تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومع ذلك فلستُ أرى – والله أعلم – أن المصدر المؤول (أن أرى أليفين) بدل اشتمال لمانع آخر، إذ لو كانت الرؤية للوحش لكان ذلك ممكناً، أما وأن الرؤية لأليفين منها فبدل الاشتمال ممتنع، لأن الوحش لا يشتمل على أفراده، تأمل معي – أستاذي الكريم – أبا تمام، قول الله تبارك وتعالى في سورة الأعراف: ((واختارَ موسَى قومَهُ سَبعينَ رجلاً لميقاتنا))، فكلمة (قومه) لا تشتمل على (سبعين)، إذ أن العدد سبعين جزء معدود من القوم، لذلك كان إعراب (سبعين) مفعول به منصوب، أما كلمة (قومه) منصوب بنزع الخافض (من).

أعود الآن إلى النظر في إعراب المصدر المؤول

وقبل ذلك، أحبُّ أن أتوجَّه بالشكر الجزيل لكلِّ مَن صرف وقتاً من عمره الثمين من أجل إفادة إخوانه الآخرين، وأسأل الله - جلَّ وعلا – أن يبارك فيما بقيَ من عمره، ويرفع درجته في الآخرة.

أرى – والله أعلم – أنَّ ما ذهب إليه النِّحرير، أستاذي الفاضل (ربحي) هو الأقرب إلى الصواب، حيث يتمُّ به تحقيق المعنى المراد، ولا يحتاج إلى تقدير.

فالمصدر المؤول (أن أرى أليفين منها لا يروعهما الذعرُ) مفعول لأجله منصوب.

وتقدير البيت: (تركتْني أحسد الوحشَ لأجل رؤية أليفين منها، أو بسبب رؤية أليفين منها).

وأحب في هذا المقام أن أنقل ضابطاً ذكره الأستاذ الفاضل / النحوي الكبير) في مكان آخر، وهو قوله: (أشرب الدواء طلباً للشفاء " جواباً للسؤال "

لماذا تشرب الدواء؟ "

وسبقه في ذلك الأستاذ عباس حسن – رحمه الله رحمة واسعة – حين عرض أمثلةً للمفعول لأجله فقال: كل جملة من الجمل المعروضة (في كتابه الرائع، النحو الوافي) تصلح أن تكون سؤالاً معه جوابه على النحو الآتي:

ما الداعي أو، ما السبب في أنك لازمت البيت، الجواب (لازمتُ البيتَ استجماماً)، .... وهكذا.

وقد سبقَ أن سأل الأستاذ أبو تمّام: (المفعول لأجله هل يقع مصدرا مؤولا؟؟ أم محذوفا مضافا للمصدر المؤول؟؟)

أقول: وما الذي يمنع ذلك – أستاذي الحبيب -؟ المصدر المؤول مثل المصدر الصريح، يعرب حسب موقعه في الجملة، ويأتي أيضاً مضافاً محذوفاً تاركاً المضاف إليه يحلُّ محلَّه، وسأضرب أمثلة للنوعين.

انظر قوله تعالى في سورة عبس: ((عبسَ وتولَّى أن جاءه الأعمَى))

إعراب المصدر المؤول ((أن جاءه الأعمَى)): مفعول لأجله، والتقدير عبس وتولَّى لأن جاءه الأعمى، والعامل فيه إما عبس أو تولَّى على الاختلاف بين البصريين والكوفيين في التنازع، هل المختار إعمال الأول أو الثاني.

وقال – سبحانه وتعالى ((يُخْرِجُونَ الرسُولَ وإيَّاكُم ْ أن تؤمنوا بربِّكُم)) سورة الممتحنة آية 1،

المصدر المؤول ((أن تؤمنوا بربِّكُم)) مفعول لأجله، والتقدير (يخرجون الرسولَ وإياكم لأجل إيمانكم)، والشواهد كثيرة.

ويحذف المفعول لأجله حال كونه مضافاً إلى مصدر مؤول، نحو قوله تعالى في سورة النساء: ((يُبَيِّنُ اللهُ لكمْ أن تضلُّوا))، فالمصدر ((أن تضلُّوا)) مفعول لأجله، والتقدير: كراهةَ أن تضلُّوا، هكذا حمله البصريون، وقال الكسائيُّ: المعنى لئلاَّ تضلُّوا، ووافقه الفرَّاءُ وغيرُه من الكوفيين.

وقال تعالى في سورة الحجرات: ((إن جاءَكم فاسِقٌ بنبإٍ فتبيَّنُوا أن تُصيبُوا قوماً بحهالةٍ))، فالمصدر (أن تصيبوا) مفعول لأجله حيث حذف المضاف (كراهةَ)، فحلَّ محلّه، على رأي البصريين، وقدَر الكوفيون كلمة (لئلاَّ)، قال ابن مالك – رحمه الله -:

وما يلي المضافَ يأتي خَلَفَا & عنه في الاعرابِ إذا ما حُذِفَا

أستاذي / النحوي الكبير

ألا ترى أن الأولى إعراب الكلام دون حاجة للتقدير وإضافة حروف الجرّ – ما لم تكن هناك حاجة ماسة لتمام المعنى -، ثمّ ألا ترى أيضاً أن الفعل المتعدّي لا يلزم معه تقدير حرف جرّ، و (حسد) فعل متعدّي، قال تعالى في سورة النساء: ((أم يحسُدونَ الناسَ على ما ءاتاهمُ اللهُ من فضلهِ))، فلماذا ترى أنّ المصدر منصوب بنزع الخافض؟؟؟.

أرجو من أساتذتي الكرام التصويب وإصلاح المعوجّ مع جزيل شكري وخالص تحياتي للجميع

وعذراً على الإطالة المملّة، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

تلميذكم

حازم

ـ[حازم]ــــــــ[12 - 06 - 2004, 07:31 ص]ـ

أستاذي أبا تمام

زادكم الله علماً وبارك فيكم

أرى – والله أعلم – أن كلمة رؤية في الجملة (أعجبتني مكة رؤية الحرم بها) بدل اشتمال مرفوع بالضمة الظاهرة

وقد قست إعرابها وفق إعراب كلمة (قتالٍ) من الآية الكريمة ((يسألونك عن الشهر الحرام قتالٍ فيه)) البقرة آية 217

وأفضل ما قيل في إعرابها إنها بدل اشتمال، قاله سيبويه، وأنشد:

فَمَا كَانَ قَيْس هُلْكُهُ هُلْك وَاحِد & وَلَكِنَّهُ بُنْيَان قَوْم تَهَدَّمَا

والله أعلم

وأرجو من الأساتذة الكرام التصويب

ولكم خالص تحياتي

تلميذكم

حازم

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير