تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

قصة الجمع الصوتي الأول للقرآن الكريم (رحلةٌ من القاهرة إلى المدينة النبوية)

ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[02 Nov 2009, 02:12 ص]ـ

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد .. فإن جهود العلماء في العناية بكتاب الله تعالى، لا تزال متواصلةً: حفظاً، وتفسيراً، وإقراءً، ودفاعاً ..

ومن أعظم ما سجله التاريخ في عناية العلماء بالقرآن الكريم ما ابتدأه الخليفة الراشد أبو بكر الصديق رضي الله عنه حين أشار عليه الخليفة الملهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه بجمع القرآن الكريم.

ويذكر العلماء أن جمع القرآن الكريم مر بثلاث مراحل:

1 - الجمع الأول في عهد النبي صلى الله عليه وسلم: وهو بمعنى حفظه في الصدور، وهو المذكور في قوله تعالى: (إن علينا جمعه وقرآنه).

2 - الجمع الثاني في عهد أبي بكر الصديق رضي الله عنه: وهو بمعنى جمعه من متفرق في مصحف واحد، وكان سبب هذا الجمع كثرة القتلى من حفاظ القرآن الكريم، وصاحب الفكرة هو الخليفة الراشد الملهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه.

3 - الجمع الثالث في عهد عثمان رضي الله عنه: وهو بمعنى توحيد المصاحف المختلفة ونشره وتوزيعه على الأمصار.

4 - ثم جاءت المرحلة الرابعة وهي: الجمع الصوتي للقرآن الكريم:

وهو من الجهود المباركة في هذا العصر، وكثيرٌ من الناس يظن أن تاريخ هذا المشروع قريبٌ، والحقيقة أن ذلك التاريخ يعود إلى خمسين سنة ماضيةً، حين كانت بداية المشروع هناك في القاهرة، في الجمعية العامة للمحافظة على القرآن الكريم، حيث تقدم بهذه بفكرة هذا المشروع الأستاذ لبيب السعيد (ولد سنة: 1914م ــ وتوفي سنة: 1988م) وقد ألف كتاباً في هذا المشروع أسماه (الجمع الصوتي الأول للقرآن الكريم) طبع في دار الكتاب العربي بالقاهرة سنة 1387هـ، وجدته في إحدى مكتبات عمان الأردن في إحدى الزيارات.

http://www.tafsir.net/vb/imagehosting/1314aeb575f2fb33.jpg أولاً: قصة المصحف المرتل في القاهرة:

وأحب أعرج في هذا المقال على تاريخ ذلك الجمع الصوتي الأول للقرآن الكريم، حفظاً لحق صاحب الفكرة، وشكراً لتلك الجهود التي بذلها في سبيل تحقيق هذا المشروع القيم، علماً بأنه ليس من أبناء الأزهر، وإنما أستاذ ومجتهد وفقه الله تعالى لخدمة كتابه، ويسر له ما كان عسيراً على غيره ..

= من هو لبيب السعيد:

من العجيب أنك لا تكاد تجد ترجمة للأستاذ لبيب السعيد، وكل ما يمكن أن يذكر ما يأتي (1):

• ولد في المنصورة بمصر في 8/ 12 / 1914م.

• كان يعمل في وزارة المالية المصرية.

• رأس الجمعية العامة للمحافظة على القرآن الكريم.

• عمل أستاذاً في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية حتى منتصف الثمانينات.

• له عدد من الكتب منها:

أ - الجمع الصوتي الأول للقرآن الكريم.

ب - المقارئ والقراء.

ت - الأذان والمؤذنون.

ث - رسم المصحف.

ج - التغني بالقرآن.

• له سلسلة (معارف قرآنية) سُجلت في إذاعة الرياض في السبعينيات.

• توفي رحمه الله في 22/ 1/1988م.

http://www.tafsir.net/vb/imagehosting/1314aeb583b09253.jpg

= بواعث هذا المشروع:

يقول الأستاذ لبيب السعيد: "وأعود إلى ما قبل إعلاني عن مشروع المصحف المرتل ببضع سنين لا أستطيع تحديدها بدقة. منذ يومئذ وأنا أحس أن جمع القرآن جمعاً صوتياً بكل قراءاته المتواترة والمشهورة أمرٌ يجب أن ينهض به أهل هذا الزمان.

وكنت أتابع، في المقارئ الكبيرة بالقاهرة، الممتازين من علماء القراءات، وكان يؤلمني أنه كان إذا مات منهم أستاذٌ حاذقٌ خَلَفَه أحياناً مَنْ لا يعدله أستاذيةً وحذقاً، وضاعت على المسلمين ـ إلى الأبد ـ مواهب الميّت لأنها لم تُسجَّلْ.

ما كان أعظم شعوري بالخسارة الفادحة المستمرة على مدى الزمن في القراء الذين يموتونّ! ذلك أن إنتاجهم ـ بطبيعته ـ غير إنتاج غيرهم من أصحاب العلوم والفنون، فهؤلاء يستطيع الواحد منهم ـ بفضل الكتابة ـ أن يواصل ـ بعد موته ـ الحياة في إنتاجه، أما أصحاب التراث الصوتي، وفي مقدمتهم القُرَّاء، فكان تراثهم يفنى بفنائهم، لأن العلم لم يكن اهتدى بعدُ إلى طرائق تسجيل هذا التراث. وحتى بعد الاهتداء، تأخر تسجيل المصحف أمداً غير قصير" (2).

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير