تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وألّف في علوم القرآن عديدون منهم: "في أسباب النزول" الإمام علي بن المديني (ت 234 هـ)، كما وضع الإمام أبو عبيد القاسم بن سلاّم (ت 224 هـ) كتاباً في (الناسخ والمنسوخ)، وسار على نهجه أبو جعفر أحمد بن محمد النحاس (ت 338 هـ)، وتوالت عبر العصور مؤلفات الأئمة الأعلام في تفسير القرآن ومن أبرزهم: أبو عبد الله محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي في تفسيره (الجامع لأحكام القرآن).

وفي القرون المتأخرة وضعت تفاسير عديدة منها على سبيل المثال لا الحصر: تفسير القرآن الحكيم الشهير بتفسير المنار للإمام محمد رشيد رضا، وروح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني للإمام الآلوسي (ت 1270 هـ)، وأضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن للإمام محمد الأمين بن محمد المختار الجكني الشنقيطي (ت 1393 هـ).

ولا عجب قول الإمام الآلوسي: "إن علماء المسلمين بلغوا في حفظ القرآن الكريم وحمايته الغاية، حتى عرفوا كل شيء اختلف فيه من إعرابه وقراءاته وحروفه وآياته"، وفي المقابل نقل الإمام الزركشي في كتابه (البرهان في علوم القرآن) عن سهل بن عبد الله: (لو أعطي العبد بكل حرف من القرآن ألف فهم لم يبلغ نهاية ما أودعه الله في كتابه العزيز، لأنه كلام الله، وإنما يفهم كلٌ بمقدار ما يفتح الله عليه).

الآيات المتشابهة من القرآن

ويجيء هذا السفر العظيم (دليل الآيات متشابهة الألفاظ) للدكتور سراج ملائكة على نسق علماء ممن شرّفهم الله مثل ما شرّفه، وكرّمهم مثلما كرّمه، ووفقهم مثلما وفقه الله إلى صحبة كتاب الله العزيز قراءة وتدبراً وتصنيفاٌ في فنونه، فقد وضع محمد بن أنبوجا التشيتي، المتوفى أول القرن الثاني عشر الهجري أرجوزة في ألف بيت من الشعر يعالج فيها المتشابه في الكلمات والآيات والحروف الواردة في القرآن الكريم لتسهيل تذكر ذلك على الحفاظ، إذا حفظوا هذه الألفية، وقد شرحها محمد بن أحمد الأسود الشنقيطي دفين مكة المكرمة - رحمه الله - ومطلعها:

هاك ضوابط لبعض ما اشتبه على التلاوة أتت مرتبه

كما ألف قبله في متشابه الآيات: الكسائي ونظمه السخاوي والكرماني (ت 500 هـ) في كتابه (البرهان في متشابه القرآن)، وأبي عبد الله الرازي (ت 606 هـ) في كتابه (درة التنزيل وغرة التأويل) وبدر الدين بن جماعة في كتابه (كشف المعاني عن متشابه المثاني)، والإمام السيوطي في كتابه (قطف الأنهار في كشف الأسرار)، وغيرهم.

وفي كتابه (التوضيح والبيان في تكرار أو تشابه آيات القرآن، للشيخ عبد الغفور بن عبد الكريم عبيد المكي قال: "يستعمل اللغويون مادة (شبه) في المتماثل والمتشاكل والمتناظر والذي يؤدي غالباًً للالتباس واختلف العلماء في معنى المتشابه اختلافاً كثيراً على معان منها: متشابهات التلاوة .. مختلفات المعنى، أو الآية تشبه الآية والحرف يشبه الحرف، يشبه بعضه بعضاً، أي يصدق بعضه بعضاً، ويدل بعضه على بعض، تكون السورة فيها الآية في سورة أخرى آية تشبهها".

