[الله]
ـ[أبوعبدالملك]ــــــــ[14 - 06 - 2008, 01:23 م]ـ
«الله» اسم من أسمائه جل وتعالى، بل هو اسمه الأعظم، وهو أكثر الأسماء ترددًا في القرآن والسنة.
«الله» هو أكثر الأسماء اشتهارًا وترديدًا على ألسنة المخلوقين كلهم بمختلف لغاتهم وألسنتهم.
«الله» هو الاسم الدال على الذات العظيمة الجامعة لصفات الإلهية والربوبية، فهو اسم له وحده لا يتعلق به أحد سواه، ولا يطلق على غيره، ولا يدّعيه أحد من خلقه.
«الله» اسم للرب المعبود المحمود الذي يمجده الخلق، ويسبحونه ويحمدونه، وتسبح له السماوات السبع، والأرضون السبع ومن فيهن، والليل والنهار والإنس والجن، والبر والبحر ((وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا)) [الإسراء:44]
كلُّ جُهْدِي لَيْسَ يُجْدِي
إن أكن يا رب وحدي
كل أفراح حياتي
كل أحزاني وسُهدي
وسكوني وشجوني
واضطرابي حين بُعدي
وصلاتي وحياتي
ومماتي يوم لحدي
كل فكر كل شعر
كل بوح كان عندي
كل هذا يا إلهي
ساجد مذ قلت (عبدي)
«الله» كلمة مكونة من حروف لينة حلقية جوفية سهلة، وهي (اللام والهاء والمد)، ينطقها الطفل الصغير، والأعجمي حديث العهد بالإسلام، والألثغ، وكل حروف هذه الكلمة مهما صرَّفتها وقلَّبتها فهي تعود إلى معنى من معاني الألوهية، فهو «الله»، وهو «إله» لا إله إلا هو.
فلله تعالى هذا الاسم العظيم، وما يلحق به من الأسماء الحسنى، والصفات العليا، فما معنى هذا الاسم؟
«الله» هو الرب الذي تؤلهه القلوب، وتحن إليه النفوس، وتتطلع إليه الأشواق، وتحب وتأنس بذكره وقربه، وتشتاق إليه، وتفتقر إليه المخلوقات كلها، في كل لحظة وومضة، وخطرة وفكرة في أمورها الخاصة والعامة، والصغيرة والكبيرة، والحاضرة والمستقبلة، فهو مبديها ومعيدها، ومنشؤها وباريها، وهي تدين له سبحانه، وتقر وتفتقر إليه في كل شئونها وأمورها.
ما من مخلوق إلا ويشعر بأن الله تعالى طوقه مننًا ونعمًا، وأفاض عليه من آلائه وكرمه وإفضاله وإنعامه بالشيء الكثير؛ فجدير بأن يتوجه قلب الإنسان إلى الله تبارك وتعالى بالحب والتعظيم والحنين.
فمن معاني «الله»: الإله الذي تحن إليه القلوب، وتحبه النفوس؛ ولهذا كان الحب معنىً واردًا في علاقة الخالق بالمخلوق، يقول الله سبحانه وتعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ» [المائدة:54]، فالله تعالى يحب عباده الذين يحبونه ويطيعونه، والذين يلتزمون بأمره وشرعه، فيحبهم الله تبارك وتعالى؛ وقد جعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم محبة الله عز وجل من أعظم المراتب التي يسعى إليها المؤمن فقال: «ثَلاَثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلاَوَةَ الإِيمَانِ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا، وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لاَ يُحِبُّهُ إِلاَّ لِلَّهِ، وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِى الْكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِى النَّارِ». فجعل مدار حلاوة الإيمان على معان كلها تتعلق بالحب .. محبة الله عز وجل، والمحبة في الله سبحانه وتعالى، وأن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، والكره مثل ذلك، فهو يكره الكفر الذي هو جحود للخالق العظيم، وتنكر لفضله وإنعامه.
شعور الحب هو شعور خصب دافق فياض يستشعره المؤمن لربه تبارك وتعالى، وهو ينتظر ويرجو من ربه عز وجل أن يحبه، ومن أحبه الله فلا خوف عليه، فسوف تكون الدنيا كلها في حقه أفراحًا وسرورًا، وسعادة وبرًا، وسوف تكون أموره في الموت والدار الآخرة خيرًا وأفضل، فإن الله تعالى إذا أحب العبد رفع منزلته في الجنة، وقَرَّبه وأدناه.
من معاني اسم «الله» أنه العظيم في ذاته وصفاته، وأسمائه وجلاله ومجده؛ فلا تحيط به العقول، ولا تدركه الأفهام، ولا تصل إلى عظمته الظنون؛ ولذلك تتأله العقول في ذلك، أي: تتحير لهذه العظمة، فالله تعالى أول بلا ابتداء، آخر بلا انتهاء، ظاهر ليس فوقه شيء، باطن ليس دونه شيء، له من أنواع العظمة والمجد والكمال ما لا يخطر على بال، ولا يأتي عليه عَدٌّ ولا حساب؛ فلذلك تحار العقول في عظمة الله عز وجل، وإن كانت تستطيع بما منحت من الطوق والقدرة أن تدرك جانبًا من هذه العظمة؛ يمنحها محبة الله سبحانه وتعالى، والقربى منه، والتعبد له بكل ما تستطيع.
لِلهِ فِي الْآفَاقِ آيَاتٌ لَعَل
أَقَلَّهَا هُو مَا إِلَيهِ هَدَاكَا
وَلَعَلَّ مَا فِي النَّفْسِ مِنْ آيَاتِه
عَجَبٌ عُجَابٌ لَو تَرى عَيْنَاكَا
وَالْكَونُ مَشْحُونٌ بِأَسْرَارٍ إِذَا
حَاَوَلْتَ تَفْسِيرًا لَهَا أَعْيَاكَا
لو قدّر للإنسان أن ينظر إلى عظمة الله تبارك وتعالى في الآفاق والأفلاك أو في النفس؛ لرأى جوانب من عظمةٍ لا يملك حيالها إلا أن ينطق باسمه العظيم مسبحًا حامدًا، ذاكرًا شاكرًا، سبحان الله والحمد لله، ولا إله إلا الله والله أكبر.
له العظمة التامة، بحيث لا يحيط الخلق به علمًا، مهما حاولوا إلا أنه كما قال الله عز وجل: ((ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ)) [الملك:4]، هذا فيما يتعلق ببعض خلقه سبحانه، فكيف فيما يتعلق بصفاته جل وتعالى.
لا تحيط به العقول؛ ولهذا قال سبحانه: ((وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا)) [طه:110]، وقال: ((وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ)) [البقرة:255]؛ فلذلك كان من معاني هذه الكلمة العظيمة «الله» الذي تحار فيه العقول، وتعجز الأفهام والعلوم عن الوصول إلى عظمته، أو الإحاطة به.
فيك يَا أُعْجُوبةَ الْكَونِ
غَدَا الفِكْرُ كَلِيلَا
أنت حيَّرت ذوي اللب
وبلبلت العقولا
كلَّما أقدم فكري
فيك شبرًا فرَّ ميلا
ناكصًا يخبط في عمياء
لا يُهدى السبيلا
¥