تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[{ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين}]

ـ[ناصر_عزيز]ــــــــ[30 Oct 2009, 07:24 م]ـ

[{ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين}]

بعث الله رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ برسالة الإسلام ليزيل الشرك والظلام، وينشر الهدى والنور بين الناس، فيخرجهم من عبادة الأوثان والعباد إلى عبادة رب العباد، وأنهم لآدم وآدم من تراب {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}(الحجرات: من الآية13) وأن (لا فضل لعربي على عجمي إلا بالتقوى). فشقَّ الأمر على رؤوس الكفر في مكة، فكيف مع عبيدهم على سواء يكونون؟ وكيف بلا قيان يعيشون؟ ثم كيف يكونون سادةً إن لم يكونوا طغاةً وظلمةً يتجبرون

[{ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين}]

قال الله سبحانه: {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ}(لأنفال:30).

بعث الله رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ برسالة الإسلام ليزيل الشرك والظلام، وينشر الهدى والنور بين الناس، فيخرجهم من عبادة الأوثان والعباد إلى عبادة رب العباد، وأنهم لآدم وآدم من تراب {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}(الحجرات: من الآية13) وأن (لا فضل لعربي على عجمي إلا بالتقوى). فشقَّ الأمر على رؤوس الكفر في مكة، فكيف مع عبيدهم على سواء يكونون؟ وكيف بلا قيان يعيشون؟ ثم كيف يكونون سادةً إن لم يكونوا طغاةً وظلمةً يتجبرون، وعتاةً لا يرعوون؟ كيف وكيف؟ وهكذا أنكروا على رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ دعوة الحق على الرغم من إقامة الحجة عليهم بالتحدي الصريح لهم أن يأتوا بسورة من مثله فعجزوا، وعقلوا أنه ليس كلام بشر، بل هو من عند الله، إلا أنهم استكبروا، وعاندوا، وجمعوا مكرهم وكيدهم لرسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وصحبه رضوان الله عليهم، فعذبوهم، وقاطعوهم، وآذوهم، ولكنهم لم يفلحوا بصدّهم عن دعوة الحق بل ازداد المؤمنون إيماناً فوق إيمانهم، فاشتد أذى الكفار على المسلمين وازداد إلى أن استقر الأمر عند رؤوس الكفر أن يقرروا قتل رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم.

أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قصة اجتماع رؤوس الكفر في دار الندوة بمكة يتشاورون ما يصنعون برسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ للقضاء على دعوة الإسلام فقال بعضهم احبسوه في وثاق وقال آخر أخرجوه من بين أظهركم ... إلى أن قال أبو جهل: والله لأشيرن عليكم برأي ما أراكم أبصرتموه بعد، ما أرى غيره، قالوا ما هذا، قال تأخذون من كل قبيلة وسيطاً شاباً جلداً، ثم يعطى كل غلام منهم سيفاً صارماً، ثم يضربونه ضربة رجل واحد، فإذا قتلتموه تفرق دمه في القبائل كلها فلا أظن هذا الحي من بني هاشم يقدرون على حرب قريش كلهم وأنهم إذا رأوْا ذلك قبلوا العقل واسترحنا وقطعنا عنا أذاه ... فأتى جبريل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فأمره ألاَّ يبيت في مضجعه الذي كان يبيت، وأخبره بمكر القوم، فلم يبت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في بيته تلك الليلة، وأذن الله له عند ذلك في الخروج، وأنزل عليه بعد قدومه المدينة، يذكر نعمته عليه، الآية الكريمة} وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا { ... (لأنفال: من الآية30) وقد ذكر ابن هشام في سيرته نقلاً عن ابن إسحق من طريق ابن عباس نحو هذا.

} وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا { ... (لأنفال: من الآية30) المكر هو التدبير الخفي ضد الخصم أي من غير أن يعلم.

} لِيُثْبِتُوكَ { ... (لأنفال: من الآية30) أي ليحبسوك في وثاق.

إن القوم قد اجتمعوا يدبِّرون الخلاص من رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ودعوته وحرصوا أن لا يصل الخبر إلى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بما صنعوا، ولكن الله رد كيدهم في نحرهم، وأنبأ رسوله بمكرهم، ودبَّر الله لهم ما فيه ذلهم وهزيمتهم، وما فيه العز والنصر لرسول الله صلوات الله وسلامه عليه ولأصحابه رضوان الله عليهم. والله سبحانه هو خير من دبَّر لإزهاق الباطل ومحق الكافرين.

يتبيّن من هذه الآية الكريمة، وأسباب نزولها، الأمور التالية:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير