تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[(أزمة المنهج في الدراسات القرآنية الحديثة) بقلم: د محمد همام]

ـ[عبدالرحمن الشهري]ــــــــ[16 Nov 2009, 06:42 ص]ـ

هذه مقالة نقدية للكاتب المغربي الدكتور محمد همام حول كتاب الكاتب التونسي الأستاذ أحميدة النيفر "الإنسان والقرآن وجها لوجه" بعنوان (أزمة المنهج في الدراسات القرآنية الحديثة)، بعث بها لي الأستاذ محمد بن جماعة للاطلاع.

أزمة المنهج في الدراسات القرآنية الحديثة

بقلم: د محمد همام

انطلق الكاتب التونسي احميدة النيفر في كتابه "الإنسان والقرآن وجها لوجه" من مسلمة راسخة وصل إليها المفكرون العرب اليوم، بعد تيه طويل، وهي أن النص القرآني احتفظ بمكانة مرجعية في المنظومة الثقافية العربية رغم طبيعة التحولات التي عرفتها المجتمعات في علاقتها بالمقدس طيلة الفترة الحديثة. (ص14) كما نوه بدخول دراسات قرآنية جديدة إلى الساحة الفكرية من غير المختصين عادة في علم التفسير؛ وهي لأدباء ومهندسين وأطباء واجتماعيين ومتفلسفة ومختصين في علوم التربية واللسانيات ... وهم ليسوا بالضرورة من خريجي المعاهد الشرعية أو كليات أصول الدين.

ولكن النيفر انتقد علم التفسير في ذاته، باعتباره علما لا أصل له كما قال احمد بن حنبل ونقله السيوطي في الإتقان. والتفسير بنظر النيفر، وهو يسعى للوصول إلى مدلولات القرآن، يرتكز دائما على نظام فكري ونسق ثقافي؛ أي شبكة من الأفكار والقيم والتصورات والرموز، تمثل المرجع الأساس لهذا العلم، أو ما يمكن تسميته بقاعدة توازنه الداخلي، أو بمعنى آخر، فالتفاسير، بنظر النيفر، كانت توظف خلفية معرفية وشعورية من أجل الإقناع بالعقائد الدينية المصاغة في أسلوب دفاعي تواجه به ما يثار من أسئلة عن دلالات النصوص القرآنية.

والأدهى من ذلك، عند النيفر، أن هذا القاع الفكري التصوري قد سكنته رؤية مثالية تجعل المعاني والقيم مطلقة؛ أي لا تدركها إلا خارج سياق التاريخ بانفصال عن ملابسات الواقع. (ص17). والكشف عن هذه العناصر المعرفية والمفاهيمية والأسلوبية هو ما سعى الكتاب للإجابة عنه بدراسة منهج التفاسير القرآنية.

ومباشرة، ومن فكرة مسبقة راسخة من غير استدلال ولاعرض لمعطيات ودراسة لمنهج هذه التفاسير، يباغتنا السيد النيفر، بحكم قيمة هو نتيجة مضمرة منذ البدء، وهو أن هذه التفاسير، على تنوعها المذهبي، تحولت إلى ضرب من الترديد داخل إطار معرفي قار لتقدم المدلولات القرآنية في محاورها الكبرى على نفس البناء ونفس الرواية وكأنه وقع التوصل بهما إلى معنى كلام الله في صيغة مثلى (ص17 - 18). فوفق أي منهج توصل النيفر إلى هذا الحكم؟ وبناء على أية معرفة أو إطلاع؟ لا نظفر بجواب لذلك! مما يعني أن النيفر دخل موضوعه مستصحبا هو الآخر لمقولات ومسلمات، وحاملا لأحكام مسبقة تعوزها الأدلة، مما يعتبر خللا في المعرفة والمنهج، وهذا ما صاحبه طيلة الكتاب، مما سنقف عليه بعد عرض أفكاره وتصوراته!

فقد عرض مجموعة من التفاسير الحديثة، للالوسي والقنوجي والبيرختي وأطفيش، وهي في مجلدات ضخام، لم يكلف نفسه عناء فتح مقدماتها، مكتفيا في تقييمها بما استله من كتاب الفاضل بن عاشور "التفسير ورجاله" مع ما صاحب ذلك من ثغرات في المعلومات والترتيب التاريخي للأفكار والأشخاص. ومن خلال سرد لأسماء كتب التفسير وأصحابها المذكورين من غير إطلاع ولا بحث، يستنتج أن علم التفسير اليوم قد احترق؛ أي أن الجهود التفسيرية العصرية المكثفة لم تتمكن من تجاوز السمة المنهجية التي طبع بها المفسرون القدامى هذا العلم، برغم ما يجده في التفاسير الأربع المذكورة!! من آثار المعاصرة، في بعض ما يقع تناوله من مسائل، لكن هذه المعاصرة تبقى هامشية. (ص21). فما مفهوم المعاصرة الذي يقصده الباحث، وفي أي تفسير من التفاسير بالضبط وجد ذلك؟ أمور غير محددة لا منهجا ولا معرفة، مما يجعل النيفر، يحوم حول قضايا واستنتاجات يغلب عليها الإسقاط الذاتي، والتوهم الفكري، والهروب من رسم الخط المعرفي والمنهجي الواضح! إلا أن هذا لا ينقص من كتاب النيفر، من حيث قيمته المنهجية والنقدية؛ فالرجل بذل مجهودا كبيرا في المقارنة والتركيب مما لا تخطئه العين المنصفة. ومن هذه الأحكام والنتائج ينتقل الباحث إلى إثبات فكرة حملها معه إلى بحثه؛ وهي أنه يعسر العثور على الجديد في المستوى المعرفي

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير