هل نستطيع أن نقول أن الرؤية مصدر قلبي أم من أفعال الجوارح؟؟ فالواضح أنها رؤية بصرية بالجارحة، فلا نستطيع أن نعربها مفعولا لأجله، والعلة الأخرى أن المفعول لأجله كما قلت لك أنه لايقع مصدرا مؤولا بل محذوفا قبل المصدر المؤول، انظر النحو الوافي ج2صفحة240،والشواهد التي ذكرت خير دليل على ذلك باستثناء قوله تعالى: ((عبس وتولى أن جاءه الأعمى)) أرى أن المصدر المؤول يعرب منصوبا على نزع الخافض أي (لمجيئه).
وقد ذُكر هذا الإعراب في مشكل القرآن الكريم، هذا لأن اللام تفيد التعليل فهي تشترك مع المفعول لأجله في بيان التعليل، فليس التعليل حصرا للمفعول لأجله فهناك حروف من معانها التعليل وبيان السبب كالام وفي والباء ومن، وقد قال حسن عباس في ج2صفحة238: (لكنه في جميع حالات جره لايعرب اصطلاحا مفعولا لأجله وإنما يعرب جارا ومجرور) ونزع الخافض في الأصل جار ومجرور فاد التعليل والسبب في هذه الآية الكريمة، ومع هذا إذا أردت أن تعرب المصدر المؤول (مجيئه) مفعول لأجله أرى أن نقدر محذوفا، فيكون المعنى عبس وتولى كراهة مجيئه (أي الأعمى).
وأما بيت ابن مالك: وما يلي المضافَ يأتي خَلَفَا & عنه في الاعرابِ إذا ما حُذِفَا، فلا غبار عليه فإذا كان المضاف محذوفا حل محله بالإعراب المضاف إليه ويعرب إعرابه، لكن إذا أردنا المعنى فلا بد من إظهاره وتقديره، فإذا قلنا في قوله تعالى: (يبين الله لكم أن تضلوا) أن المعنى يبين لكم ضلالكم فسد معنى الآية.
أخيرا أرى أن بدل الاشتمال ونزع الخافض كلامهما الأقرب للصواب في إعراب (رؤيتي أو رؤيتها ألفين) مع أني تراجعت في بعض الأحيان: D لكن الشواهد تقوي ذلك وخير دليل قوله تعالى: (أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره) فالذكر منسوب لموسى عليه السلام ومع هذا أعرب بدلا من الهاء العائدة عل الحوت.
أستاذي الأخفش كلا الفعلين أُنث، تسرني أنث للمضارع (بالتاءفي أول الفعل)، وسرتني أنث للماضي (بالتاء في آخر الفعل) مع أني أرى أن الفاعل يكون بعد التقدير لذلك أرى أن الفعل بالأساس لا يؤنث.
أشكركم جزيل الشكر وكم أنا سعيد في هذه المناقشة فأنا والله أتعلم في كل يوم الشيء الكثير بسببكم فأنا لا أملك إلا مصدرين فقط وبسبب مناقشتكم اطلعت على الكثير من المصادر في المكاتب العامة، جزاكم الله خير الجزاء
ولكم التحية
ـ[بديع الزمان]ــــــــ[15 - 06 - 2004, 05:43 م]ـ
أحضر هنا ـ فقط ـ لأسجل بغبطة شديدة تقديري العميق للأستاذ الفاضل حازم وأعتذر عن تقصيري في الحفاوة به فلطرحه نكهة مميزة تتسم بروح الأصالة العلمية والتواضع النبيل والفكاهة الطريفة والصبر على النقاش وكل أولئك أمور تسهم في إثراء الموضوعات وإكسايها الرصيد الكبير من غزارة المعلومات ووفائها0
أخي أرجو أن يكثر ترددك على منتداك المبتهج بك0
أخوك: بديع الزمان0
ـ[حازم]ــــــــ[18 - 06 - 2004, 07:34 ص]ـ
علَى قَدْرِ أهْلِ العزمِ تأتي العزائمُ & وتأتي على قدرِ الكِرامِ المكارمُ
وتَعظُمُ في عَينِ الصغيرِ صِغارُها & وتَصغُرُ في عَينِ العظيمِ العظائمُ
أخي الحبيب وأستاذي الفاضل / أبا تمّام
والله لقد سعدت كثيراً بتعقيبكم، وبيان الحجج والشواهد القوية التي أتحفتموني بها، أعجبني غزارة علمكم، وسعة اطلاعكم، والفهم الحادّ لأقوال أهل العلم، وحبكم لهذا العلم الشامخ المتّصل بعلوم القرآن الكريم والشريعة، ما شاء الله ولا قوّة إلاَّ بالله، زادكم الله علماً وتوفيقاً.
فليسَ لِشمسٍ مُذْ أنرْتَ إنارةٌ & وليسَ لِبدْرٍ مُذْ تَممتَ تمامُ
وأقولها صادقاً: لكم فضلٌ عظيم عليَّ بعد الله، حيث استفدتُ كثيراً من هذه المناقشة، واطَّلعت على مراجع مختلفة، واكتسبتُ فوائد جمّة، في ظلِّ مجلسكم العلمي، وقد كان لتعقيبكم أثرٌ بالغ في تصحيح بعض معلوماتي المتواضعة، ومساعدتي نحو فهم أفضل لمسائل النحو، فأسأل الله أن يجزيكم - أنتم وبقيّة أساتذتي الكرام أكابر ونور هذا المنتدى – خير الجزاء، وأن يبارك في أوقاتكم وعلمكم وينفعكم وينفع بكم وبعلمكم.
أستاذي العزيز: أحب أوّلاً أن ألقي مزيداً من الضوء على الشواهد التي ذكرتها في المشاركة السابقة، فأقول مستعيناً بالله، وعليه اعتمادي:
((واختارَ موسَى قومَهُ سَبعينَ رجلاً لميقاتِنا))
¥