إذا هذه الأدلة ومع الأدلة التي سنذكرها إن شاء الله في مواضعها من الكلام الآتي كلها تدل دلالة واضحة على أن قول الإمام محمد ابن سيرين رحمه الله تعالى مبني على ما فهمه من الصحابة رضي الله عنهم وما فهمه من الكتاب والسنة بل هذا دأب السلف رضوان الله عليهم أنهم كانوا متبعين لا مبتدعين لا يأصلون أصولا من تلقاء أنفسهم بل يرجعون إلى الأصول المعتمدة من كتاب ربنا وسنة نبينا وما نقل عن سلف هذه الأمة.
الموضوع السادس: ما تضمنه قول ابن سيرين رحمه الله تعالى من الفوائد والحكم، قول ابن سيرين رحمه الله تعالى تضمن عدة فوائد أجملها سريعا:
الفائدة الأولى: ما المقصود من العلم.
الفائدة الثانية: حرمة الكلام في مسائل العلم.
الفائدة الثالثة: وجوب الاختيار والانتقاء للمشائخ الذين يتلقى منهم العلم.
الفائدة الرابعة: التمييز بين المتصدرين للعلم.
الفائدة الخامسة: من الذي يؤخذ منه العلم.
الفائدة السادسة: من الذين لا يؤخذ منهم العلم.
الفائدة السابعة: يستوي في ذلك كله السماع والحضور والقراءة والصحبة وأي نوع من أنواع التلقي.
الفائدة الثامنة: كيف تعرف من يؤخذ منه العلم ومن لا يؤخذ منه العلم.
إذاً هذه هي الفوائد المستنبطة والمستخرجة من كلام ابن سيرين رحمه الله تعالى وسنقف عليها فائدة فائدة
الفائدة الأولى: من المقصود من العلم؟ هل المقصود من العلم تكثير المعلومات وتكبير الرأس بحشوه من المعلومات؟ هل الفائدة من العلم أن يتصدر الإنسان للناس ويتفرد بذلك فيقول أنا لازم أجمع وأدرس أشياء كثيرة حتى أكون متفردا فيرجع إلي الناس ويتخذوني رأسا؟ ما المقصود من العلم؟ المقصود من العلم أن تعبد الله عز وجل على بصيرة وأن تحصل لك الخشية والخوف من الله عز وجل وأن تتبع ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكرام وليس المراد من العلم تكثير المعلومات
أخرج ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله أنه عن الثوري أنه قال إنما يطلب الحديث ليتقي الله به فلذلك فضل على غيره من العلوم ولولا ذلك كان كسائر الأشياء فبين سفيان الثوري رحمه الله تعالى أن العلم يقصد به أن يعبد الله العبد على بصيرة وعلى خشية قال إنما يطلب الحديث ليتقى الله به لتعلم كيف تعبد الله عز وجل قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أي على علم وحجة ونور من الله عز وجل فلا تدعو إلى الله على جهالة أو على ضلالة
وأيضا أخرج الرامهرمزي في المحدث الفاصل عن مالك ابن أنس أنه قال ليس العلم بكثرة الرواية ولكنه نور يجعله الله في القلوب
وقد فسر هذه اللفظة أحمد ابن صالح المصري بقوله:معناه أن الخشية لا تدرك بكثرة الرواية وإنما العلم الذي فرض الله عز وجل أن يتبع فإنما هو الكتاب والسنة وما جاء عن الصحابة الكرام رضي الله عنهم.
وقال قوام السنة وفي كتاب الحجة: ليس العلم بكثرة الرواية وإنما هو الإتباع والاستعمال، يقتدي بالصحابة والتابعين وإن كان قليل العلم ومن خالف الصحابة والتابعين فهو ضال وإن كان كثير العلم وهذا قوله عظيم لابد أن نتدبره، يقول ليس العلم بكثرة الرواية وكثرة المعلومات إنما هو الإتباع، إذا أردت العلم الصحيح العلم الممدوح أصحابه هو العلم المبني على الكتاب والسنة وفهم سلف الأمة يقول وإن كان قليل العلم قد يكون الرجل متبعا للكتاب والسنة على فهم سلف الأمة وعلمه قليل فهذا الرجل هو الذي تقصده بالتعلم منه والتلقي عنه ولا يخدعك الشيطان بأن علمه قليل لأنه بإتباعه للكتاب والسنة وفهم سلف الأمة هو كبير رغم أنوف أهل البدع والأهواء، أليس الحق المبني على الكتاب والسنة كبيرا إيه والله إنه لكبير ولكن الجاهلون ينظرون إليه ويستصغرونه لأنهم نظروا إلى الأدلة من الكتاب والسنة فاستصغروها واستعملوا عقولهم العفنة وقلوبهم الوسخة فقدموها على نصوص الكتاب والسنة.
جاء في العلل ومعرفة الرجال عن الإمام أحمد عن بعض السلف أنه قال رأيك ورأيي إذا خالف كتاب الله وسنة رسول الله فضعه في الحش ـ إي في مكان القاذورات أكرمكم الله ـ لماذا؟ لأن الرأي المخالف للكتاب والسنة ملعون الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ذكر الله وما والاه فالرأي المخالف للكتاب والسنة هل هو من ذكر الله هل هو من ما والاه؟ هو ممن خالفه فهو ملعون لا خير فيه
¥