تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[صاحب الأسمال قصة قصيرة بقلم صديق]

ـ[مثنى كاظم صادق]ــــــــ[14 - 07 - 2007, 12:28 م]ـ

صاحب الأسمال .. قصة قصيرة

جوزيف حنا يشوع

من عمق الصحراء .. بان بأسماله التي فتَّتها حين كانت ملابساً شمس الصحراء المشتعلة أبداً .. والرمال الحارقة شقّت وشققّتْ أخاديد وصدوع في بوعيه .. وكوعيه .. وشفتيه. وتسلق العتبة .. ورسم خطوته الحقيقية ـ ولكنها ليست الأولى ـ الى الفناء الداخلي للجنائن، حيث لم يكن أهلها بعد على علم أنهم بنوا أعجوبة الإنسان الثامنة، وإعجازا سيلهي من بعدهم قروناً مفكرين ومحاولين ومحللين أنْ (كيف يا ترى اخرج أولئك هذه من العدم). لم يمضِ شهر وبضعة أيام حتى بلسم عصير تين الجنائن قروحه والصد وع في بوعيه .. وكوعيه .. وشفتيه، ومحتْ مياه الفرات ـ في وقت كان الرب قد أنهى صنعها لتوه ـ الكآبة من محياه وأعادت البريق إلى شعره ووجنتيه الخمريتين ولمعاناً .. ولم يؤثر أهل الجنائن الطيبون عليه بستاناً أو حقلاً أو خميلةً يتفيأ ضلها .. وأحبوه حتى أنهم علموه كيف يتسلق النخلة الشامخة ويقضم ثمرها وعلموه كيف يلوك ثمرها ويدع عسله يسري العافية والسعادة في شرايينه لينفخها بالطمأنينة ويحصنها ضد قفر الصحراء إذا ما رماه فيها قدره مرة أخرى .. وإنّ أحداً لم يعلم حتى الساعة لمَ مالت النخلة الشامخة برأسها ارضاً وماتت (ذلك أنها انتحرت بعد ان جرحت رائحة قدميه كبرياءها العنيد). ولم يمضِ شهر وبضعة أيام وظفر برضي الحاكم في توددا ته إليه وأصبح خليله الأوحد وكليمه الذي يصدّق كل ما يرويه ويراويه له، حكى له عن جنائن وهمية خارج الجنائن وأنها تفوق الجنائن المعلقة، وأنّ الجنائن المعلقة يمكن جعلها أحلى مما هي عليه رغم أنها جنائن وليست جنة واحدة .. ونجحت لعبة (البلي ستيشن) واستطاع فريق السودان بكرة القدم ان يغلب البرازيل المتربعة على عرش العالم وحيث يربض عملاق (الماريكانا) الأعظم من بين ما يشبهه في الكون .. وعوَّج صاحب الأسماك المنطق .. وسفسَط منطقاً جديداً اعوراً جعل الحاكم يؤمن موقفاً ان السودان فريق قويّ بامكانه التغلب على جوع مواطني بلاده ويسحق ربيبة الجوهرة السوداء ذو الأسنان البيضاء (بيليه) لأن أسنان الرجل صناعية ولا يملك لاعبو فريق السودان مالاً لبناء أسنانهم فتراهم بأسنانهم الطبيعية .. وآمن الحاكم موقفاً بكل أغنيات صاحب الأسمال فصدق إن السماء مستوية .. وأنّ (الثور الإله ما زال يسند ـ صامداً ـ أرضنا سيدي الحاكم بقرنه الواحد لأنه يداعب دبر بقرته بالآخر دون ان يسمح للكون بالتمرجح أو التأرجح) .. وصدق أنّ (بينوكيو) اللعبة الخشبية من بلاد ايطاليا ما زال حياً يرزق وجعله أيضا يصدق ويؤمن موقناً أنه وحاشيته "أشرف من تمشي به قدم" وأيضا .. أنّ الماء في جنائنه المعلقة ـ حتماً ـ سينضب وتموت مجاريه وقنواته وتدوي عدنه وتلتهمها الصحراء فتشُكل الصحراء الكبرى كما تروي كتب الجغرافية للصفوف الثانوية في العصر الحديث! وأعجب الحاكم حين علمه أنه و حاشيته أحقُّ من سواهم بالخضرة المخضبة والمخضلة للجنائن. ولم يمضِ شهر وبضعة أيام .. وسلّ الحاكم لنفسه وحاشيته مسلته الجديدة بعد أن منحوا أنفسهم علامة موحدة .. تميزهم عن (من سواهم) .. وقالت المسلة التي نصبتْ في الميدان حيث يتجول ويستقر أيضا كل الشاذين جنسياً والذين عجزوا عن ان يغلّبوا سلبيات حواء (أمّنا) على ايجابياتها فأحبوا نسل آدم الذي يشبهه وحسب أنّ الحاكم وحاشيته يحصلون على كميات من الجني يجب ان تفوق الكميات التي ينالها (من سواهم) ولا بد ان لا تتساوى المدة من الزمن التي يمكن ان يتفيأها ـ تحت أشجار الكرز ـ الحاكم وحاشيته مع المدة التي يتفيأها (من سواهم) .. كما قسّمت القوانين في المسلة العصافير اعتماداً على ألوانها وأعطي كل فريق عصافير بألوان تختلف عن ألوان عصافير الفريق الآخر. ولم يمضِ شهر وبضعة أيام .. وانتخب (من سوى الحاكم وحاشيته) فريقاً علّه يوحد ارتفاع الكفتين يتزعمه (بيتر بان) بابلي لا يعطي ما يأخذ من الحاكم وحاشيته الفقراءَ، ولأن الملك وحاشيته فشلوا في القبض على (بيتر بان) البابلي، لذا فقد شرعوا يمحقون ـ خفاءاً ـ كل من لا يملك علامة الحاكم وحاشيته. وانتحى صاحب الأسماك جانباً متوسطاً تماماً المسافة بين الفريقين .. حيث انه محايد وليس من ذوي العلاقات ولا من اللذين بلا

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير