تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[أصل الريح والرياح]

ـ[محمد سعد]ــــــــ[27 - 06 - 2008, 10:04 م]ـ

قال أبو بكر قال بعض أهل اللغة إنّما سُميت الريح ريحاً لأنَّ الغالب عليها في هبوبها المجيء بالرَّوح والراحة وانقطاع هبوبها يكسب الكَرْبَ والغَم والأذى فهي مأخوذة من الرَّوْحِ

وأصلها رِوْحٌ فصارت الواو ياء لسكونها وانكسار ما قبلها (2) كما فعلوا مثل ذلك في الميزان و الميعاد و العيد.

والدليل على أن أصل ريح رِوْح قولهم في الجمع أرواح ولو كانت الياء صحيحة في الريح لقيل في الجمع أرياح و أرياح خطأ لا تتكلم العرب به (3) قال زهير (4)

قف بالديارِ التي لم يَعْفُها القِدَمُ=بلى وَغِيَّرها الأرواحُ والدِيَمُ

وأمّا الرياح فإنّ أصلها الرواح فأبدلوا من الواو ياء لانكسار ما قبلها ويقال قد رِحْت الريح أراحُها وأَرَحْتُها أُرِيحُها إذا وجدتها

أخبرنا أبو العباس عن سلمة عن الفراء قال يقال أَرَحْتُ الريحَ أُرِيحها قال وبعضهم يقول أَراحُها فالماضي من هذه رِحتُها

وقال غير الفراء بعضهم يقول رِحْتُ أريحُ إذا وجدت الريح

وقال النبي (مَن استرعى رَعِيَّة ً فلم يحطهم بنصيحتِهِ لم يَرِحْ ريحَ الجَنّة ِ وإنّ ريحَها ليُوجَدُ من مسيرة ِ مائة ِ عامٍ) (5)

قال الكسائي (6) الصواب لم يُرِحْ من أَرَحْت أُريح وقال الفراء يقال لم يُرِحْ ولم يَرَحْ بفتح الراء وقال غيرهما (8) الصواب لم يَرِحْ من رِحْتُ أريحُ (9) على مثال بِعْتُ أبيعُ وقال أبو عبيد (10) الصواب لم يَرَحْ وأنشدَ

وماءٍ وردتُ على زَوْرَة ٍ=كمشْيِ السَّبَنْتَى يَراحُ الشفيفا (11) ورِحْتُ أَراحُ بمنزلة خِفْتُ أخافُ

....................................

(1) اللسان (روح)

(2) رسالة الريح 222

(3) قال ابن خالويه في رسالة الريح 222 (وذكر اللحياني في نوادره أرياح وذلك شاذ مثل حوض وأحواض)

(4) ديوانه 145

(5) عمدة القارئ 24 228 وصحيح البخاري بحاشية السندي 4 235 مع خلاف في الرواية

(6) غريب الحديث 1 116

(8) هو أبو عمرو الشيباني في غريب الحديث 1 116

(9) من هنا ساقط من الأصل وق وأثبتناه من ك ل

(10) غريب الحديث 1 116

(11) لصخر الغي ديوان الهذليين 2 74 والسبنتى النمر والشفيف الريح الباردة

ـ[ليث بن ضرغام]ــــــــ[27 - 06 - 2008, 11:06 م]ـ

بارك الله فيك أخي محمدا على هذه الفائدة اللغوية، واللفتة الكريمة.

ـ[محمد سعد]ــــــــ[27 - 06 - 2008, 11:09 م]ـ

اشكرك أخي ليث، يبدو أن المنتدى اللغوي قد نال إعجابك

ـ[ليث بن ضرغام]ــــــــ[27 - 06 - 2008, 11:35 م]ـ

اشكرك أخي ليث، يبدو أن المنتدى اللغوي قد نال إعجابك

وكيف لا ينال إعجابي وفيه هذه البصمات الرائعة، والإشراقات العذبة، هذا من جهة ومن جهة أخرى فقد كتبت في بطاقة التعريف منذ اليوم الأول لدخولي هذا الموقع الطيب " أحب الأدب وكل علم يحافظ عليه ويهتم بجودته من علوم اللغة المختلفة. "

ـ[روضة النعيم]ــــــــ[18 - 06 - 2009, 10:12 م]ـ

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بارك الله فيك وزادك علما

اسمحوا لي

الريح ـ والرياح ومعناهما في السياق القرآني

إذا تتبعنا لفظتي الريح والرياح في كلام البشر فإننا لا نجد فرقا بينهما في المعنى والفرق الوحيد أن الأولى مفردة، والثانية جاءت بصيغة الجمع ـ وقد بيّن الفرق أخي محمد ـ ولكن القرآن الكريم فرّق بينهما في المعنى من خلال السياق الذي وردت فيه كل لفظة، إذ نجده قد استعمل لفظة [ريح] في موضع العذاب باستثناء ما جاء في سورة ص، قال تعالى: ـ" فسخّرنا له الريح تجري بأمره رخاء حيث أصاب" (ص36) وهذا لا يتعارض مع الآيات التي ذكرت فيها لفظة الريح في موضع العذاب، أو الريح العاصفة؛ وذلك يُفهم من سياق الكلام فبداية الآية أن الله ـ سبحانه وتعالى ـ سخّر لسيدنا سليمان الريح العاصف وهذا واضح من سورة الأنبياء قال تعالى: ـ" ولسليمان الريح عاصفة تجري بأمره" (الأنبياء81)، والمعنى: سخّرنا له الريح التي شأنها العصوف وبأمر سليمان ـ عليه السلام ـ تصير رخاء بعد أن كانت عاصفة.

وقال تعالى: ـ" فأرسلنا عليهم ريحا صرصرا في أيام نحسات لنذيقهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا" (فصلت16)، فجاء بلفظة ريح لأنها وقعت في موضع العذاب وجاءت كنوع من أنواع العذاب الذي بعثه الله للأمم المكذبة.

أما لفظة [الرياح] استخدمت في موضع الخير والرحمة، قال تعالى: ـ" ومن آياته أن يرسل الرياح مبشرات وليذيقكم من رحمته" (الروم46).

وقال تعالى في موضع آخر: ـ" وهو الذي يرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته (الأعراف 57)، ففيها بشارة للمؤمنين بإغداق الغيث عليهم، فريح المطر تكون لينة وتتفرّق في الجهات حتى ينشأ بها السحاب، فعبّر عنها بصيغة الجمع لتعدد مهابها، لذا لم تجمع في قوله تعالى: ـ" وجرين بهم بريح طيبة" مع أنها بصيغة الإفراد تأتي للعذاب، وهذا لا يتعارض مع ما سبق، إذ راعى الناحيتين اللفظية والمعنوية، فراعى المقابلة في قوله" جاءتها ريح عاصف، ومعنوية وهي إقام الرحمة هناك إنما تحصل بوحدة الريح لا باختلافها.

ومثله قوله تعالى: ـ" إن يشأ يسكن الريح فيظللن رواكد على ظهره" (الشورى33) لأن سكون الريح عذاب وشدة على أصحاب السفن.

وهكذا اختلف المعنى للفظة الواحدة بصيغتي الإفراد والجمع، وهذا لا نجده في كلام البشر، وقد يكون ذكر لفظة [ريح] مفردة؛ لأنها تهب مرة واحدة متصلة في حالات نادرة فتهلك وتدمر، أما [الرياح] بصيغة الجمع فهي التي تجمع السحاب من نواح متعددة فتأتي على دفعات ومن جهات متفرقة والله أعلم.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير