وكانت المفاجأة والتي وجهت الأنظار إلى السر المذهل وراء تقديم السمع على البصر، هي الآيات التي جاء فيها ذكر (العين) و (الأذن)، ففي هذه الآيات نلاحظ أن (العين) تتقدم (الأذن) على عكس السمع والبصر.
ففي سورة الأعراف: [آية 179]:
) ولقد ذرأنا لجهنم كثيراً من الجن والإنس لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها (.
وفي الآية [195] من الأعراف، نجد:
) ألهم أرجل يمشون بها أم لهم أيد يبطشون بها أم لهم أعين يبصرون بها أم لهم آذان يسمعون بها (.
وفي المائدة: [آية: 45]:
) وكتبنا عليهم فيها: أن النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن (.
فإذا كان السمع يتقدم البصر في الآيات السابقة فإن العين تتقدم الأذن في هذه الآيات، فلو كان التقديم للتشريف لتقدمت الأذن على العين كما تقدم السمع على البصر لأن الأذن أداة السمع والعين أداة البصر.
إذن فالقضية ليست قضية شرف عضو على عضو بل هي شيء آخر، بل قل إنها معجزة علمية بكل المقاييس فلقد وجد العلماء أن هناك مراكز للسمع داخل المخ البشري يتم فيها إدراك المسموعات وعقلها وهناك مراكز للبصر داخل المخ البشري يتم فيها إدراك المبصرات وعقلها وأداة مركز السمع هي الأذن التي تجلب إليها الأصوات وأداة مركز البصر العين والتي تجلب إليها الصور.
ومع أن العين تتقدم الأذن في رأس الإنسان فإن مركز السمع يتقدم مركز الإبصار في مخ الإنسان تشريحياً.
وهنا ظهرت المعجزة العلمية الباهرة فالترتيب المكاني للسمع والبصر في الآيات يأتي وفقاً للترتيب المكاني لمراكز السمع والبصر في مخ الإنسان. ولكن الإنسان بالإضافة إلى أنه سميعاً وبصيراً له المقدرة على إنتاج البيان البشري الراقي ولقد وجد علماء المخ أن هناك منطقة بين مركز السمع من الأمام ومركز البصر من الخلف تسمى منطقة فرنيكا فعندما يلتقي مركز السمع مع مركز البصر فإن المنطقة البينية تشكل مكان إنتاج البيان البشري وها هي الآية) صم بكم عمي (تشير في إعجاز باهر إلى منطقة البيان في مخ الإنسان (فبكم) والتي تقع بين (صم) من الأمام و (عمي) من الخلف تشير إلى منطقة البيان في المخ بين مركز السمع من الأمام ومركز البصر من الخلف.
وإذا كان الصمم هو تعطيل السمع، والعمى هو تعطيل البصر، فيكون البكم هو تعطيل البيان.
ولأن الموصوفين بـ) صم بكم عمي (هم الكفار الذين يتمتعون بسمع جيد وبصر حاد ولسان مبين، فإن (صم) هنا تعني تعطيل عقل السماع و (عمى) تعني تعطيل عقل البصر، فتكون (بكم) آفة عقلية خاصة بعقل البيان.
وقدمت الآية 76 من سورة النحل دعماً لذلك:
) وضرب الله مثلاً رجلين أحدهما أبكم لا يقدر على شيء وهو كل على مولاه أينما يوجهه لا يأت بخير هل يستوي هو ومن يأمر بالعدل وهو على صراط مستقيم (.
إذن فكأن (بكم) تشير إلى منطقة البيان بين مركز السمع ومركز البصر في المخ.
ومعنى (بكم) واستخداماتها في القرآن يشير إلى وظيفة مركز البيان داخل المخ البشري.
ونتوقت هنا لنرسم ونحدد المناطق التي أشارت إليها الآيات الخاصة بالسمع والبصر والبيان وبعدها نسأل هل المناطق العقلية العليا في مخ الإنسان تقتصر على السمع والبصر والبيان وما يتعلق بهم من ذاكرة؟.
http://www9.0zz0.com/2008/10/04/14/896640528.jpg (http://www.0zz0.com)
ـ[غازي عوض العتيبي]ــــــــ[04 - 10 - 2008, 08:14 م]ـ
بارك الله فيك، ووفقك، وسدد خطاك.
ـ[الأديب اللبيب]ــــــــ[06 - 10 - 2008, 12:14 م]ـ
بارك الله فيك، ووفقك، وسدد خطاك.
وبارك فيك أخي.