[حكم النسبة إلى القرآن (نسبة الأفعال - الأوصاف - الأساليب)]
ـ[أبو عبد الله ابن اليسر]ــــــــ[06 Sep 2009, 02:03 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
هذه أول مشاركة لي ..
ولذا اقتضت مني الاهتمام بهذا الموضوع المهم الذي
ألح علي منذ فترة ..
وقد أثاره أحد الأفاضل يومًا في ذهني دون تفصيل
وأخذ يلح علي يومًا إثر يوم ..
ومن نعمة الله علي
أن تمكنت من التسجيل في هذا الموقع المبارك ليحظى هذا الموضوع الملح باهتمام أهل الاختصاص .. جهابذة التفسير وعلوم القرآن
سؤالي أحسن الله إليكم ..
ما حكم النسبة إلى القرآن من حيث الجواز أوعدمه؟
مثل:
(تحدث القرآنُ/ يتحدث القرآنُ/ أوضح - وضح القرآنُ/ يوضح القرآنُ/ يبرز القرآنُ/ أبرز القرآنُ/ أثار القرآنُ/ يثير القرآنُ/ بينَ القرآنُ/ يبينُ القرآنُ/ ناقش القرآنُ/ يناقش القرآنُ/ يَلفِتُ القرآنُ، شنّع القرآنُ، وصف القرآنُ، تساءل القرآنُ/ يتساءل القرآنُ/ أعلن القرآنُ/ أشاد القرآنُ/ يشيد القرآنُ/ رسم القرآنُ/ يرسم القرآنُ/ أثنى القرآنُ/ مدح القرآنُ/ أراد القرآنُ/ يريد القرآنُ/ شبه القرآنُ/ يشبه القرآنُ/ استعار القرآنُ/ راعى القرآنُ/ اختار القرآنُ .. )
ونحوها ...
المطلوب: تحرير الموقف الشرعي من النسبة إلى القرآن ..
المسألة بحاجة إلى طرح إثرائي متضامن ..
لا تدخروا وسعًا أحسن الله إليكم ..
جزاكم الله خيرًا وشكر سعيكم ..
ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[06 Sep 2009, 07:26 م]ـ
أولاً: حياكم الله أخي الكريم أبا عبدالله بين إخوانك في ملتقى أهل التفسير، وأسأل الله أن يوفقك لنفع إخوانك والانتفاع بهم.
ثانياً: مشاركة في الإجابة عن سؤالك أخي الكريم عن حكم النسبة إلى القرآن بالألفاظ التي ذكرتم، يحضرني كلام العلامة الجليل ابن عطية الأندلسي في مقدمات تفسيره (المحرر الوجيز) 1/ 47 (الطبعة القطرية الثانية) [تجد نسختها الإلكترونية هنا ( http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?t=17246)] ، حيث خصص باباً مختصراً بعنوان:
باب في ألالفاظ التي يقتضي الإيجاز استعمالها في تفسير كتاب الله تعالى
قال فيه:
(اعلم أن القصد إلى إيجاز العبارة قد يسوق المتكلم في التفسير إلى أن يقول: خاطب الله بهذه الآية المؤمنين، وشرَّف الله بالذكر الرجل المؤمن من آل فرعون، وحكى الله تعالى عن أم موسى أنها قالت: قصيه، ووقف الله ذرية آدم على ربوبيته بقوله: (ألستُ بربكم)؟ ونحو هذا من إسناد أفعال إلى الله تعالى لم يأت إسنادها بتوقيف من الشرع.
وقد استعمل هذه الطريقة المفسرون والمحدثون والفقهاء، واستعملها أبو المعالي في الإرشاد، وذكر بعض الأصوليين أنه لا يجوز أن يقال: حكى الله، ولا ما جرى مجراه.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله (وهو ابن عطية): وهذا على تقرير هذه الصفة له، وثبوتها مستعملةً كسائر أوصافه تبارك وتعالى، وأما إذا استعمل ذلك في سياق الكلام، والمراد منه: حكت الآية أو اللفظ، فذلك استعمالٌ عربيٌ شائعٌ، وعليه مشى الناس، وأنا أتحفظ منه في هذا التعليق جهدي، لكنِّي قدمتُ هذا الباب لما عسى أن أقع فيه نادراً، واعتذاراً عمَّأ وقع فيه المفسرون من ذلك .... )
ثم أورد عدداً من شواهد الشعر تدل على استخدام العرب لهذا الأسلوب في التعبير.
وكأن ابن عطية بكلامه هذا يعتذر عن النسبة لله تعالى، ويرى أنها تخرج على النسبة إلى القرآن، وهي النسبة التي سألتم عنها يا أبا عبدالله في سؤالكم، فكأن ابن عطية يفتيك بجواز استخدامها مع التحفظ قدر الاستطاعة من ذلك.
ولو نظرنا في المحذور الشرعي من استعمال مثل هذه العبارات بقولنا: ذكر القرآن قصة أصحاب الجنة، وحكى الله في القرآن كذا ... لما ظهر لنا محذورٌ شرعي معتبرٌ يحملنا على تحريم هذا الاستعمال.
وإن كان قد نَقَلَ محققُ المحرر الوجيز عبارة نقلها عن أبي عبدالله محمد بن عباد في رسائله الكبرى، وهي قوله: (وقد رأيتُ في مواضع من كتبكم شيئاً أردتُ أن أنبهكم عليه، وهو أنكم تقولون فيها: حكى الله عن فلان، وحكى عن فلان كذا، وقد يقع مثل هذا في كلام الأئمة، وهذا عندي ليس بصواب من القول؛ لأن كلام الله تعالى صفة من صفاته، وصفاته تعالى قديمة، فإذا سمعنا الله تعالى يقول كلاماً عن موسى عليه السلام مثلاً، وعن فرعون، أو أمة من الأمم، فلا يقال: حكى عنهم كذا؛ لأن الحكاية تؤذن بتأخرها عن المحكي، وإنما يقال في مثل هذا: أخبر الله تعالى، أو أنبأ، أو كلام معناه هذا مما لا يفهم من مقتضاه تقدم ولا تأخر) أ. هـ.
ولعل كلام ابن عباد هنا يكون دليلاً على كراهة مثل هذا الاستعمال ربما.
ولعل النقاش بيننا في هذا الموضوع يدفع الزملاء إلى إيراد ما يرونه في هذه المسألة العلميَّة الطريفة، ولا تخلو كتب أهل العلم المتقدمين من كلام في هذه المسألة أو قريب منها، كما تعرض لها ابن عطية في كلامه الآنف، لعلنا نخرج بفائدة ساقها إلينا أخونا الكريم أبو عبدالله ابن اليسر بارك الله فيه.