الواجبات والفرائض .. أو نتعصب لها تعصبا ً أعمى مثلما يفعل البعض اليوم.

والجهاد وسيلة إلي مرضاة الله فلا ينبغي أن يتحول شعارنا في يوم من الأيام إلي " الجهاد للجهاد " أو " القتال للقتال " .. أو " والقتال حتى دون هدف " أو " القتال حتى لو أضر بالدعوة أو بالإسلام نفسه " .. كما يفعل البعض

فمعرفة الفرق بين الغايات والوسائل يساعدنا على ضبط حركتنا وعدم الاستغراق في الوسيلة على حساب المقصد والغاية.

وعلينا جميعا ًأن نجدد في وسائلنا لتحقيق المقصد الأسمى لنا جميعا ً وهو إقامة الدين .. فالغايات ثابتة والوسائل متعددة ومتغيرة .. وهي تختلف من زمان إلي زمان .. ومن مكان إلي مكان .. بحيث تتلاءم مع كل الأزمان والبلاد .. وتحقق المصالح وتدرأ المفاسد.

نعاهدك يا سيدي يا رسول الله في يوم مولدك أن نكون ثابتين على ثوابت الإسلام .. ومتغيرين مع متغيراته.

أن نكون ثابتين مع أخلاقه وعقيدته وغاياته الكبرى وأركانه المعروفة .. وأن نكون متطورين ومتغيرين مع الوسائل والآليات لإقامة الدين في دنيا الناس.

وأن نكون مع ثوابت الإسلام في صلابة الحديد .. ومع متغيراته في مرونة الحرير.

نعاهدك يا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أن نفرق بين الأصول والفروع .. وبين الثوابت والمتغيرات .. فلا نقيم الدنيا ونقعدها من أجل فروع فقهية اختلف فيها السلف والخلف .. ولم يحسم الرأي الفقهي فيها.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير