تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[أبو الفداء أحمد بن طراد]ــــــــ[09 May 2010, 06:55 م]ـ

[فراسة الأمير شكيب أرسلان]

قال الشيخ الشرباصي:" ولشكيب نظرة وفراسة صادقة، وطالما تنبأ عن أمور قبل وقوعها فجاءت كما حدث، لا لأنه أوتي علم الغيب ـ فالغيب يعلمه الله ـ ولكن لأنه يحسن التدبر للأمور، ويحسن التطلع إلى العواقب.

لقد تنبأ مثلاً أن إيطالية ستنسحب في الحرب العالمية الأولى إلى صف الحلفاء، وكذلك كان، وتنبأ بأن انجلترا ستنكث وعودها التي أعطتها للعرب إبان تلك الحرب، وكذلك كان، وقال أن الملك حسين ملك الحجاز سيندم وسيخلع من ملكه، وكذلك كان، وتنبأ بأن نفسه سيكون إلى جزيرة، وكذلك كان.

ولما قيل له: ولماذا اخترت جزيرة؟ أجاب: لأن انجلترا لها جزائر كثيرة؛ وقد نفى الملك حسين بعد ذلك إلى قبرص.

وكتب شكيب قبل هذه الحرب مقالاً بعنوان:" نار أوربة من شرارة البلقان" وتنبأ فيه بأمور كثيرة وقعت!.

يقول الدكتور زكي علي في هذا المقام:" الأمير شكيب كثيراً تكهن في الأمور السياسية الخطيرة قبل وقوعها، حتى إذا انحدر ستر الغيب عن وجه المستقبل جاءت الحوادث مصداقاً لتكهنه، ودليلا على صواب حكمه، ولا غرو أن هذا يعزى إلى سلامة فطرته، وأصالة رأيه وغلو معدن ذكائه، وما وهبه الله من قوة فراسة فوق ما امتاز به من الخبرة وبعد النظر والتجربة خلال عشرات السنين من حياته السياسية.

وشكيب يلحظ من نفسه هذه الصفة، ويعللها بالتفكير والتأمل، وكثرة المطالعة، فيقول:" لست من الكهان، ولا من العرافين ولله الحمد، ولا أنا بعجزي وضعفي من الأولياء الذين يكاشفون بكثير مما وراء حجب الغيب، ولكني أفكر و أتأمل، وأكثر مطالعة الكتب والصحف، لا سيما ما تعلق منها بالتاريخ والسياسة، ولذلك تصح أقوالي عن كثير من الحوادث قبل وقوعها".

ويذكر من قبيل ذلك أنه تكهن بنشوب الحرب العالمية الأولى قبل بدئها بنحو سنة و أربعة أشهر، ونشر ذلك في جريدة " الشعب " المصرية في 21 مارس سنة 1913م، وأعاد نشره حرفياً في مجلة الفتح المصرية في عدد 5 صفر 1351هـ (1932م).

ويشير إلى أمور تتعلق بالبيان ويقول:" وكأنني بدون أن أكون في طوكيو قد عرفت الحالة هناك كما هي بمجرد القرائن، ومعاركة الزمن، وطول الخبرة".


_____
(انظر؛ سلسلة أعلام العرب، شكيب أرسلان داعية العروبة والإسلام،أحمد الشرباصي، ص 255ــ 256،ط. المؤسسة المصرية العامة للتأليف والترجمة – القاهرة (1383 هـ = 1963م).

ـ[أبو الفداء أحمد بن طراد]ــــــــ[09 May 2010, 06:55 م]ـ
[من قدح زناد القراءة، فقد أورى وأذكى نار الحفظ]
قال الشرباصي: " لاشك أن شكيب رجل موهوب، وساعدته ظروف نشأته وحياته وجهاده على تفجير ينابيع هذه الهبة، ولكن ينبغي أن نلاحظ أن دراسته في المدارس كانت محدودة، إذ يمكن أن يقال أنه لم يبلغ نهاية الدراسة الثانوية في التعليم المدرسي النظامي، ولم يشهد شيئاً من التعليم الجامعي، ولكن المدد جاءه من دراساته الخاصة، ومطالعته العامة، إذ كان لا يبالي بطول الوقت يقضيه دارساً منقباً، مراجعاً، حتى أنه ليطالع ويكتب كل يوم ثلاث عشرة ساعة، " بجلد لا ملل، وصبر لا نفاد له".ولقد حدثني الأستاذ عوني عبد الهادي، فقال: إن شكيب كان يتابع كل الجرائد والمجالات والكتب، وبخاصة ما تعلق منها بالإسلام والعرب والشرق، وله اطلاع واسه مدمن، وذاكرته قوية، ويعرف نطاق البحث ومصادر الموضوعات، فإذا أراد البحث في موضوع تناول مصادره وشرع فيه!.وبمناسبة الإشارة إلى قوة الذاكرة عند شكيب أذكر أنه تحدث عن هذه الناحية، فقال أنه فقد أصول طائفة من قصائده، فأملاها كلها عن ظهر قلب، وأملى من قصائد أخرى مفقودة أبياتاً غير قليلة، ويقول الأستاذ روفائيل بطي:" أن شكيب اشتهر بقوة الذاكرة إلى حد يكاد يبعد عن التصديق، وقد روي عنه أنه صحح لمؤرخ اليمن الشيخ عبد الواسع اليمني في كتابه:" تاريخ اليمن " أموراً كثيرة في الفقه والتاريخ والتراجم من ذاكرته فوراً".
(انظر؛ سلسلة أعلام العرب، شكيب أرسلان داعية العروبة والإسلام،أحمد الشرباصي، ص 285ـ 286،ط. المؤسسة المصرية العامة للتأليف والترجمة – القاهرة (1383 هـ = 1963م).

ـ[أبو الفداء أحمد بن طراد]ــــــــ[09 May 2010, 06:55 م]ـ
[اعلم أنك لن تعطى حقك إلا بعد فراق هذه الدنيا]

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير