قال وفي ناحية المسجد رجل جالس معه قماش،
فقال لواحد:
احتفظ بثيابي حتى أجيء،
ومضى إلى صاحب الشُّرطة،
وقال:
إني ظفرت بقومٍ زنادقة يقرؤون القرآن على صياح الديك.
فما شعرنا حتى هجم علينا الأعوان والشُّرطة فأخذونا وأحضرونا مجلس صاحب الشُّرْطة،
فسألنا فتقدمت إليه وأعلمته بالخبر وقد اجتمع خلق من خلق الله، ينظرون ما يكون،
فعنَّفني وقال:
مثلك يطلق لسانه عند العامة بمثل هذا!
وعمَد إلى أصحابي فضربهم عشرة عشرة،
وقال:
لا تعودوا إلى مثل هذا،
فعاد أبو حاتم إلى البصرة سريعاً،
ولم يُقِمْ ببغداد ولم يأخذ عنه أهلها.
*********
((6))
(. . . وعلى هذا ذم البلاغيون والنقاد الشعرالذي يتضمن ألفاظا غير محببة للنفس لغرابتها أو لوحشيتها أو لثقلها، من ذلك أنهم عابوا على المتنبي استعماله مفردات ينبو عنها السمع ولا يستسيغها نحو قوله في مدح سيف الدولة الحمداني:
مبارك الاسم أغر اللقب
كريم (الجرش) شريف النسب
فكلمة (الجرش) في البيت من الألفاظ غير المحببة إلى النفس لأن فيها تأليفا يكرهه السمع، وينفر منه فجاءت وكأنها غربية عن البيت وأقحمت فيه إقحاما، فثقلت وأثرت سلبا على القيمة الإبلاغية للبيت
ومن ثم شبهواجري الألفاظ من الأسماع مجرى الصورمن الأبصار. .)
د. بلقاسم بلعرج بن أحمد
*********
((7))
((. . . ومنها قولهم:
((أسلمة العلوم))،
((وأسلمة المعرفة))
وقولهم ((أسلمة الطب)) وهكذا ..
وهذا استعمال مولد حادث،
لا أحسبه في لسان العرب،
ولم تفُهْ به العلماء،
وهو من لغة الجرائد،
وأقلام أحلاس المقاهي،
فهم يريدون بذا التعبير السمج ((جعل العلوم إسلامية))
فقالوا: (أسلمة العلوم).
واشتقاق هذه المادة ((سلم)) ومنه ((الإسلام)) بمعنى الصحة والعافية
يأبى هذا: اشتقاقاً ونحتاً،
ويأبى المنحوت ومن أين كان نحتاً؟
ومعلوم أن النحت لا يكون إلا من كلمتين فأكثر.
والعلم هو العلم،
والحقائق هي هي،
والعلم الشرعي الخالي من الدخل والدخن لا يكون في الميدان إلا على يد وارث علم النبوة ((العالم المسلم))
فإذا وُجِد العلماء العاملون قدموا للأُمة ((العلوم والمعارف الإسلامية)).
فانظر كيف قفزوا إلى النتيجة،
وتخلَّوْا عن القاعدة،
فإلى الله الشكوى من تناقض أهل عصرنا،
وسرعة تلقفهم لكل جديد قبل اختباره لغة وشرعاً، والله المستعان)).
(بكر أبو زيد - معجم المناهي اللفظية)
********
((8))
كان أحد الأساتذة من المتشددين في اللغة،
وكانت له عبارة مشهورة يرددها .. وهي: (يا أخانا)
فأراد أحدالطلبة ذات يوم أن يغيضه فذهب إلى باب مزرعته وكتب عليه (يا أخينا)!
يقول شاهد عيان:
أن الأستاذ دخل مغاضبا ً والشرر يتطايرمن عينيه،
فصرخ بنا يقول:
أهكذا تهون عليكم اللغة العربية؟
حتى يكتب الواحد (يا أخينا)
أما يعلم هذا الجاهل أنها منصوبة!
لم لم يكتب (يا أخان ا)!!
:: إشارة::
لم تغضبه الكتابة على الباب ولكن أغضبه اللحن!
*********
((9))
(يقال: فقه - بالكسر - إذا فهم.
وفقه - بالضم - إذا صار الفقه له سجية.
وفقه - بالفتح -إذا سبق غيره إلى الفهم).
*********
((10))
(الفرق بين مخطئ وخاطئ)
قال الأموي:
المخطئ من أراد الصواب فصار إلى غيره.
والخاطئ من تعمد لما لا ينبغي.
(اللسان 3/ 135)
فالأول كقول يوسف النبهاني:
فمن أطلق الكلب العقور فإنه ... هو المخطئ الجاني الذي فعل العقرا
والثاني كقول محمد جواد البغدادي:
أبا حسن يا ملجأ الخاطئ الذي ... خطاياه قد أعيى الأساة سقامها
*********
تم بعون الله الجزء الرابع من:
((لغويات))
ونتمنى أن نلتقي في الجزء الخامس بإذن الله ..
ـ[فائق الغندور]ــــــــ[16 - 05 - 2008, 10:57 م]ـ
بارك الله بك على ما أتحفتنا به من علم وفكاهة
ـ[علي إبراهيم الحسن]ــــــــ[18 - 05 - 2008, 12:38 م]ـ
وفقك الله أخي الكريم ونفع بعلمك
ـ[أحمد الغنام]ــــــــ[18 - 05 - 2008, 01:29 م]ـ
ممتعة هذه الجولة من قنديل الأدب! بارك الله لك هذه الجهد وننتظر بقية القناديل.