تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[الضاد صورة من الظاء]

ـ[أ. د. أبو أوس الشمسان]ــــــــ[16 - 10 - 2008, 10:32 م]ـ

يطلق العرب على لغتهم مفتخرين لقب لغة الضاد، وبهذا تغنى شعراؤهم منذ المتنبي الذي قال:

وَبِهِم فَخرُ كُلِّ مَن نَطَقَ الضا ... دَ وَعَوذُ الجاني وَغَوثُ الطَريدِ

ولكن هذا الحرف من العربية على الرغم من احتفاء الناس به هو من أقل الحروف استعمالاً في ألفاظها، ومن أثقلها على اللسان، ولم يستطع أحد المحافظة على نطقه كما وصفه القدماء بل اختلط أداؤه بأداء صوت آخر هو الظاء. ولعل الاحتفاء به مردود إلى أمرين أحدهما ارتباط الضاد بفصاحة الرسول:= فروي أنه قال: (أنا أفصح من نطق بالضاد)، والأمر الآخر توهم القول بتفرد العربية بالضاد. وأما أهل الحديث فينكرون هذا القول فيجمعون على أنه موضوع، وأما الأمر الثاني فالخليل أكد في موضعين من معجم العين على أن الظاء هي الخاصة بلغة العرب، وابن فارس يقول إن الظاء والحاء للعرب، واختلف القدماء في وصف الضاد فالخليل وصفها بأنها تخرج في شجر الفم أي وسطه وأما سيبويه فغاية ما نفهمه من وصفه أنه صوت مطبق يصاحبه اقترابُ اللسان نحو الأضراس من جهة الفم اليسرى أو اليمنى. والذي نميل إليه أن الجانبية أو الشدقية صفة لها. والأمر الذي يكاد يتفق عليه اللغويون هو اختلاط الصوتين الضاد والظاء، والمحدثون أشاروا إلى هذا، ولكنهم يشيرون إلى صورتين صوتيتين للضاد إحداهما وقفية كالدال والأخرى غير وقفية وهي المطابِقة للظاء، وما زلنا في البلاد النجدية وما جاورها لا نسمع غير الظاء، فكل ما يكتب بالضاد ينطق ظاء، ولم تعرف الضاد الوقفية في نجد إلا بعد توافد القراء من مصر والشام ونشرهم لطريقتهم في أداء الضاد، ومع ذلك ظل التمييز بين الصوتين غائبًا وآية ذلك تظهر في تدوين أسماء الناس (الأعلام). وأما الضاد التي وصفها سيبويه، وألح المجودون على وجوب إتقان أدائها فهي في نظر الدارسين المحدثين كما هي في نظر القدماء من نحاة ومجودين قريبة من الظاء. ولم يسلم من الخلط بين الضاد والظاء قراء القرآن حتى رأينا علماء القراءات يؤكدون على وجوب الفصل بينهما، بل إن أمر اختلاط الضاد بالظاء يُرد في بعض الروايات إلى عهد الصحابة؛ والذي نريد الانتهاء إليه هو أنه ما كان لهذين الصوتين أن يختلطا لو أن لكل منهما مخرجه المباين لمخرج الآخر وهذه قرينة قوية على أن الضاد في حقيقتها ظاء مع صفة إضافية هي الجانبية فإذا فقدت هذه الصفة عادت إلى أصلها فاختلطت بذلك الأصل. وقال ابن زياد الأعرابي اللغوي المشهور (توفي سنة 231 ه) إنه يجوز عند العرب أن يعاقبوا بين الضاد والظاء؛ وجاء في كتاب (بغية المرتاد لتصحيح الضاد) للمقدسي (1004ه) أن من أفاضل الناس في القاهرة من ينطق الضاد ممزوجة بالدال المفخمة والطاء المهملة، وينكرون على من ينطقها قريبة من الظاء بحيث يتوهم بعضهم أنها هي. وذكر المقدسي اثني عشر دليلاً على أن اللفظ بالضاد كالظاء هو المقبول، وننتهي إلى أن الضاد ليست سوى الظاء ولكنها رسمت برسم يختلف عن الظاء أي هما صوت واحد رسم برسمين (ظ/ض).

ـ[أنوار]ــــــــ[16 - 10 - 2008, 10:52 م]ـ

جزاكم الله خيراً أستاذنا الفاضل ..

والله إننا نظن أنفسنا مهما تعلمنا .. نجهل أصول هذين الحرفين .. ولا نتنبه للفرق بينهما إلا في الكتابة ...

أثابكم الله على هذه الأبحاث القيمة التي ترقى باللغة ..

ـ[عامر مشيش]ــــــــ[17 - 10 - 2008, 12:10 ص]ـ

قال ابن كثير في تفسيره قوله تعالى " غير المغضوب عليهم ولا الضالين ":

" والصحيح من مذاهب العلماء أنه يغتفر الإخلال بتحرير ما بين الضاد والظاء لقرب مخرجيهما، وذلك أن الضاد مخرجها من أول حافة اللسان وما يليها من الأضراس، ومخرج الظاء من طرف اللسان وأطراف الثنايا العليا، ولأن كلا الحرفين من الحروف المجهورة ومن الحروف الرخوة ومن الحروف المطبقة فلهذا كله اغتفر استعمال أحدهما مكان الآخر لمن لا يميز ذلك والله أعلم، أما حديث أنا أفصح من نطق بالضاد فلا أصل له، والله أعلم."

وأستأذنك يا دكتور لأقول:

القرآن يأخذه الناس عن بعض مشافهة، فالحديث عن الحرفين قديم ومنتشر في كل البلاد العربية لانتشار قراءة القرآن الكريم والله أعلم.

ولعل الضاد في لغة قوم دون أخرى، لكنه في لغتنا قديم.

ـ[ضاد]ــــــــ[17 - 10 - 2008, 02:06 ص]ـ

أشكرك أستاذي الفاضل. كنت قرأت مقالتك في نسختها الأصلية. القرابة بين الصوتين لا تعني التطابق, فهناك لغات فيها أصوات قريبة من بعضها جدا ومثال على ذلك الأصوات الخيشومية في الفرنسية. الذي أود أن أقوله أن الضاد والظاء فونيمان, والخلط بينهما نتيجة القرب في المخرج, وهذا ممكن. ولولا أنهما مختلفان لما كتبا مختلفين, والصورة المكتوبة دليل على اختلاف الصورة الملفوظة. والذي حصل هو أن الصورة القديمة لصوت الضاد ربما اختفت تماما وحلت محلها دال مفخمة أو القريبة ظاء, ولا أظن أنه سيأتي يوم يترك فيه الاختلاف بين الضاد والظاء في الكتابة. والذي أراه أن الضاد ما دامت اختفت من كلام العامة, فعلى الأقل لا بد أن نحافظ عليها في الفصحى, وذلك بتعليمها لأبنائنا في المدارس, فكثير من اللهجات العربية لا تلفظ كثيرا من حروف العربية ولكن إذا تُكلم بالفصحى أُتيَ بالأصوات العربية كما هي. ونحن عندنا صفة الضاد الأصلية, ألا يمكن إحياؤها في المدارس؟

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير