ولم يعرف أحد من الرواة كان يضع اللغة في القرن الأول ولا في القرن الثاني إلا ما كان من الكلمات التي يكذب فيها الأعراب أو توضع إرادة اللبس والتعنيت.
وأول من رمي بافتعال اللغة (قطرب) المتوفى سنة206هـ
وكذلك ابن دريد صاحب الجمهرة المتوفي سنة 321هـ لأنه كان مدمنا للخمر لا يفتر عن ذلك قال الأزهري اللغوي المعروف:سألت عنه نفطويه فلم يعبأ به ولم يوثقه في روايته.
وكذلك اتهموا أبا عمرو الزاهد المعروف بغلام ثعلب المتوفى سنة 345هـ وكان واسع الحفظ جدا حتى قيل أنه أملى من حفظه ثلاثين ألف ورقة وتلك لعمر الله مظنة وكان بعض أهل الأدب يطعنون عليه ويضربون به الأمثال لوضعه وتلبيسه فيقولون: لو طار طائر في الجو لقال: حدثنا ثعلب عن ابن الأعرابي ويذكر في معنى ذلك شيئا. ولكن أبا بكر ابن الخطيب جعل مرد التهمة إلى سعة حفظه وقال: رأيت جميع شيوخنا يوثقونه ويصدقونه وكان يسأل عن الشيء الذي يقدّر السائل أنه وضعه فيجيب عنه ثم يسأل عنه بعد سنة فيجيب بذلك الجواب.
وأشهر من عرف بافتعال اللغة في الإسلام قاطبة أبو العلاء صاعد بن الحسن اللغوي البغدادي المتوفى سنة417هـ الذي ورد الأندلس في حدود سنه 380هـ على المنصور بن أبي عامر وكان يأخذ في طريق أبي عمرو الزاهد لأنه نشأ والألسنة لا تزال تحكي عنه ولذا نظروه في الأندلس في سرعة الجواب وقوة الاستحضار بأبي عمرو هذا في العراق وادعى في الأندلس علم الغريب وتنفق به عند المنصور بن أبي عامر وعرّض ما شاء من دعواه في الرواية والسماع من أئمة الرواة بالعراق لضعف ذلك في الأندلسيين.
وإنما كان ذلك قبل أن تجمع مفردات اللغة وتؤلف الأمهات والأصول وتشيع في أيدي الناس مثل:"الصحاح" للجوهري و "التهذيب" للأزهري ولم يوضع كتاب قبله أكبر ولا أصح منه
وذلك في أواخر القرن الرابع في المشرق لأن الرجوع في اللغة كان إلى الرجال وفيهم من يضع فيها أما بعد ذلك فلم يؤثر الافتعال في اللغة لسقوط الرواية فيها إلا من الكتب.
ـ[عامر مشيش]ــــــــ[15 - 06 - 2008, 07:05 م]ـ
يروى أن جماعة من أهل العراق اجتازوا على قنطرة الصراة وتذاكروا كذب أبي عمرو الزاهد فقال بعضهم: أنا أُصَحِّف له القنطرة وأسأله عنها فإنه يجيب بشيء آخر فلما صرنا بين يديه قال: أيها الشيخ ما القنطرة عند العرب؟ فذكر شيئا أنسيته فتضاحكنا وأتممنا المجلس فلما كان بعد شهر ذكرنا الحديث فوضعنا رجلا غير ذلك فسأله فقال: ما القنطرة؟ قال: أليس قد سألت عن هذه المسألة منذ كذا وكذا فقلت: هي كذا؟ فما درينا من أي الحالين نعجب من ذكائه إن كان علما أو من حفظه إن كان كذبا في الحال فحفظه فلما سئل عنه ذكر الوقت والمسألة وأجاب بذلك الجواب.
كان معز الدولة قد قلد شرطة بغداد غلاما تركيا مملوكا يعرف بخواجا فبلغ أبا عمرو الزاهد وكان يملي كتاب "الياقوتة" فلما جازه قال: اكتبوا (باب ياقوتة خواجا) الخواج في أصل اللغة الجوع ثم فرع على هذا بابا بابا وأملاه فاستعظم الناس كذبه وتتبعوه
ـ[عامر مشيش]ــــــــ[15 - 06 - 2008, 07:08 م]ـ
دخل صاعد بن الحسن على المنصور بن أبي عامر وفي يده كتاب ورد عليه من عامل له في بعض البلاد واسمه ميدمان بن يزيد يذكر فيه (القلب والتزبيل) وهي أسماء عنهم لمعاناة الأرض قبل الزرع فقال له المنصور: أبا العلاء قال:لبيك مولانا قال: هل رأيت فيما وقع إليك من الكتب كتاب (القوالب والزوالب) لميدمان بن يزيد؟ قال: أي والله يا مولانا رأيته ببغداد في نسخة لأبي بكر بن دريد بخط كأكرع النمل في جانبها علامات الوضاع هكذا هكذا فقال له: أما تستحي أبا العلاء؟ هذا كتاب عاملي ببلد كذا وقرأه وإنما صنعت لك هذه الترجمة مولدة من هذه الألفاظ التي في الكتاب ونسبته إلى عاملي لأختبرك فجعل يحلف له أنه ما كذب وأنه أمر وافق.
وصاعد هذا هو صاحب البيت المشهور (الخَنْفُشَار) الذي جرى في المتأخرين مثلا مضروبا في الكذب والوضع لما لا أصل له وذلك أن المنصور قال له يوما: ما الخنبشار؟ فقال: حشيشة يعقد بها اللبن بالبادية وفي ذلك يقول شاعرهم:
لقد عقدت محبتها بقلبي ........ كما عقد الحليبَ الخنبشارُ
وقد ألف كتب الفصوص للمنصور فلما قرأه وعرضه على العلماء لم يجدوا فيه شيئا صحيحا فرماه في البحر.
ـ[الدكتور مروان]ــــــــ[15 - 06 - 2008, 07:15 م]ـ
دخل صاعد بن الحسن على المنصور بن أبي عامر وفي يده كتاب ورد عليه من عامل له في بعض البلاد واسمه ميدمان بن يزيد يذكر فيه (القلب والتزبيل) وهي أسماء عنهم لمعاناة الأرض قبل الزرع فقال له المنصور: أبا العلاء قال:لبيك مولانا قال: هل رأيت فيما وقع إليك من الكتب كتاب (القوالب والزوالب) لميدمان بن يزيد؟ قال: أي والله يا مولانا رأيته ببغداد في نسخة لأبي بكر بن دريد بخط كأكرع النمل في جانبها علامات الوضاع هكذا هكذا فقال له: أما تستحي أبا العلاء؟ هذا كتاب عاملي ببلد كذا وقرأه وإنما صنعت لك هذه الترجمة مولدة من هذه الألفاظ التي في الكتاب ونسبته إلى عاملي لأختبرك فجعل يحلف له أنه ما كذب وأنه أمر وافق.
وصاعد هذا هو صاحب البيت المشهور (الخَنْفُشَار) الذي جرى في المتأخرين مثلا مضروبا في الكذب والوضع لما لا أصل له وذلك أن المنصور قال له يوما: ما الخنبشار؟ فقال: حشيشة يعقد بها اللبن بالبادية وفي ذلك يقول شاعرهم:
لقد عقدت محبتها بقلبي ........ كما عقد الحليبَ الخنبشارُ
وقد ألف كتب الفصوص للمنصور فلما قرأه وعرضه على العلماء لم يجدوا فيه شيئا صحيحا فرماه في البحر.
أنت حقا زين الشباب
بما جادت به يداك
لا عدمناك
بارك الله فيك
وأحسن إليك