س2 ــ ما الفائدة من قول النحويين في تعريف الحال (اسم فضلة) إذا كان كل اسم أردنا إعرابه حالاً قلنا: الحال قد تكون عمدة!!.
وهل تظن – أستاذي الكريم – أن القواعد النحوية جامعة مانعة، إنَّ علماء النحو – بارك الله في علمهم وجزاهم عنا كل خير – يؤصلون القواعد حسب أكثر الشواهد التي بين أيديهم، ثم يجدون مخارج للشواهد الأخرى التي تخالف قواعدهم.
فهم يقولون – مثلاً – إن أدوات الشرط التي تجزم فعلين، يليها فعل، وعند قوله تعالى ((وإن أحدٌ من المشركين استجارك)) تختلف أقوالهم في إعراب (أحد)
وكذلك يقولون: كل جواب يمتنع جعله شرطاً فإن الفاء تجب فيه، وذلك الجملة الاسمية، والتي فعلها جامد، أو مقروناً بقد أو تنفيس، ... الخ، ثم يعللون خلو بعض شواهد العرب من الفاء، نحو:
مَنْ يفعلِ الحسناتِ اللهُ يشكرُها
ومَنْ لا يَزلْ ينقادُ لِلغَيِّ والصِّبا && سَيُلْفَى على طولِ السلامةِ نادِما
ويقولون: كاد وأخواتها تدخل على الجملة الاسمية
ولكن أعشى قيس العربي الأصيل يقول
يكادُ يصرعُها لولا تشدُّدُها && إذا تقومُ إلى جاراتِها الكسلُ
فهل بعد هذا – يا أستاذي – تقول: تلك ليست إنْ الجازمة لكونها دخلت على الاسم، وتنفي أن تكون (مَنْ) في المثال الآخر اسم شرط جازم لخلوِّ جوابها من الفاء، وتنفي عمل يكاد لكونها لم تدخل على جملة اسمية، كل هذا بناء على تعريف العلماء!!!
إذن العلماء الذين أصلوا القواعد، وعرَّفوا الحال بأنه فضلة، هم أنفسهم الذين أعربوا كلمة (كسالى) وكلمة (لاعبين) حالاً، في قوله تعالى: (وإذا قاموا إلى الصلاةِ قاموا كُسالَى)، وقوله: (وما خلقنا السموات والأرضَ وما بينهما لاعبين)، مع امتناع الكلمتين أن تكون فضلة، بل لا يقوم معنى الآيتين إلا بهما، فما رأيك، هل تعربهما خبراً؟؟؟
لذا ليس من اللازم أن تكون الحال فضلة، فهذا هو الغالب، فقد تكون عمدة أحياناً في إتمام المعنى الأساسي للجملة، مثل الحال التي تسدُّ مسدَّ الخبر، نحو (امتداحي الغلام مؤدباً)
أو لمنع فساد المعنى، نحو قوله تعالى: (وإذا قاموا إلى الصلاةِ قاموا كُسالَى)، (وإذا بطشتُم بطشتم جبَّارين)
أو الحال التي يفسد معنى الجملة بحذفها، نحو قوله تعالى: (وما خلقنا السموات والأرضَ وما بينهما لاعبين)، فلو حذفت (لاعبين) لفسد المعنى أشد الفساد.
س3 ـــ ما رأيك في (ضحيته) في العبارة السابقة هل هي: عمدة أم فضلة يصح الاستغناء عنها؟.
ذكرتُ سابقاً أنها فضلة، وتبيَّن لي الآن أن معنى الجملة لا يقوم إلا بها، فلذا أرى أنها كلمة أساسية ليتضح بها معنى الجملة، إذ لا يكفي أن نقول: (راح ثلاثة رجال).
والآن ما تقول في هذا المثال: ما رجعَ من السفَرِ سعيداً إلا زيدٌ ,
هل كلمة (سعيداً) فضلة؟ إن قلت كذلك فقد أحلت معنى الجملة المراد إلى معنىً آخر غير مراد.
س4 ــ سؤال خاص لحازم: هل المفعول لأجله يكون غير مصدر؟!!.
المفعول لأجله _ حسب فهمي البسيط – يجب أن يكون مصدراً، لكن ما رأيك أنت في كلمة (ضحية) هل هي مصدر أم لا؟؟ لأنك ذكرت في المرة السابقة حين ذكرت المفعول لأجله، قلت هناك ثلاثة شروط مفقودة، ولم توضحها، ففهمت أنك لا ترى أن (ضحية) مصدر، ثم ذكرت الحال، وقلت إنها مصدر، وقد وضعت كلامك بين القوسين لتحكم بنفسك: (الحال ينبغي أن تكون نكرة، و (ضحيته) معرفة، وينبغي أن تكون مشتقة، و (ضحيته) جاءت مصدرا).
وقد وجهت إليك سؤالاً ولم تجب عليه، إن كانت مصدراً فما هو فعلها؟
قلتَ:
بقي أن أقول بعد أن اقتنع الإخوة فيما يبدو لي بأن (ضحيته) ليست مفعولاً لأجله: أقول هذا القول محل نظر، فالأساتذة الكرام قد بيَّنوا آراءهم قبل تأكيدك على أنها خبر، وكانت آراؤهم كالتالي:
رأى الأساتذة بديع الزمان، الأخفش، النحوي الصغير ونبراس: أنها حال
فيما رأى الأستاذ الفاضل / ربحي جواز الوجهين
ورأى الأستاذ موسى أنها مفعول لأجله
وكان رأيك أنها خبر لصار، وأيَّد هذا الإعراب الأستاذ أبو تمام
وقلتُ إنها مفعول لأجله ابتداءً، ثم رجعت عن رأيي السابق ورأيت الأقرب إلى الصواب أن تكون حالاً، بعد أن ذكر الأستاذ بديع الزمان أن الحال قد يأتي معرفة
قلتَ:
عندي دليل قاطع يثبت أن (ضحيته) في العبارة السابقة ليست حالاً أيضاً، وهذا الدليل القاطع سأتركه للمشاركة القادمة بإذن الله، وذلك بعد سماع الإجابة على التساؤلات السابقة
أقول: سبحان الله، لو كنتُ أعلم دليلاً في هذه المسألة، لذكرته في أول مشاركة، لأن المقام مقام إفادة واستفادة، ثم ماذا تقصد بالدليل القاطع؟ الدليل القاطع هو ما ورد في الكتاب العزيز، أو السنة الصحيحة، أو ما أجمع عليه العلماء، وما عدا ذلك، فهي أمور اجتهادية ظنية، أتعلم – أستاذي – أن عامة مسائل الفقه ظنية، ولذلك تجد الاختلاف فيها بين العلماء، ومن باب أولى تجد الخلاف أيضاً في مسائل كثيرة في علم النحو، أتدري أن هناك فرقاً بين العلم والمعرفة، ومع هذا أقول: إذا ظهر لي أن ما أدَّعيه خطأٌ فسأرجع إلى الصواب، فلستُ ممن يتمسك برأيه إذا كان خطأ.
أخيراً أرجع إلى سؤالي السابق بطريقة أخرى وأقول: ماذا تقول في صحة هذا الأسلوب: زارني البارحة زيدٌ، وصار مبتسماً.
إذا رأيتَه مستساغاً، فلا عجب أنْ ترى أنَّ راح بمعنى صار مقبولاً
وختاماً أقدم اعتذاري الشديد إن تجاوزت حدود الأدب مع أهل الفضل والعلم وتفضل بقبول أسمى آيات الاحترام والتقدير
أخوكم
حازم
¥