تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

يُجَوِّزُه النُّحَاةُ في شِعْرِ ((الشَّمَّاخِ)) و ((الطِّرِمَّاحِ)) وغيرِهما من سلوكِ التقادير البعيدة، والتراكيب القلقة، والمجازات المعقدة، ثم أختتم الكلام في جملة من الآيات التي فسرتها إفراداً وتركيباً بما ذكروا فيها من علم البيان والبديع مُلَخَّصًا، ثم أُتْبِعُ آخِرَ الآياتِ بكلامٍ منثورٍ، أشرحُ به مضمونَ تلك الآياتِ، على ما أختاره من تلك المعاني مُلَخِّصًا جملها في أحسن تلخيص، وقد يَنْجَرُّ معها ذِكْرُ معانٍ لم تتقدم في التفسير، وصار ذلك أنموذجاً لمن يريد أن يسلك ذلك فيما بقي من سائر القرآن، وستقف على هذا النهج

الذي سلكتُه إن شاء اللهُ تعالى. وربما ألممتُ بشيءٍ من كلامِ الصوفيةِ مما فيه بعضُ مُنَاسَبَةٍ لمدلولِ اللفظِ، وتجنبتُ كثيرًا من أقاويلهم ومعانيهم التي يُحَمِّلُونَهَا الألفاظَ. وتركتُ أقوالَ الملحدين الباطنيةِ المخرجين الألفاظَ القريبةَ عن مدلولاتِها في اللغةِ إلى هَذَيَانٍ افْتَرَوْهُ على اللهِ تعالى، وعَلَى عَلِيٍّ كرَّمَ اللهُ وجهَه، وعلى ذريته، ويسمونه علمَ التأويلِ، وقد وقفت على تفسيرٍ لبعضِ رؤوسِهم، وهو تفسير عجيب يذكر فيه أقاويل السلف مزدرياً (لعلها مُزْرِيًا) عليهم، وذاكراً أنه ما جهل مقالاتهم، ثم يفسر هو الآية على شيءٍ لا يكادُ يخطُرُ في ذهنِ عاقلٍ، ويزعم أن ذلك هو المراد من هذه الآية، وهذه الطائفةُ لا يُلْتَفَتُ إليها، وقد رد أئمةُ المسلمين عليهم أقاويلَهم وذلك مُقَرَّرٌ في علم أصول الدين، نسأل الله السلامة في عقولنا وأدياننا وأبداننا، وكثيراً ما يشحن المفسرون تفاسيرهم من ذلك الإعراب (ولعلها الإغراب) بعلل النحو، ودلائل أصول الفقة الفقه، ودلائل أصول الدين، وكل هذا مقرر في تآليف هذه العلوم، وإنما يؤخذ ذلك مُسَلَّمًا في علم التفسير دون استدلال عليه، وكذلك أيضاً ذكروا ما لا يصح من أسبابِ نزولٍ، وأحاديثَ في الفضائلِ، وحكاياتٍ لا تُنَاسِبُ، وتواريخَ إسرائيليةٍ، ولا ينبغي ذكرُ هذا في علم التفسير، ومن أحاط بمعرفة مدلول الكلمة وأحكامها قبل التركيب، وعلم كيفية تركيبها في تلك اللغة، وارتقى إلى تمييز حُسْنِ تركيبها وقُبْحِه، فلن يحتاج في فهم ما تَرَكّبَ من تلك الألفاظ إلى مُفَهِّمٍ ولا مُعَلِّمٍ، وإنما تَفَاوَتَ الناسُ في إدراك هذا الذي ذكرناه، فلذلك اختلفت أفهامُهم، وتباينت أقوالُهم، وقد جَرَيْنَا الكلامَ يومًا مع بعضِ من عاصرنا، فكان يزعم أن علم التفسير مضطرٌّ إلى النقلِ في فهمِ معاني تراكبيه تَرَاكِيبِهِ، بالإسناد إلى ((مجاهد)) و ((طاوس)) و ((عكرمة)) وأَضْرَابِهِم، وأنَّ فهمَ الآياتِ متوقفٌ على ذلك، والعجبُ له أنَّهُ يرى أقوال هؤلاء كثيرةَ الاختلافِ، متباينةَ الأوصافِ، متعارضةً يَنْقُضُ بعضُها بعضاً، ونظيرُ ما ذكرَه هذا المعاصرُ أنه لو تعلم أحدنا مثلاً لغة الترك إفراداً وتركيباً حتى صار يتكلم بتلك اللغة، ويتصرف فيها نثراً ونظماً، ويعرض ما تعلمه على كلامهم فيجده مطابقاً للغتهم، قد شارك فيها فصحاءهم، ثم جاءه كتابٌ بلسانِ التركِ، فَيُحْجِمُ عن تَدَبُّرِهِ وعن فهم ما تَضَمَّنَهُ من المعاني، حتى يسألَ عن ذلك ((سنقرأ سنقرَ)) التركي ((أو سنجراً سنجرَ))، ترى مثلَ هذا يُعَدُّ من العقلاء؟ وكان هذا المعاصرُ يزعم أنَّ كلَّ آيةٍ نَقَلَ فيها التفسيرَ خَلَفٌ عن سَلَفٍ بالسَّنَدِ إلى أن وَصَلَ ذلك إلى الصَّحَابَةِ، ومن كلامه أن الصحابةَ سألوا رسولَ اللهِ (صلى الله عليه وسلم) عن تفسيرِها؛ هذا وَهُمُ العربُ الفصحاءُ الذين نزل القرآنُ بلسانِهم، وقد رُوِيَ: عن ((عَلِيٍّ)) كرم الله وجهه))، وقد سُئِلَ: هل خَصَّكُم رسولُ اللهِ (صلى الله عليه وسلم) بشيءٍ؟ فقال: ما عندنا غيرُ ما في هذه الصحيفةِ، أو فهماً (فهمٍ) يؤتاه الرجل في كتابه، وقولُ هذا المعاصرِ يخالف قولَ عليٍّ رضي الله عنه، وعلى قول هذا المعاصر يكون ما استخرجه الناسُ بعد التابعين من علومِ التفسيرِ ومعانيه ودقائقة ودقائقه وإظهار ما احتوى عليه من علم الفصاحة والبيان والإعجاز لا يكون تفسيراً، حتى يُنْقَلَ بالسَّنَدِ إلى مجاهدٍ ونحوه؛ وهذا كلام ساقط.

ـ[حسانين أبو عمرو]ــــــــ[28 - 10 - 2009, 07:50 م]ـ

السلام عليكم

قد عدلنا النص بناء على هذه التصويبات

أستاذنا أبا عمرو!

أليس الصواب "تفتر" بدل "يقتن" في البيت التالي:؟

هكذا وجدته في كتاب روح المعاني للألوسي:

به فنون المعاني قد جمعن فما ... تفتر من عجب إلا إلى عجب

بلى شيخنا الجليل حفِظك الله.

الكلمة موجودة في روح المعاني " تفتر " كما تفضَّلتم , ولكن هل تتفق معى حفاظا على النِّص أن نُشير إليها في الهامش ونقول: لعلها: " تفتر " كما وردت في روح المعاني , إلى أن يتكرَّم بعض إخوتنا من طلاب الدراسات العليا بالاطلاع على المخطوط ومراجعة هذه الكلمة وأمثالها حتى لا نقوم بتعديل النص ِّ تعديلا جوهريا.

لكم جزيل الشكر ووافر التحية والامتنان.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير