تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[المرأة في الشعر الجاهلي]

ـ[محمد سعد]ــــــــ[07 - 08 - 2007, 10:08 م]ـ

بدا الرجل في الجاهلية محباً للمرأة محترماً لها، مجلاً إيَّاها، مُعزاً لمكانتها، فقد افتتح كثيراً من القصائد بالحديث عنها، فهي أمه وأخته وزوجته ومحبوبته، قال دريد بن الصمة يرثي أخاه بهذا المطلع:

أرثَّ جديدُ الحبلِ من أم معبد= بواقعةٍ أمْ أخلفت كلَّ موعد

ويذكرها في الحرب كما فعل عنترة:

هلاَّ سألت الخيل يا ابنة مالك= إنْ كنت جاهلة بما لم تعلمي

يخبرك من شهد الوقيعة أنني= أغشى الوغى وأعف عند المغنم

وهو يحتفل بالزوجة الكريمة التي تتصف بالعفة والطهر. فهذا الشنفرى وهو من أبرزالشعراء الصعاليك يُعلي من شأن المرأة العربية. إذ إنها تمشي بوقار واحترام، ولا تكثر التَّلفُت، وتمتليء بالحياء وهي تسير مطرقة رأسها كأنها تبحث عن شيء مضيَّع، وتحفظ كرامة زوجها، ولا تتبع السقطات بل تتحدث بما يصونها ويصون مكانة زوجها في المجتمع فبقول:

لقد أعجبتني لا سقوطاً قناعها= إذا ما مشت ولا بذات تلفت

كأن لها في الارض نسياً تقصه= على أمها وإن تكلمك تبلت

أميمة لا يخزي نَثاها حليلها= إذ ذكر النسوان عفت وجلت

وقد أبدع الشعراء الجاهليون في تقديم صفات المرأة حتى كأنهم تنافسوا في ذلك، فهذا الأعشىٍ يشبهها بالدرة المشرقة وقد أتى بها غواص من منطقة دارين فيقول:

كأنها درة زهراء أخرجها= غواص دارين يخشى دونها الغرقاويقدم الأعشى كذلك صورة زاهية للمرأة ويبدع في تصويره لها فهي امرأة ذات وقار ولها مشية مهيبة فيقول:

كان مشيتها من بيت جارتها= مَرُّ السحابة لا ريث ولا عَجَلُ

ولم يكن الواحد يتورع عن الانتساب إلى الأم بل يفتخر بذلك فهذا سالم ابن دارة يعتز بذلك قائلاَ:

أنا ابن دارة معروفاً بها نسبي= وهل بدارة – ياللناس- من عار وقد وجدنا بعض القبائل تنتسب ‘لى الأم مثل: بُجيلة، وطهيَّة

وقد يظن بعض الناس ان عادة الوأد كانت منتشرة انتشارا كبيراً في العصر الجاهلي، مستشهدين بقول الله تعالى: " وإذا المؤدة سئلت، بأي ذنب قتلت" وبآيات أخرى في هذا السياق، وقد ثبت أنَّ قبائل قليلة ذكرها المفسرون هي التي كانت تقوم بهذه العادة المذمومة.

والأمر لا يقف عند هذا، بل وجدنا من الجاهليين من رفض هذه العادة وذمها، وقد عرف منهم اثنان هما: زيد بن عمرو بن نفيل، وصعصة بن ناجية، جد الفرزدق.

ـ[رؤبة بن العجاج]ــــــــ[07 - 08 - 2007, 10:31 م]ـ

موضوع ذو شجون ..

شكر الله لك جهدك فيه ...

واعذرني فقد كثُرت عليَّ المواضيع ولولا ذلك لوقفت ها هنا ..

لكني أعدك بعودة بإذن الله ...

حتى أنتهي من مرثية الوليد بن طريف ...

والسلام,,

ـ[زينب محمد]ــــــــ[08 - 08 - 2007, 01:21 ص]ـ

أحسنت ..

ماكنت أعرف من قبل أن العرب يحترمون المرأة ويجلونها، وقد ظننت ذلك عند العشاق وحدهم ..

ولقد راودني سؤال لحظة قراءتي حول عادتهم المشؤومة في وأد البنات فأتاني ردك شافيًا ..

جزاك الله خيرًا ..

