وعوارضٌ منها أسيم بجنّةٍ *-*-*-*-*- نظري وللتفّاح منها أقطف
ومُقَبَّلٌ ما زلت أرشف بردَه *-*-*-*-*- وأقول: أين الشهدُ ممّا أرشف؟
تقع الصفاتُ على المحاسن كلها *-*-*-*-*- إلا الرضابَ فذوقُه لا يُوصف
أقسمت لو نَظَرَ السقيمُ لوجهه *-*-*-*-*- نال الشِّفا وهو السقيم المدْنَف
ما نلت منه جلسةً إلا غدت *-*-*-*-*- معْه بأقرب موعدٍ تستأنف
خلساتُ وصْلٍ لم تَشُبْها ريبةٌ *-*-*-*-*- كلا ولا منها الشهامة تأنف
أُرخي العنانَ للذَّتي حتَّى إذا *-*-*-*-*- ما قاربت أمدَ النكارة أصدف
أهوي إليه بجملتي فأضمّه *-*-*-*-*- وأشمّه وأقول يا ربِّ العَفُو
من قصيدة: الأندلسية
لكَ اللهُ إن شئتَ الصَّبوحَ فبكِّرِ *-*-*-*-*- بكأسٍ دِهاقٍ من حُمَيّا التذكُّرِ
وغنِّ على ذكرى الليالي التي خلت *-*-*-*-*- قصائدَ إن تُنْشَدْ على الميْتِ يُنشَر
فقد تَعْذُبُ الذكرى ولو لفجيعةٍ *-*-*-*-*- ويشفي أُوَارَ الصدر فَرْطُ التحسُّر
ولولا المراثي والمآقي وراءها *-*-*-*-*- لأفنى الورى حَرُّ الأسى المتسعّر
تقضّتْ لباناتُ الرجال من الجوى *-*-*-*-*- بتذكار ماضٍ أو إثارة مُضْمَر
لعمرك لا يُرجى لنشأة مقبلٍ *-*-*-*-*- ومستقبٍل من لم يفكِّرْ بُمدبر
وما هذه الدنيا سوى متقدِّمٍ *-*-*-*-*- يُكوَّرُ تجديدًا على متأخِّر
أَدِرْها تردَّ الرشدَ في عقل ذاهبٍ *-*-*-*-*- وتذهبْ بعقل الراشد المتبَصِّر
وتُحيي لنا عهدًا يَصُوب عِهادُه *-*-*-*-*- منازلَ قلبٍ من هوى الذكر مُقفر
وكائنةٍ لم يعرفِ الدهرُ أختَها *-*-*-*-*- ولا حدّثت عن مثلها كُتْبُ مخبِر
يكاد الذي يقرا غريبَ حديثها *-*-*-*-*- يظنُّ خيالاً أو أحاديثَ مُفْتَر
يقولون: كانت أمّةٌ عربيةٌ
بأندلسٍ سادت بِهَا جَمَّ أعْصُر *-*-*-*-*- وقد عمرت أقطارُ أندلسٍ بهم
فكم بلدٍ فخمٍ ومصرٍ ممصَّر *-*-*-*-*- وكم أربُعٍ خُضرٍ وحرْثٍ مطبّقٍ
وفاكهةٍ رَغْدٍ وزهرٍ منوَّر! *-*-*-*-*- وكم قائدٍ قَرْمٍ وجندٍ مدرّبٍ
وكم سائسٍ فحلٍ وأمرٍ مدبَّر! *-*-*-*-*- وكم بطلٍ إن ثار نَقْعٌ رأيتَه
يبيع بأسواق المنايا ويشتري! *-*-*-*-*- وما شئتَ من علمٍ ورأيٍ وحكمةٍ
ودرسٍ وتحقيقٍ وقولٍ محرَّر *-*-*-*-*- إلى شممٍ جَمٍّ ومجدٍ مؤثّلٍ
وفي عزّةٍ قَعْسا ووَفْرٍ مُوفَّر *-*-*-*-*- نعم، كان فيها من نزارٍ ويَعْرُبٍ
جموعٌ تُحيل الأرضَ في يوم محشر *-*-*-*-*- فراحت كأن لم تَغْنَ بالأمس، وانقضى
لهم كل رِكْزٍ غير ذكرٍ معطَّر *-*-*-*-*- كأن لم يكن بين الحجون إلى الصفا
أنيسٌ ولم يسمر هناك ويسهر *-*-*-*-*- كأن لم تكن في أرض أندلسٍ لنا
جحافلُ إن تحملْ على الدهر يُذعَر *-*-*-*-*- فماذا الذي أخنى عليها، وما الذي
رماها بهذا الخسف بعد التصدُّر؟ *-*-*-*-*- إذا أعمل المرء البصيرةَ لم يجد
لها علّةً غيرَ الخلافِ المتَبِّر *-*-*-*-*- خلافان: هذا بين قيسٍ ويعربٍ
مقيمٌ، وهذا بين عُرْبٍ وبربر *-*-*-*-*- ولا شرَّ يحكي شرَّ حربٍ إذا التقت
صناديدُ قيسٍ مع غطاريفِ حِمْيَر *-*-*-*-*- لعمرك لولا الخُلْف لم يك مشرقٌ
ولا مغربٌ يعصي عليهم ويجتري *-*-*-*-*- لقد عصفت في شقّة الغرب ريحُهم
فسادت، ولكن لم تكن ريحَ صَرْصَرِ *-*-*-*-*- فقد أثَّلوا في أرضها مدنيّةً
ترى الخصم في عليائها ليس يمتري *-*-*-*-*- وسَوَّوْا جميع العالمين بعدلهم
ومن يتمسَّكْ بالسوية يعمر *-*-*-*-*- ولا عارضوا في دينه غيرَ مسلمٍ
ولا عاملوا أهل الكتاب بمنكر *-*-*-*-*- ولا نصبوا ديوان تفتيشهم على
عقائدِ أقوامٍ يجوس ويفتري *-*-*-*-*- ولا أحرقوا بالنار من قيل إنه
على صلةٍ معْ دينه بالتستّر *-*-*-*-*- بذلك هاتيك الممالك أصبحت
مثالاً قويمًا للعُلا والتحضُّر *-*-*-*-*- وقد صار نهر الرون ثغر بلادهم
وكم صبغوه في الجهاد بأحمر! *-*-*-*-*- وشكُّوا لِواهم في ذُرا «قَرْقَشَنَّةٍ»
وسلّوا على «تربولةٍ» كلَّ أبتر *-*-*-*-*- ودانت لهم صِيد الجلالقة الألى
بَلا منهمُ الرومانُ كلَّ غضنفر *-*-*-*-*- ولم يقفِ البشْكَنْسُ في وجه زحفهم
ولا أوطؤوا الجرمانَ ثغرةَ مُعور *-*-*-*-*- وإن يك لاقى الغافقيُّ حِمامَه
ومحّصَ في يوم البلاط المقدَّر *-*-*-*-*- فقد لبثت من بعد ذاك جيوشهم
تَعَرَّضُ دهرًا للفرنج وتنبري *-*-*-*-*- يقول الألى قد شاهدوا غزواتهم
هم العُرْبُ فوق الخيل، أم جِنّ عبقر *-*-*-*-*- وصقرُ قريشٍ حين جاء مشردًا
فأنشبَ فيهم أي ظُفْرٍ مُظَفَّر *-*-*-*-*- وشاد بهاتيك القواصي إمارةً
لها أجفل المنصورُ والدُ جعفر *-*-*-*-*- وخلّف أملاكًا سموا وخلائفًا
أُسودَ عرينٍ منهمُ كلُّ مُخدِر
من قصيدة: أنتِ أجدر بالهناء
أمؤثرةَ البقاء على الفناءِ *-*-*-*-*- لعمري أنت أجدر بالهناءِ
غرقنا في البكاء ولو علمنا *-*-*-*-*- لأجلَى الغيبُ عن ضَحِك القضاء
وصبَّرَنا الرثاء وما فقيدٌ *-*-*-*-*- أحقُّ من المخلَّف بالرثاء
أيبكي من ثوى بجوار عبدٍ *-*-*-*-*- ويُبكَى مَنْ نحا ربَّ السماء
لقد فاز الذّي ولّى حثيثًا *-*-*-*-*- فليس المنزلان على السواء
مضيتِ لما غَدَا خيرًا وأبقى *-*-*-*-*- وذاك لجازعٍ خيرُ العزاء
فإن نحزنْ فلا لغرور دنيا *-*-*-*-*- ولكن للتّفَرُّقِ والتنائي
فقد عزَّ الفراقُ على البرايا *-*-*-*-*- فكيف وذا الفراقُ بلا لقاء
سلامٌ من صميمِ فؤادِ صَبٍّ *-*-*-*-*- على الوجه المجلَّل بالبهاء
نزفتُ الدمعَ في مَنعاك حزنًا *-*-*-*-*- ولو أنصفتُ لم تسلم دمائي
وكان بكايَ لما كان دمعٌ *-*-*-*-*- فها أنا بعدَه أبكي بكائي
كأن الفضل للآجال نجْزٌ *-*-*-*-*- يموت به الفتى من غير داء
إذا فكَّرْتُ في سبب المنايا *-*-*-*-*- خشيتُ على الحياة من الحياء
تَخِذْتِ الطّهرَ والتقوى شعارًا *-*-*-*-*- وسِرتِ من المحامد في رداء
فلو مَلَكَتْ رُبَا لبنانَ قولاً *-*-*-*-*- نطقْنَ بما عليكِ من الثناء
ملَكْتِ نواصِيَ الآداب طُرّاً *-*-*-*-*- فَمَتَّ إليك كلٌّ بالولاء
حكمْتِ على هواكِ بكلِّ أمْرٍ *-*-*-*-*- كَحُكْمِ السيّداتِ على الإماء
**** المصدر: معجم البابطين: http://www.almoajam.org/poet_details.php?id=3079
¥