[من أحكام غير]
ـ[د. محمد الرحيلي]ــــــــ[01 - 11 - 2002, 10:14 ص]ـ
مجيء (غير) صفة
يتفق كثير من النحويين على أنّ وقوع غير صفة لموصوف متقدم عليها هو الأصل فيها، وهو موقعها الأصيل.
والمتتبع لمواقع النعت بغير في الأساليب العربية الفصيحة يلحظ أنّها تجيء صفة لنكرة محضة ـ وهو الغالب عليها ـ
وقد وقع ذلك في القرآن الكريم في نيف وعشرين موضعاً، ومنه قوله تعالى " ذلك وعدٌ غير مكذوب "
كما تجيء غير صفة لمعرفة تعريفها بأل، وجاءت في القرآن في موضعين، الأول في قوله نعالى " لايستوي القاعدون من المؤمنين غيرُ أولي الضرر " على قراءة الرفع.
والثاني في قوله تعالى " أو التابعين غير أولي الإربة "
وتجيء غير صفة لمعرفة تعريفها بالموصولية، وورد في موضع واحد في القرآن الكريم، في قوله تعالى "صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم "
وتجيء غير صفة لنكرة خصصت بالوصف ـ ولم ترد في القرآن ـ ومنه قول الحماسي:
جنيتم وخنتم إذ أخذتم بحقكم ** غريباً زعمتم مرملاً غير مذنب
ـ[بديع الزمان]ــــــــ[03 - 11 - 2002, 08:56 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وركاته
شكرا عاشق الفصحى حديث مهم تناولت فيه هذا الاسم العربي الذي يفيد النفي و اسمح لي بتعليق يسير أتمم به ما بدأته و لك شكري و تقديري.
يعتقد الكثير أن غير مختصة بالاستثناء و الأمر خلاف ذلك كما بينت ـ وفقك الله ـ و مما تخرج إليه غير:
1ـ أن تقع نعتا لشبه النكرة و هو المعرفة المرتد منها الجنس كاسم الموصول فهو بالنظر إلى عينه مبهم و بذلك يتطابقان قال تعالى: " اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ "
و غير إذا وقعت نعتا فهي مؤولة بالمشتق بمعنى: (مغاير)
2ـ تقع غير في المواقع الإعرابية التي تصلح لها الأسماء الجامدة كالمبتدأ: في قول الشاعر:
و غير تقيّ يأمر النّاس بالتّقى ---- طبيب يداوي الناس و هو عليل
و كذا تقع خبرا للناسخ و فاعلا و نائبا عنه و مفعولا به ... إلخ.
3ـ أمّا أشهر استعمالاتها فهو في باب الاستثناء فتعرب إعراب الاسم الواقع بعد إلا كما هو معروف للجميع.
و تقبلوا فائق تحياتي.
ـ[د. محمد الرحيلي]ــــــــ[04 - 11 - 2002, 08:57 ص]ـ
أشكر لك إطلالتك الرائعة المتممة للموضوع
وهذا دأبك أيها المتألق
تسد فجوة، تكمل نقصاً، تجبر كسراً .... وهلم جرا
ـ[بديع الزمان]ــــــــ[04 - 11 - 2002, 05:25 م]ـ
السلام عليكم
حياك الله و بيّاك أخي الفاضل مع إكباري و تقديري لأدبك الجم و روحك الظريفة و اعترافا بالفضل لأهله أهدي إليك قول الشاعر:
ولو قبل مبكاها بكيت صبابة ---- لكنت شفيت النفس قبل التندم
ولكن بكت قبلي فهيج لي البكا --- بكاها فكان الفضل للمتقدم 0
إلى اللقاء 0
ـ[الخيزران]ــــــــ[04 - 11 - 2002, 10:18 م]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أحببت أن أضيف إلى ما ذكر بعض ما أعلمه عن (غير) وهو تتميم بسيط جداً لبعض ما ذكر في كلام الأستاذين الكريمين: عاشق الفصحى وبديع الزمان أكرمهما الله بنور العلم وبصحبة أهله.
غير لفظٌ متوغلٌ في الإبهام، وهو يضاف إلى المعرفة والنكرة، ومع أن الاسم في الإضافة المحضة يتعرف بإضافته إلى معرفة ويتخصص بإضافته إلى نكرة إلا أن ذلك يمتنع في (غير) فلا تفيد إلا التخصيص حتى ولو أضيفت إلى معرفة، ولهذا صح وصف النكرة بها في نحو: " مررت برجلٍ غيرِك "
ومثل (غير) من الألفاظ المتوغلة في الإبهام: مِثْل، وشبْه، وخِدْن بمعنى صاحب. للمزيد انظر: أوضح المسالك 3/ 87،الكواكب الدرية2/ 281
وغير - كما تفضل الأخ بديع الزمان- لفظ يفيد النفي لذلك صح وقوعه قبل الوصف الذي سد معموله مسد الخبر، حيث اشترط النحاه في المبتدا الذي له معمول سد مسد خبره أن يكون وصفا معتمداً على نفي أو استفهام، ومن شواهده قوله:
غيرُ لاهٍ عِداك، فاطَّرح اللهو ** ولا تغتررْ بعارضٍ سَِلْمِ
فعداك فاعل سد مسد خبر غير.
ومثله قول الآخر:
غيرُ مأسوفٍ على زمن ** ينقضي بالهم والحزَنِ
للمزيد انظر: شرح ابن عقيل أول باب المبتدأ والخبر
ـ[بديع الزمان]ــــــــ[04 - 11 - 2002, 11:20 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
مشاركة أقل ما يقال عنها: إنها رائعة فقد جاءت إضاءة مفيدة حول غير و أتت بمعلومات مؤصلة وهذه منهجية تعودنا عليها من الخيزران فحيهلا 00
و بمنا سبة البيتين اللذين أوردتهما هل من يبين لنا الموقع الإعرابي لغير فيهما؟؟ مع بالغ الشكر و التقدير 0
ـ[د. محمد الرحيلي]ــــــــ[05 - 11 - 2002, 10:45 ص]ـ
غير في البيتين مبتدأ مرفوع بالضمة الظاهرة على آخره.
والنحويون يذكرون هذين البيتين في باب المبتدأ والخبر ويستشهدون بهما على أنّ المبتدأ
الذي يكون وصفاً رافعاً لمكتفي به عن الخبر يشترط أن يكون مسبوقاً بنفي أو استفهام
، وأنّ البيتين يصلحان للاستشهاد على الوصف المسبوق بالنفي؛ لأنّ غيراً مع ما
أضيفت إليه تجري مجرى الوصف المسبوق بالنفي.
¥