جَعَلْتُ كِتَابَ اللهِ والتدبير لمعانية وَالتَّدَبُّرَ لِمَعَانِيهِ (لعل الخطأ هنا واضح، ولا يحتاج بيانا.) أنيسي، إذْ هو أَفْضَلُ مُؤَانِسٍ، وسَميري إذا أخلو لِكُتُبٍ ظُلَمَ الْحَنَادِسِ: نِعْمَ السَّمِيرُ كتابُ اللهِ إنَّ لهُ * حَلاوةً هي أحلى من جَنَى الضَّرَبِ
به فُنُونُ المعاني قد جُمِعْنَ فَمَا * يقتن (لعلها يَقُدْنَ)
(لا تصلح هذه الكلمة أن تكون من قات يقوت مسندا إلى نون النسوة العائد على (فنون المعاني).
ولا تصلح أن تكون مضارع اقتنَّ على وزن افتعل بمعنى اتخذ قنا مسندا إلى ضمير الغائب المستتر العائد على كتاب الله.
وكونها مصحفة عن يفترُّ بعيد، فما معنى أن يفتر كتاب الله؟ بل يفتر أيضا تصحيف والله أعلم.
فلعلها إذا يقدن من قاد يقود مسندا إلى النون العائدة إلى فنون المعاني.
وأوجه من هذا أن تكون يفتنُّ على وزن يفتعل من افتن أي جاء بالأفانين، وهو أقرب إلى يقتن رسما. .)
مِنْ عَجَبٍ إلاَّ إِلَى عَجَبِ
أَمْرٌ، وَنَهْيٌ، وَأَمْثَالٌ، وَمَوْعِظَةٌ * وَحِكْمَةٌ أُودِعَتْ فِي أَفْصَحِ الْكُتُبِ
لَطَائِفٌ يَجْتَلِيهَا كُلُّ ذِي بَصَرٍ * وَرَوْضَةٌ يَجْتَنِيهَا كُلُّ ذِي أَدَبِ
وترتيبي في هذا الكتاب
أني أبتدئ أولاً بالكلام على مفردات الآية التي أفسرها لفظةً لفظةً فيما يُحْتَاجُ إليه من اللغة والأحكام النحوية التي لتلك اللفظة قبل التركيب، وإذا كان للكملة للكلمة (الخطأ هنا أيضا واضح ولا يحتاج بيانا.) معنيان أو معان ذكرت ذلك في أول موضع فيه تلك الكلمة ليُنْظَرَ ما يناسب لها من تلك المعاني في كل موضع تقع فيه فَيُحْمَلَ عليه.
ثم أشرع في تفسير الآية ذاكراً سبب نزولها إذا كان لها سبب، ونَسْخَهَا، ومناسبتها وارتباطها بما قبلها، حاشداً فيها القراءاتِ شاذَّها ومُسْتَعْمَلَهَا، ذاكراً توجيه ذلك في علم العربية، ناقلاً أقاويل السلفِ والخلفِ في فهم معانيها، متكلماً على جلِيِّهَا وخَفِيِّهَا بحيث إني لا أغادر منها كلمة وإن اشْتُهِرَتْ حتى أتكلم عليها مبدياً ما فيها من غوامض الإعراب، ودقائق الآداب من بديع وبيان، مجتهداً أني لا أكرر الكلام في لفظ سبق، ولا في جملة تقدم الكلام عليها، ولا في آية فسرت، بل أذكر في كثير منها الحَوَالةَ على الموضع الذي تُكُلِّمَ فيه على تلك اللفظة أو الجملة أو الآية، وإن عرض تكرير فبمزيده فائدة، ناقلاً عن (واضح أيضا.) الفقهاء الأربعة وغيرهم في الأحكام الشرعية مما فيه تَعَلُّقٌ باللفظ القرآني، محيلاً على الدلائل التي في كتب الفقه، وكذلك ما نذكره من القواعد النحوية أحيل في تقررها والاستدلال عليها على كتب النحو، وربما أذكر الدليل إذا كان الحكم غريباً أو خلافَ مشهورِ ما قال معظم الناس، بادئا بمقتضى الدليل وما دل عليه ظاهر اللفظ، مُرَجِّحًا له، لذلك وذلك ما لم يَصُدَّ عن الظاهر ما يجب إخراجه به عنه
(أرجح أن تكون الجملة استئنافية للاحتراز، أما التعليل فأراه بعيدا، لأنه سيكون من باب التعليل للشيء بنفس الشيء.)، مُنَكِّبًا (يقال نكب عن فهو ناكب أو نكَّب عن فهو منَكِّب ولا يقال أنكب عن.) في الأعراب الإعراب (واضح أيضا.) عن الوجوه التي تنزه القرآن عنها، مبيناً أنها مما يجب أن يُعْدَلَ عنه، وأنه ينبغي أن يُحْمَلَ على أحسنِ إعرابٍ وأحسنِ تركيبٍ؛ إذ كلامُ اللهِ تعالى أفصحُ الكلامِ، فلا يجوزُ فيه جميعُ ما يُجَوِّزُه النُّحَاةُ في شِعْرِ ((الشَّمَّاخِ)) و ((الطِّرِمَّاحِ)) وغيرِهما من سلوكِ التقادير البعيدة، والتراكيب القلقة، والمجازات المعقدة، ثم أختتم الكلام في جملة من الآيات التي فسرتها إفراداً وتركيباً بما ذكروا فيها من علم البيان والبديع مُلَخَّصًا، ثم أُتْبِعُ آخِرَ الآياتِ بكلامٍ منثورٍ، أشرحُ به مضمونَ تلك الآياتِ، على ما أختاره من تلك المعاني مُلَخِّصًا جملها في أحسن تلخيص، وقد يَنْجَرُّ معها ذِكْرُ معانٍ لم تتقدم في التفسير، وصار ذلك أنموذجاً لمن يريد أن يسلك ذلك فيما بقي من سائر القرآن، وستقف على هذا النهج
¥