وقد ألف الإمام ابن قتيبة الدينوري (ت 276 هـ) (تأويل مشكل القرآن) أورد فيه "أن فضل القرآن الكريم لا يعرفه إلا من كثر نظره، واتسع علمه، وفهم مذاهب العرب وافتتانها بالأساليب وما خص الله به لغتها دون جميع اللغات، فإنه ليس في جميع الأمم أمة أوتيت من العارضة والبيان واتساع المجال ما أوتيته العرب".

وفصل معنى التشابه: "الأصل فيه أن يشبه اللفظ اللفظ في الظاهر والمعنيان مختلفان"

وتحدث - رحمه الله - عن تكرار الكلام في القرآن والزيادة فيه، فقال: "نزل القرآن على العرب بلغتهم، وعلى مذاهبهم، ومن مذاهبهم التكرار، إرادة التوكيد والإفهام، كما أن من مذاهبهم الاختصار إرادة التخفيف والإيجاز، وربما جاءت الصفة فأرادوا توكيدها وإن استوحشوا من إعادتها ثانية لأنها كلمة واحدة، فغيروا منها حرفاً ثم أتبعوها الأولى، مثل:"عطشان نطشان وحسن بسن، و شيطان ليطان".

وفي كتابه: (البرهان في علوم القرآن)، أشار مؤلفه بدر الدين الزركشي، أن علم المتشابه حكمته التصرف في الكلام وإيتائه على ضروب، ليعلمهم عجزهم عن جميع طرق ذلك.

وأشار العلامة محمد الطاهر بن عاشور في تفسيره (التحرير والتنوير) إلى أن من فوائد التكرار في سور كثيرة:

• رسوخها في الأذهان بتكرارها.

• وجوه من البلاغه في الأسلوب.

• أن يسمع اللاحقون من المؤمنين في وقت نزول القرآن ذكر القصة التي فاتتهم مماثلتها قبل إسلامهم أو مدة مغيبهم، فإن تلقي القرآن عند نزوله أوقع في النفوس من تطلبه من حافظيه.

• إن جمع حفظ المؤمنين للقرآن كان نادراً، فنجد البعض يحفظ سوراً منه ويحفظ آخرون سوراً أخرى.

ونعود إلى مؤلف الكتاب الذي ركز بعد التقديم على شكر الله والثناء عليه بما هو أهله: (ربِّ ومولاي لك الحمد حمدًا يليق بك وبجلالك وتفضلك على الناس بنعمك وبآلائك الظاهرة والباطنة التي لا تعد ولا تحصى، لقد عشت في نعمتك حياة مديدة، عشت معظمها دراسة وتدريباً، جئت ممارساً ومدرساً ومدرباً، وباحثًا وأستاذاً، مشاركاً في كثير من المجلات الطبية وغيرها، عطاءً غير محدود بفضلك وتوفيقك، كافأتني في الدنيا قبل الآخرة، فلك الحمد ولك الشكر مولاي وربي .. شاءت إرادتك أن أترك العمل الدنيوي عام 1413هـ، عاودني بعدها الحنين والشوق إلى الحبيب الأول (القرآن) الذي حفظت معظمه منذ صغري دون فهمه وتدبره، ثم حالت معركة الحياة الكبرى دون التواصل معه على الوجه الذي يرضيك فغفرانك وعفوك يارب، وبدأت بعد ذلك حياة جديدة في ظلال القرآن، وشاءت إرادتك أن أصدر الطبعة الأولى عام 1418هـ - من هذا الكتاب - والتي لاقت قبولاً واستحساناً بفضلك مما شجعني على مزيد من العطاء فظهرت الطبعة الثانية عام 1423هـ، والثالثة عام 1425هـ، حاملة فيضاً من نور القرآن الذي قلت عنه: {وكذلك أوحينا إليك روحاً من أمرنا} (الآيات من سورة الأنعام إلى الآية 122)، حقاً إنه الروح من أمرك، إنه النور من نورك .. فإنك نور على نور" .. والحمد لله رب العالمين.

? طبيب سعودي

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير