[(النظامون) نص من النظرات للمنفلوطي]
ـ[أبو سهيل]ــــــــ[25 - 07 - 2007, 05:34 ص]ـ
النظّامون
(ما لهؤلاء النظّامين لا يهدؤون ساعة واحدة عن تصديع رؤوسنا، وتمزيق أفئدتنا بهذه الصواعق التي يمطرونها علينا كل يومٍ من سماء الصحف، حتى صرنا كلّما فتحنا صحيفة ورأينا في وسطها جدولاً أبيضَ مستطيلاً، تخيلناه حية رقطاء، ففزعنا وألقينا الصحيفة كما ألقاها الشاعر المتلمس، لينجو بنفسه ويسلم بحياته.
من لي بذلك القلم العريض الذي يكتب به كتّاب الصُّحف السياسية عناوين مقالتهم في معرض التهويل والتفخيم، فأكتب به إلى هؤلاء المساكين هذه الكلمات الآتية:
أيها القوم: إن علماء الضّاد الذين عرّفوا الشعر بأنه الكلام الموزون المقفّى، لم يكونوا شعراء ولا أدباء، ولا يعرفون من الشعر أكثر من إعرابه وبنائه واشتقاقه وتصريفه، وإنما جروا في ذلك التعريف مجرى علماء العروض الذين لا مناص لهم من أن يقفوا في تعريف الشّعر عند هذا القدر ما دام لا يتعلق لهم غرضٌ منه بغير أوزانه، وقوافيه، وعلله، وزخارفه.
لا تظنوا أن الشعر كما تظنون، وإلا لاستطاع كل قارئ، بل كل ناطق أن يكون شاعراً، لأنه لا يوجد في الناس من يعجزه تصوُّرُ النغمة الموسيقية والتوقيع عليها من أقصر طريق.
أيها القوم: ما الشعر إلا رُوح يودعها الله فطرة الإنسان من مبدأ نشأته، ولا تزال كامنة فيه كُمُون النار في الزند، حتى إذا شدا، فاضت على أسلات أقلامه كما تفيض الكهرباء على أسلاكها، فمن أحسَّ منكم بهذه الروح في نفسه، فليعلم أنه شاعر، أو لا، فليكفِ نفسه مؤونة لتخطيط والتسطير، وليصرفها إلى معاناة ما يلائم طبعه، ويناسب فطرته من أعمال الحياة.
فو الله المحراث في يد الفلاح، والقدوم في يد النجار، والمِسبر في يد الحدَّاد: أشرف، وأنفع من القلم في يد النَّظام.
فإن غَم عليكم الأمر، وأعجزكم أن تعلموا مكان تلك الروح الشعريّة من نفوسِكُم، فأعرضوا أنفسكم على من يرشِدُكم إليكم، ويدلكم عليكم، حتى تكونوا على بينة من أمرِكُم.)
وفي النفس حاجات وفيك فطانة: rolleyes:
دمتم موفقين
ـ[أحمد الغنام]ــــــــ[28 - 07 - 2007, 06:17 ص]ـ
بارك الله أخي ابو سهيل على هذه النصائح الذهبية، وجدير بكل من حدثته نفسه بالشعر أن يقرأها ...
ـ[أبو صالح الأزهري]ــــــــ[29 - 07 - 2007, 03:00 م]ـ
بارك الله فيك أبا سهيل وجعل ذلك في ميزان حسناتك
نعم الاختيار ونعم من اختار
تربت يمينك ودمت بخير فما أحوجنا إلى أن مثل هذا الكلام.