ـ[محمد سعد]ــــــــ[08 - 08 - 2007, 03:22 ص]ـ

أشكرك أخي رؤبة على مرورك، بانتظار عودتك

ـ[محمد سعد]ــــــــ[08 - 08 - 2007, 03:23 ص]ـ

شكراً أخت زينب، أرجو أن أكون ألقيت الضوء ولو بشكل بسيط عن المرأة في العصر الجاهلي

ـ[أبوالركاب]ــــــــ[08 - 08 - 2007, 04:30 ص]ـ

موضوع شيق غفر الله لكاتبه ,

ولكن ألا ترى أن العرب أيضاً قد امتهنوا المرأة في شعرهم وجعلوها مجرد أداة للتلذذ.

خذ مثلاً أمير شعرائهم امرئ القيس في معلقته.

وخذ الأعشى في قوله:

يشفي غليل النفس لاهٍ بها ... حوراء تسبي نظر الناظر

وهناك الكثير و الكثير.

ليس هذا نقضاً لما ذكرتَ أخي الكريم.

ولكن لكيلا يظن ظان أن العرب في جاهليتهم كانوا منصفين دائماً في حق المرأة.

ـ[محمد سعد]ــــــــ[08 - 08 - 2007, 09:33 م]ـ

اخي أبا الركاب، الشعر الذي قيل في المرأة واحترامها كثير جداً يفوق ما قيل في امتهانها، ديوان عنترة وزهير من أكبر الشواهد على ذلك، كل الاحترام لرأيك. دمت بحب

ـ[محمد سعد]ــــــــ[09 - 08 - 2007, 03:24 ص]ـ

لم يكن هناك نظام اجتماعيٌّ قائم، وإن كانَهُ على نحو ما، ولا قانون وضعيٌّ صارم، ولا تعاليمُ دينية تحمي المرأةَ في الجاهليّة من عُدّوان نفسِها أوّلاً، ثمّ من تسلّط الرّجل المفرِطْ عليها آخراً: إلى أن جاء الله بالإسلام فقنّن علاقتها بالرجل، وجعلها سيّدة في مالها، ورفع من شأنها في المجتمع حين جعلها شقيقة الرجل، وحين جعل الجنّة تحت أقدامها - حين تغتدي أماً - وحين اشترط في صفة العشرة بينهما أن تكون بالمودّة والمعروف ....

ولكن على الرغم من الحقوق المادّية والمعنويّة التي قرّرها الإسلام للمرأة، فإنّه كان في الجاهليّة أعرافٌ وقيم تحفط للمرأة العربيّة شيئاً من حقوقها، وتحفظ لها شيئاً من كرامتها (ونقصد بذلك المرأة الحُرَّة؛ أمّا الأمَّةُ فظلّت حالُها على هَوْنٍ، ومكانتها على سوء، إلى أن تخلّصت الإنسانيّة من نظام الرِقِّ المَقِيت) فكان الرجل يعاشرها بشيء من المعروف، والمودّة، وربما الوفاء أيضاً ... وقد يدلّ على بعض ذلك هذه الوفرة الوافرة من الأشعار التي تتحدّث عن علاقات البعول بحليلاتهم، أمثال أقوالهم:

* ذريني للغنى أسْعى فإنّي ..... رأيْتُ الناسَ شرّهم الفقيرُ

*ِتلْك عِرْسي غَضْبَى تُرُيد زِيَالِي ..... اَلِبَيْنٍ تريد أم لِدَلال؟

* فإن تسألوني بالنساء فإنّني ..... بصيرٌ بأدواء النساء طبيبُ

* تِلك عِرْسَايَ تنطِقانِ عَلى عمْـ .... ــد، لي اليوم قَوْلَ زُورٍ وهتْرِ

إنّ طفوح الأشعار العربيّة القديمة - الجاهليّة خصوصاً- بذكر هذه المرأة، وإنّ التباري بين عامة الشعراء في وصف جمالها، وفي ذكر دلالها، وربما التغنّي بصفاتها الروحيّة الأخراة كما يمثل بعض ذلك في شعر عمرو بن كلثوم:

ظعائن من بني جشم بن بكر .... خَلَطْنَ بميسَمٍ حَسَباً ودِينا

لَدليلٌ خِرّيتٌ، وبُرْهان ساطعٌ، على سُمُو مكانة المرأة العربية في المجتمع الجاهلي بعامّة، وفي أَنْفُسُ الشعراء بخاصة.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير